Al Araby Al Jadeed

لماذا يفشل اإلسالميون؟

- محمد أبو رمان

«ملــــــاذ­ا يــفــشــل اإلســــام­ــــيــــو­ن؟» تــقــتــر­ح هبة رؤوف عـــــــزت هـــــذا الـــــســ­ـــؤال، بـــعـــد تــجــربــ­ة اإلسـامـيـ­ن فــي الـحـكـم، بــديــا عــن الـسـؤال الـتـقـلـي­ـدي الــــذي طـغـى عـلـى دراســـــا­ت حقل «اإلســــــ­ــام الـــســـي­ـــاســـي» فــــي حــقــبــة مــــا قـبـل الـــربـــ­يـــع الـــعـــر­بـــي وفــــي ذروتــــــ­ـه، وكـــــان على الــنــقــ­يــض مـــن ذلــــك يـتـمـثـل بـــــ«ملــــاذا ينجح اإلسـامـيـ­ون؟». ومـا بن نجاح اإلسامين في املعارضة واالنتخابا­ت وفشلهم أو (كما يرغبون هـم بـالـقـول) إفشالهم فـي تجارب الحكم في مرحلة الربيع العربي، ثمة أسئلة وتــــســـ­ـاؤالت ونـــقـــا­شـــات وإشــــكــ­ــاالت عــديــدة هيمنت عـلـى أعـــمـــا­ل مـؤتـمـر مـهـم ونـوعـي عـقـدتـه جـامـعـة نــورثــوي­ــســتــرن مـــع جامعة واســيــدا فـي طـوكـيـو، فـي الــدوحــة قبل أيـام (بـــإدارة وتصميم مميز من خالد الحروب وعبدالله باعبود)، وشاركت فيه مجموعة مــــن الـــبـــا­حـــثـــن الـــــعــ­ـــرب، وتـــــنــ­ـــاول تـــجـــار­ب اإلســـامـ­ــيـــن فـــي مــصــر وتـــونـــ­س واملـــغــ­ـرب وليبيا ومصر والسودان واألردن وسورية والـيـمـن وعــمــان والخليج الـعـربـي عمومًا. نـتـائـج ومــاحــظـ­ـات عــديــدة يمكن الـخـروج بها من أوراق املؤتمر ونقاشاته، ولعل أهم ما أخذ حيزًا كبيرًا من املناقشة سؤال املنهج فـي دراســـة هــذه الـحـركـات، بوصفها حقا بحثيًا، وكانت إحدى املاحظات الرئيسية أننا أمام حاالت متباينة متعددة ومتنوعة من الضروري أال نضعها في حزمة واحدة، بـخـاصـة عـلـى صعيد الـسـيـاقـ­ات الوطنية

واملــجــت­ــمــعــيـ­ـة والــســيـ­ـاســيــة الـــخـــا­صـــة بكل دولـة من الــدول موضوع الـدراسـة. صحيح أن هنالك نقاط تشابه، كما سأشير الحقًا، لكن هنالك أيضًا سياقات وبنى سياسية ومـجـتـمـع­ـيـة وثــقــافـ­ـيــة مختلفة ومتباينة بن كل دولـة وأخــرى، تنعكس على طبيعة الحركة اإلسامية وتطورها وتحوالتها في هذا البلد أو ذاك. قــاد التعمق أكـثـر فـي النقاشات الباحثن املـشـاركـ­ن إلــى إعـــادة التفكير فــي األسئلة املطروحة (في األصل) بما يتعلق باإلسام السياسي وتـجـربـة الـحـكـم. مـــاذا لـو كانت، مــثــا، حــركــات وأحــــزاب غـيـر إسـامـيـة؛ هل كانت ستنجح؟ أم أننا أمام بنية سياسية – اجــتــمــ­اعــيــة - اقــتــصــ­اديــة تــجــعــل الـفـشـل أقـــــرب، فـــي املــــدى الـقـصـيـر، إلـــى تـجـربـة أي حركة أو حـزب سياسي – إسامي أو غير إســامــي يصل إلـــى السلطة، بمعنى أنـنـا، عربيًا، نعيش فـي دوامـــة ال تميز إساميًا عـــن غـــيـــره، فــفــي حـــالـــة مــثــل تـــونـــس كــانــت سـقـوف تـوقـعـات املجتمع مــن اإلسـامـيـ­ن بعد الـثـورة أكثر مـن قدرتهم على تحقيق نـتـائـج سـريـعـة فـــي آتــــون أزمـــــٍة اقـتـصـادي­ـٍة قاسية. في املقابل، يعتبر باحثون كثيرون أن االحتجاجات السودانية قد أطاحت حكم اإلسامين أنفسهم، خال ثاثة عقود، في السودان، بينما يرى صاح الزين، مثا، أن اإلسامين خسروا «معركة السردية»، وفي املــغــرب جـــاء اإلســامــ­يــون بـعـد الـيـسـاري­ـن، ولــــم يــتــغــي­ــر شــــيء فـــي الــــواقـ­ـــع الــســيــ­اســياالقت­صادي، وفي مصر دخلوا في مواجهة

مــع «املــؤســس­ــة الـعـسـكـر­يـة». وهــكــذا سنجد أن املـــشـــ­كـــلـــة قــــد تــــكــــ­ون أعــــمـــ­ـق مــــن مـــجـــرد تــأطــيــ­رهــا فـــي ســـــؤال اإلســــــ­ام الــســيــ­اســي، وإنــمــا تشمل الـسـيـاقـ­ات والـبـنـى الوطنية نــفــســه­ــا. دفــــع هــــذا وذاك إلــــى طــــرح ســـؤال مــفــهــو­م «الــــدولـ­ـــة الــعــمــ­يــقــة» ومــــا املـقـصـود بـــه فـــي الـــعـــا­لـــم الـــعـــر­بـــي؟ هـــل نـــتـــحـ­ــدث عن املؤسسة العسكرية، أم املؤسسة األمنية أم الجهاز البيروقراط­ي، أم النخبة السياسية - االقــتــص­ــاديــة الــتــي تـسـتـخـدم املـؤسـسـا­ت البيروقراط­ية، العسكرية واألمنية، وحتى املــدنــي­ــة لــصــالــ­حــهــا؟ أم األمـــــر يـخـتـلـف من دولة إلى أخرى؟، وما هي امليكانزما­ت التي تستخدمها الدولة العميقة إلحداث الثورة املـضـادة وحماية مصالحها؟ وهـل ترتبط املسألة بقدرة القيادات اإلسامية وكفاء تها فــي الـتـعـامـ­ل مــع هـــذه الـتـحـديـ­ات و«حـقـول األلغام»، أم أن األمر ال يجدي وال ينفع على املدى البعيد؟ وتتمثل املفارقة الطريفة التي نوقشت في املؤتمر في أن النموذج املغاربي من اإلسام السياسي طاملا نظر إليه بوصفه متقدمًا عــلــى الـــنـــم­ـــوذج املـــشـــ­رقـــي، وكـــانـــ­ت تــونــس واملــغــر­ب مضربًا للمثل فــي «البراغماتي­ة اإلســــــ­ـامـــــــ­يـــــــة»، فـــــــي تـــــــطـ­ــــــور الــــخـــ­ـطــــابــ­ــن، األيـديـول­ـوجـي والـسـيـاس­ـي، وفــي الواقعية السياسية، لكن النتيجة، في نهاية اليوم، كــانــت واحـــــدة، فــاإلســا­مــيــون التونسيون خسروا كثيرًا من الشارع، من جيل الشباب، وانتهى بهم املطاف قريبًا من زمائهم في «إخــــــوا­ن املـــغـــ­رب»، بـيـنـمـا خــســر إسـامـيـو

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar