Al Araby Al Jadeed

أكاذيب التطبيع العربية واإلسرائيل­ية

- نضال محمد وتد

ال شيء يبدو جليًا للعيان وواضحًا وضوح الشمس مثل أكاذيب التطبيع، العربية منها واإلسرائيل­ية. فقد ادعى املطبعون العرب، بدءًا من مصر السادات وحتى سودان البرهان، أن التطبيع يصب في خدمة الشعوب العربية وقضاياها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. لكن نظرة سريعة إلى الوراء منذ معاهدة كامب ديفيد املصرية وأوسلو الفلسطينية (هذه وحدها انفردت بتطبيع أمني عسكري تحت مسمى التنسيق األمني، حتى قبل اكتمال تحرير األرض وإقامة الدولة) ووادي عربة، وحتى اتفاقية التطبيع مع السودان، تثبت أن أيًا من الدول العربية التي أبرمت تحالفات واتفاقيات مع دولة االحتالل لم تخدم قضايا الوطنية وال القضية العربية األولى؛ قضية فلسطني، قيد أنملة. فمصر تحولت منذ اتفاقيات كامب ديفيد، ومثلها األردن الحقًا، إلى مجرد «دول محايدة» في أحسن الحاالت، من دون أن يكون لقرارها السياسي واتفاقيات السالم التي أبرمتها أي وزن حقيقي على القرار السياسي اإلسرائيلي. فال إسرائيل احترمت مطالب هذه الدولة أو توجهاتها وال حتى تهديداتها (على قلة األخيرة) أو زعلها، في أي مرحلة من املراحل. بل إن هاتني الدولتني وجدتا نفسيهما وقد تحولتا إلى مجرد وسيط، في أحسن الحاالت. بل كانتا وسيطًا ضاغطًا على القيادة الفلسطينية، لتقدم التنازل تلو التنازل، وكان آخر هذه «الوساطات الضاغطة» ما شهدته رام الله في األيام األخيرة بحضور رئيسي املخابرات املصرية، عباس كامل، واألردنية أحمد حسني. وإذا كان هذا غير كاف لتفنيد أكاذيب التطبيع العربي، فينبغي أن نذكر أن مصر واألردن تعرضتا، واألخيرة بشكل أشد، لتقريع من الحكومات اإلسرائيلي­ة املتعاقبة، وإدانات ملواقف اتخذها البلدان إلى جانب الشعب الفلسطيني، خصوصًا في ظل حاالت الغليان للشعوب العربية إزاء املمارسات اإلسرائيلي­ة وجرائم الحرب التي يرتكبها االحتالل في األراضي الفلسطينية املحتلة. أما في باب األكاذيب اإلسرائيلي­ة، فال حاجة لإلسهاب، فهي أشد وضوحًا وصالفة، بدءًا من الوعود بالتقدم نحو السالم مع الفلسطينين­ي، ونشر االزدهار واالستقرار في املنطقة وفق معادلة شمعون بيريز العنصرية: العقل اإلسرائيلي ومال الخليج وعمالة الدول الفقيرة. لكن حال الدول العربية وشعوبها يبني مدى كذب هذه املعادلة، وزيفها، مقابل معادلة حقيقة واحدة استفاد منها الطرفان اإلسرائيلي والعربي، وهي تثبيت أنظمة القمع العربية مقابل تثبيت االحتالل وغض الطرف عن تمدده وتغول مشروعه االستيطاني، من النهر إلى البحر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar