Al Araby Al Jadeed

أموال الجزائر المنهوبة

الممكن والصعب في رحلة استعادتها

- الجزائر ـ حمزة كحال

تتصدر األموال المنهوبة قائمة الملفات التي تشغل الرأي العام الجزائري، بعد الكشف عن ضخامة األرقام من جهة، وصعوبة استرجاعها من جهة أخرى

أعــــــــ­ــــادت تــــصــــ­ريــــحـــ­ـات الــــرئــ­ــيــــس الـــــجــ­ـــزائــــ­ـري عـــبـــد املـــجـــ­يـــد تـــبـــون حــــــول حـــجـــم األمــــــ­ـــــوال املـــنـــ­هـــوبـــة املـسـتـرج­ـعـة مـنـذ ،2019 سـنـة ســقــوط نظام عـــبـــد الــــعـــ­ـزيــــز بـــوتـــف­ـــلـــيــ­ـقـــة، بـــعـــث الـــســـج­ـــال والجدال حول حقيقة استرجاع األموال التي نهبها الكارتل املالي لنظام بوتفليقة، وحول مصير األمـوال املوجودة خارج البالد، التي ال تزال الجزائر تسابق الزمن السترجاعها في ظل تعقد املسار القانوني والقضائي. وكان تبون قد فجر قنبلتن بكشفه عن أرقام األموال واملمتلكات املنهوبة املسترجعة في أعـــقـــا­ب مــحــاكــ­مــات الــفــســ­اد الــتــي تعيشها الجزائر منذ ،2019 حيث أكد في ديسمبر/ كـانـون األول املــاضــي، اسـتـرجـاع 20 مليار دوالر مـــن األمــــــ­ـوال املـــنـــ­هـــوبـــة، وهــــو الــرقــم الـذي فجر جدال كبيرا في مواقع التواصل االجــتــم­ــاعــي وفـــي الــســاحـ­ـة الــســيــ­اســيــة. ثم عـاد الرئيس الجزائري ورمــى قنبلة ثانية مطلع يناير/كانون الثاني، بعد كشفه عن حـجـز 36 مـلـيـار دوالر كــانــت مـكـدسـة لـدى عائلة نافذة في الكارتل املالي، وهـو الرقم الـــذي خـلـف مـوجـة مــن الــجــدل فــي الـجـزائـر وخـارجـهـا، وأعـــاد توجيه بوصلة الـشـارع الـــجـــز­ائـــري نــحــو مــلــف اســـتـــر­جـــاع األمـــــو­ال املـــنـــ­هـــوبـــة، الـــــذي جــعــلــه الـــرئـــ­يـــس الــعــنــ­وان األبرز لعهدة الرئاسية الحالية. وبعملية حسابية بسيطة، نجد أن قيمة مـا استرجعته الجزائر مـؤخـرا المست 56 مليار دوالر، وهو رقم قسم الرأي العام بن قابل ومرحب بمجهودات الدولة الجزائرية،

ٍٍ وبن متحفظ لضخامة األرقـام، بالرغم من التقديرات الرسمية السابقة التي كشفت ان حجم األموال املنهوبة فاق 100 مليار دوالر طيلة فترة حكم بوتفليقة 1999( - .)2019 وفــــــي الـــســـي­ـــاق أكــــــد شـــعـــبـ­ــان زروق مــديــر ديـــــــو­ان رئــــاســ­ــة الـــحـــك­ـــومـــة ســابـــقـ­ــا أنـــــه «ال يـــمـــكـ­ــن ألي جــــاحـــ­ـد أن يـــتـــجـ­ــاهـــل اإلرادة السياسية والـجـهـود الكبرى التي بذلتها الــــدولـ­ـــة مــــن أجـــــل فـــتـــح مـــلـــف الـــفـــس­ـــاد عـلـى مـصـراعـيـ­ه والــقــيـ­ـام بـاملـتـاب­ـعـات القانونية ضــد املـفـسـدي­ـن، ومــن جهة أخـــرى ال بــد من التنويه بالعمل القضائي الــهــام». وتـابـع: «صرحت السلطات السياسية بـأن القيمة املــــالـ­ـــيــــة لـــــألمـ­ــــوال املـــســـ­تـــرجـــع­ـــة بـــاخـــت­ـــالف طبيعتها قد بلغت ما يربو على 20 مليار دوالر في املرحلة األولى وهو رقم يجب أن نشيد بــه مهما كـانـت اآلراء حــولــه، األكـيـد هناك مسعى ملحاربة الفساد املـالـي يجب

أن يمتد إلـــى الـفـسـاد املـعـنـوي الـــذي طــاول الــذاكــر­ة الجماعية، خاصة املتعلقة بثورة الـــجـــز­ائـــر، إذ إن فـــي عــهــد بـوتـفـلـي­ـقـة، تمت إعــادة االعتبار لبعض الحركى (الخونة)، آبـاء بعض املسؤولن الكبار، الذين نهبوا أموال الجزائرين». وفي ما يتعلق باألموال املهربة خــارج الجزائر، أضــاف زروق الذي سبق وأن شغل منصب قاض في تصريح لـ «العربي الجديد» أنه « يتعن على الجزائر سلوك واحـد من طريقن ال ثالث لهما، إما التوجه للدول املعنية باألحكام القضائية بالصيغة التنفيذية، وفـــي حـالـة رفضها، تقوم الدولة الجزائرية برفع دعوى قضائية لـدى الجهات املختصة في البلدان املعنية للتبليغ عـن األمــــوا­ل املـهـربـة وحـجـزهـا. إال أن املـعـضـلـ­ة فـــي مــجــال اســتــرجـ­ـاع االمــــوا­ل املـــنـــ­هـــوبـــة مــــن الــــخـــ­ـارج تــكــمــن فــــي أن هـــذا اإلجـــراء قضائي محض ال دخــل للسلطات السياسية فيه خاصة في البلدان الغربية حيث القضاء يتبوأ مكانة مرموقة تكمن في استقالليته تجاه السلطة التنفيذية». ومع عودة قضية استرجاع األموال املنهوبة لتصدر واجهة األحــداث في الجزائر خالل األيــــــ­ام األخــــيـ­ـــرة، عـــــادت الـــتـــس­ـــاؤالت حــول مصير األمـــــو­ال املـنـهـوب­ـة املـــوجــ­ـودة خــارج الجزائر، وحول إمكانية استعادتها خاصة وأن مـــا تـــم اســتــرجـ­ـاعــه مـــن أمـــــوال كـــان في الـــجـــز­ائـــر فـــقـــط. ورغـــــم وجـــــود تـــرســـا­نـــة من القوانن التي تسمح للجزائر بإطالق مسار استرجاع األموال املنهوبة، يستبعد الخبير االقتصادي جمال نور الدين استرجاع هذه األمـــوال خــالل الـسـنـوات املقبلة، إذ يــرى أن «الطريق القضائي والقانوني طويل، وأن الـــدول التي تربطها مـع الجزائر اتفاقيات فــي هـــذا الــشــأن ال يـمـكـن أن تـسـحـب أمـــوال املــســؤو­لــن الــجــزائ­ــريــن املـــودعـ­ــة لـديـهـا إال

بملف قـضـائـي ثـقـيـل». ويــدعــو جــمــال نـور الدين في حديثه مع «العربي الجديد» إلى «إيـــجـــا­د ســبــل أخــــرى الســـتـــ­رجـــاع األمـــــو­ال، مـنـهـا الـــوصـــ­ول إلـــى تـسـويـة مـــع املـتـهـمـ­ن، مــقــابــ­ل إعــــــاد­ة األمــــــ­وال املـــنـــ­هـــوبـــة»، مـشـيـرا إلـــــى صـــعـــوب­ـــة تـــتـــبـ­ــع مــــســــ­ار هـــــذه األمــــــ­ـوال املـــنـــ­هـــوبـــة، خــــاصـــ­ـة إذا تــــم تــهــريــ­بــهــا إلـــى مناطق ودول املـــالذا­ت الضريبية. وحسب الــخــبــ­يــر الـــجـــز­ائـــري فــــإن «الــتــحــ­قــيــقــا­ت في

جرائم الفساد ستطاول مدتها، ألن الجرائم االقتصادية متعلقة بالصفقات العمومية واملـــبــ­ـالـــغ املـــالــ­ـيـــة الــضــخــ­مــة، وهـــــذا يـحـتـاج لــخــبــر­ات اقــتــصــ­اديــة وتـقـنـيـة طـويـلـة حـول املشاريع املنجزة، أغلب األموال املنهوبة تم تهريبها للخارج، واسترجاعها يحتاج أوال إلى تحديد حجمها والدول املوجهة إليها، إذ ال يمكن أن نجري وراء شيء ال نعرف ما هـو». وفي رده على سـؤال بخصوص املدة

قيمة ما استرجعته الجزائر أخيرًا المست 56 مليار دوالر

الزمنية التي ستستغرقها العملية، يتوقع جـمـال نـــور الــديــن أن «يـسـتـغـرق اسـتـرجـاع األموال وقتا طويال، على اعتبار أن العملية تمر عبر عدة مراحل وعدة جهات، بداية من اإلجراءات القضائية والدبلوماس­ية، والتي تشمل املنظمات املالية املختصة في البحث عن مراكز األموال، لنصل إلى مرحلة إعادة األمـــــو­ال، وهـــو مــا قــد يـسـتـغـرق بــني عامني وخمسة أعوام وربما أكثر».

 ?? ??
 ?? (بالل بنسالم/ فرانس برس) ?? خالل التحركات ضد الفساد في الجزائر
(بالل بنسالم/ فرانس برس) خالل التحركات ضد الفساد في الجزائر

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar