Al Araby Al Jadeed

إيران... من أصفهان إلى البوكمال

- عمار ديوب

لم تنته املناورات العسكرية بني إسرائيل والواليات املتحدة في 27 الشهر املاضي (يــــنــــ­ايــــر/ كــــانـــ­ـون الــــثـــ­ـانــــي) فــــي الـــنـــق­ـــب، حتى تلتها عملية عسكرية باملسيرات (الدرون) داخل إيران، واستهدفت مصنعًا للتصنيع العسكري، ال سيما املسيرات. وبعد أيام، تم تدمير أكثر من 22 شاحنة عـــلـــى الـــــحــ­ـــدود مــــع الـــــعــ­ـــراق فــــي مـنـطـقـة الـــبـــو­كـــمـــال الــــســـ­ـوريــــة، وتـــتـــب­ـــع لــلــحــر­س الثوري اإليراني. االستنتاج املباشر هنا أن من قصف معمل أصفهان هو من دمر الـشـاحـنـ­ات. الــرســال­ــة هـنـا أن عـلـى إيـــران إعـــادة التفكير بتحالفها مـع روسـيـا في أوكرانيا، وتوريد املسيرات إليها، والتي سـاعـدت جيش الـرئـيـس الــروســي بوتني على الصمود في وجه الجيش األوكراني، وبالضد من السالح الغربي. تــــعــــ­اظــــمـــ­ـت مــــشــــ­كــــالت إيــــــــ­ــــران مــــــع إدارة بــايــدن فــي الـسـنـوات األخــيــر­ة، وهــي إدارة ديمقراطية، وكانت اآلمال اإليرانية كبيرة تـجـاهـهـا بـــأن تــعــود إلـــى االتـــفــ­ـاق الــنــووي الـــــذي وقـــــعــ­ـــه الـــرئـــ­يـــس األمـــيــ­ـركـــي أوبـــامــ­ـا ،2015 وأبـطـلـه تــرامــب .2018 تصريحات اإلدارة الحالية تفيد بــأن االتـفـاق انتهى، وربـــــمـ­ــــا هــــــذا مــــا دفــــــع إيــــــــ­ران إلــــــى تــعــزيــ­ز عــالقــات­ــهــا مـــع الــــــرو­س، ووصـــلـــ­ت، أخـــيـــرًا، إلــــى ربــــط أنـظـمـتـه­ـمـا املــصــرف­ــيــة ملـواجـهـة العقوبات األميركية. وتفيد هذه التطورات ـــــ «املـــشـــ­كـــالت» بــــأن اتـــجـــا­ه الـــعـــا­لقـــات بني واشـنـطـن وطــهــران يتجه نحو التصعيد. وزاد األمر سوءًا احتمال تصنيف االتحاد األوروبي الحرس الثوري اإليراني منظمة إرهابية، وتـشـددت خزانة املــال األميركية ضد أي عالقات مالية مع إيـران، وضد أي عالقات مع النظام السوري وروسيا أيضًا. وقد زار وفد منها املنطقة، لتحذير دولها مــن الـتـعـامـ­ل مــع إيــــران وروســـيــ­ـا والـنـظـام الــــــسـ­ـــــوري، وخــــفـــ­ـضــــت أمــــيـــ­ـركــــا مــــن كـمـيـة الدوالرات للحكومة العراقية بنسبة .%75 تأتي التطورات أعاله على خلفية تقارير صــحــافــ­يــة أكــــــدت أن إيــــــرا­ن تـــســـار­ع إلــى تعبيد طــريــق بــــري مــن إيــــران ووصــــوال إلــــى لــبــنــا­ن، وإلــــى الـــالذقـ­ــيـــة فـــي ســوريــة والوصول إلى البحر املتوسط، ولم تقبل تجاهل دورها في سورية ضمن مجريات التطبيع بــني تـركـيـا والــنــظـ­ـام الــســوري، فـفـرضـت وجـــودهــ­ـا عـبـر تـــدخـــل مـبـاشـر، وزيـــــــ­ـارات أداهــــــ­ـا وزيـــــر خــارجــيـ­ـتــهــا إلــى كــل مــن دمـشـق وأنــقــرة، وكــانــت النتيجة موافقة تركيا، التي لم تصل إلى اتفاقية مرضية مع أميركا وتضييق الخالفات بينهما، أخــيــرًا، وروســيــا على إشراكها فــي الـتـطـبـي­ـع، ولــكــن ذلـــك خــفــف مــن قــوة تلك املــجــري­ــات. ليست مشكلة إيـــران في وجـــودهــ­ـا فـــي ســـوريـــ­ة ولــبــنــ­ان والـــعـــ­راق والــــيــ­ــمــــن، بـــــل فـــــي دورهــــــ­ـــا الــــحـــ­ـالــــي فــي أوكرانيا، وهو بالضبط ما أثار حفيظة كـل مـن أميركا واالتــحــ­اد األوروبـــ­ـي، وقد تخسر ما حققته في املنطقة من هيمنة منذ حرب أميركا على العراق في .2003 وبعد ذلـك التاريخ، اشتد حضورها في املـنـطـقـ­ة الــعــربـ­ـيــة، وربــمــا هـــذا الـحـضـور الـــكـــث­ـــيـــف دفـــعـــه­ـــا إلـــــى تـــقـــوي­ـــة مــواقــفـ­ـهــا فــي أثــنــاء الــتــفــ­اوض فــي املــلــف الــنــووي، وقـــد تـكـون مـوافـقـة أوبــامــا عـلـى االتـفـاق الـنـووي ،2015 ودعمه الـثـورات املضادة العربية، سببًا في تصلب مواقفها تلك. بعد حرب روسيا على أوكرانيا، لم تعد مشكلة أميركا الصني بشكل مباشر، رغم بـقـائـهـا خــطــرًا عــاملــيـ­ـًا أول، إذ أصـبـحـت محاصرة روسيا الهدف املباشر عامليًا، وبقصد إنهاء أطماع بوتني في أوكرانيا وســـواهــ­ـا. ضــمــن هـــذا الـــهـــد­ف، أصبحت أميركا، باعتبارها املهيمنة على العالم، تقيم تحالفاتها. وجــاء الخطأ اإليـرانـي فـــي هــــذا اإلطــــــ­ـار، إذ عــــــززت قـــيـــاد­ة هــذه الـدولـة عالقتها مع موسكو، وأيـضـًا، لم تهتم بكل التحذيرات السابقة من أميركا وإســرائــ­يــل، حتى وصــل األمـــر إلــى مقتل مهندس الوجود اإليراني في كل املنطقة، ونـقـصـد قــاســم سليماني ،2020 والـتـي كــانــت الـــرســـ­الـــة األبـــــر­ز إليـــــرا­ن بــضــرورة تـغـيـيـر شــكــل وجــــودهـ­ـــا، وضـــبـــط تــطــور تــرســانـ­ـتــهــا الــعــســ­كــريــة وفـــقـــًا لــلــشــر­وط األمـيـركـ­يـة، وبـمـا ال يستعدي بقية دول

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar