تونسية تطلق منصة رقمية لتعليم الصم
تنطلق في تونس قريبًا أول منصة رقمية لتعليم فــاقــدي الـسـمـع والـنـطـق، بـعـد أن أقصت املؤسسات التعليمية الحكومية نسبة كبيرة منهم، وأجبر بعضهم على االنضمام إلى نسب األمية، بسبب نقص الرعاية لهذه الفئة التي يزيد عددها عن 60 ألف تونسي. وتتولى إطالق املنصة التعليمية الخاصة بالصم والبكم، الباحثة الشابة فرح التونسي، واملنصة مــجــهــزة وفــقــًا لـلـمـنـاهـج الـتـعـلـيـمـيـة الـحـكـومـيـة، وتـــشـــمـــل أيـــضـــًا تـعـلـيـمـهـم لـــغـــة اإلشــــــــارة، بــهــدف مكافحة اإلقصاء املدرسي لهذه الفئة من املعوقني. تــقــول صـاحـبـة املـــشـــروع، الـحـاصـلـة عـلـى شـهـادة جامعية فـي اخـتـصـاص التحاليل البيولوجية، لــــ»الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، إن «فـــكـــرة إطـــــالق املـنـصـة تـــبـــلـــورت خــــالل عــــام ،2022 فـــي إطـــــار عــمــلــي في جمعية تهتم بتطوير مشاريع بيئية واجتماعية، مـا مكنني مـن الـقـيـام بمسوحات ميدانية داخـل مراكز الصم والبكم، واالقتراب من احتياجاتهم». وتوضح التونسي أن «املسح امليداني الذي قمت به لتحديد الحاجيات التعليمية لفاقدي السمع والـنـطـق كـشـف أن 95 فــي املــائــة منهم ينقطعون في مرحلة مبكرة عن التعليم، بينما ال يتجاوز 3 في املائة منهم الثانوية العامة، و2 في املائة فقط يصلون إلى املرحلة الجامعية. أغلب املستجوبني قـــــالـــــوا إنــــهــــم يـــنـــقـــطـــعـــون عـــــن الـــتـــعـــلـــيـــم بــســبــب صعوبات التواصل مع صحيحي السمع والنطق، إلـــــى جـــانـــب تـــعـــرضـــهـــم لــلــتــنــمــر، وهــــــذا الــتــســرب اإلرادي يزيد من هشاشة تلك الفئات، ويجعلها عــلــى هـــامـــش املــجــتــمــع، واملـــنـــصـــة ســتــســاعــد فـي إيــجــاد حـلـول تعليمية لـفـاقـدي السمع والنطق، وستوفر دروسًا تعليمية في مختلف املواد، وفقًا للمناهج التعليمية الحكومية، إلى جانب دروس فـــي لــغــة اإلشـــــارة يــقــدمــهــا مـــدربـــون مــحــتــرفــون». وتضيف الـتـونـسـي: «أتـطـلـع إلــى استيعاب 500 تلميذ مــن كــل املـسـتـويـات التعليمية فــي مرحلة األســـــاســـــي واإلعــــــــــــدادي خــــــالل املـــرحـــلـــة األولـــــــى، والــــتــــوســــع الحــــقــــًا لـــتـــشـــمـــل املــــرحــــلــــة الـــثـــانـــويـــة، ويـوفـر املـشـروع لفاقدي السمع والنطق الـتـدرب فــــي اخـــتـــصـــاصـــات تـــكـــنـــولـــوجـــيـــة، مـــثـــل تـصـمـيـم املواقع، وتطوير البرمجيات، وهي اختصاصات مــطــلــوبــة فـــي ســــوق الـــعـــمـــل، وتــســهــل انــدمــاجــهــم اجـتـمـاعـيـًا، فالتكنولوجيا تتيح حــلــوال إلدمـــاج ذوي االحتياجات الخاصة، وتطوير مهاراتهم، ومـــكـــافـــحـــة الــــتــــســــرب املـــــدرســـــي فـــــي صـــفـــوفـــهـــم، واملـــنـــصـــة ســتــقــدم إلــــى جـــانـــب الــــــــدروس، إحــاطــة نفسية للتالميذ واألولياء من أجل تعزيز ثقتهم فــي قــدراتــهــم». وحـــول تسهيل الـسـلـطـات املعنية تــفــاصــيــل حــصــولــهــا عـــلـــى الـــتـــراخـــيـــص الـــالزمـــة إلطـــــالق املــــشــــروع، أكـــــدت الــتــونــســي أنـــهـــا قــدمــت ملفًا متكامال لـــوزارة التربية مـن أجــل الحصول على املـوافـقـات الرسمية، لكنها لـن تؤخر إطـالق مشروعها، وستبدأ قريبًا في تقديم دروس الدعم لــهــذه الــفــئــة، مــشــيــرة إلـــى أنــهــا حــريــصــة عــلــى أال تتجاوز تكلفة التدريس الشهري لكل تلميذ 100 دينار (نحو 33 دوالرًا) من أجل تعميم االستفادة على كل فئات املجتمع. وأبـــــــرز الـــتـــقـــريـــر الـــوطـــنـــي حـــــول وضـــــع الــطــفــولــة فــي تــونــس، والـــصـــادر فــي سـنـة 2022 عــن وزارة األســرة واملـــرأة والطفولة وكـبـار الـسـن، أن حقوق اإلنـــــــــاث مـــــن ذوي االحــــتــــيــــاجــــات الــــخــــاصــــة فــي الـــدراســـة غـيـر مـكـفـولـة بــالــقــدر الــكــافــي، وأن هـذه الــفــئــة مـــهـــددة بــاألمــيــة، بـسـبـب عـــدم الـــقـــدرة على النفاذ إلى التعليم، ال سيما في املناطق الريفية الـتـي يصعب فيها إدمــــاج ذوي اإلعـــاقـــة. ويشير التقرير إلــى أن عــدد ذوي االحـتـيـاجـات الخاصة في املرحلة األولــى من التعليم األسـاسـي يقدر بـ 4439 شخصًا، وتحتضنهم 1564 مدرسة، ويمثل الـذكـور نحو الثلثني منهم، أي 2921 تلميذًا، في مقابل 1518 تلميذة، ويـقـر التقرير بعدم وجـود تكافؤ فـي فـرص التعليم بـني الجنسني مـن ذوي االحـــتـــيـــاجـــات الـــخـــاصـــة لـــعـــدم تــهــيــئــة املــــــدارس الدامجة وتجهيزها، وغياب توفير املستلزمات ملالءمة الفضاءات الحتضان هـؤالء التالميذ في املـــــدارس االبــتــدائــيــة واإلعــــداديــــة، ونــقــص تـأمـني الـدعـم البيداغوجي والـتـربـوي، وكــذا عـدم توفير املـــرافـــقـــة الـــخـــاصـــة بــــهــــؤالء األطـــــفـــــال، أو ضــمــان تــدريــب خـــاص للمتدخلني كــافــة، وحـــث املعلمني علـى استعمال شبكات املالحظة املتاحة. وخلص التقرير إلـى أن برنامج الدمج املـدرسـي لحاملي اإلعاقة ما زال يتطلب بذل مزيد من الجهد، وأنه لــم يــرتــق إلـــى االسـتـجـابـة ملتطلبات األطـــفـــال من ذوي االحتياجات الخاصة، أو تطلعات أوليائهم، وبـالـتـالـي ال يـوفـر الـحـد األدنـــى مـن حقوقهم في عملية الدمج.