هل تؤثر نتيجة رئاسيات تركيا على عالقات القاهرة وأنقرة؟
تترقب مصر نتيجة الرئاسيات التركية، المقررة في 28 مايو الحالي، وسط توقعات بعدم حصول تغييرات جذرية في العالقات بين البلدين
فتحت تصريحات وزيـر الخارجية املصري ســـامـــح شـــكـــري، والـــقـــائـــم بـــأعـــمـــال الــســفــارة الـتـركـيـة بــالــقــاهــرة، الـسـفـيـر صــالــح موطلو شـــن، بـشـأن االنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة التركية التي تنتظر جولة ثانية فـي 28 مـايـو/أيـار الــحــالــي بـــني الــرئــيــس رجـــب طـيـب أردوغـــــان ورئــــيــــس حـــــزب الـــشـــعـــب الـــجـــمـــهـــوري كــمــال كـــلـــجـــدار أوغـــلـــو لــحــســم الـــفـــائـــز بـــهـــا، الــبــاب لتساؤالت حول طبيعة العالقة بني البلدين فـــي املــرحــلــة املـقـبـلـة. وقــــال وزيــــر الـخـارجـيـة املــصــري، فـي تصريحات تلفزيونية، مساء أول مـــن األربــــعــــاء املــــاضــــي، إن «أي نتيجة ستأتي بمن يتحمل املسؤولية، وقــد تكون لـــــه ســــيــــاســــات ورؤى ال بـــــد مـــــن تـقـيـيـمـهـا والتفاعل معها»، مشيرًا إلى أن «عدم الثبات فـي السياسة شــيء طبيعي، ألن الـهـدف هو تحقيق املصلحة». مـــن جــهــتــه، شـــــدد الـــقـــائـــم بـــأعـــمـــال الــســفــارة التركية بالقاهرة، في تصريحات تلفزيونية، األحـــــــد املـــــاضـــــي، عـــلـــى أن «ســـيـــاســـة أنـــقـــرة الــخــارجــيــة لـــن تــتــأثــر بــنــتــائــج االنــتــخــابــات الـــرئـــاســـيـــة والـــبـــرملـــانـــيـــة»، مـــؤكـــدًا أن تـركـيـا «ستقوي العالقات مع دول الشرق األوسـط ملزيد من االستقرار والسالم والرخاء». ولفت إلـى أن «هـنـاك تـطـورًا كبيرًا فـي التعاون مع مصر في مجاالت عديدة، وكذلك العمل على ضمان أمن واستقرار ليبيا». واعــتــبــر أســـتـــاذ الــعــلــوم الــســيــاســيــة، محمد الــســعــيــد إدريـــــــس، فـــي حـــديـــث مـــع «الــعــربــي الجديد»، أن «مصر في حاجة إلى تنسيق مع الـقـوى اإلقليمية، وإلــى أن تحسن عالقاتها مــع الـجـانـب الــتــركــي». ولــفــت إلـــى أن «هـنـاك تـــحـــوالت مـهـمـة فـــي تــركــيــا، وأعــتــقــد أنـــه إذا خسر الرئيس التركي رجــب طيب أردوغـــان فــي جــولــة اإلعـــــادة فــي االنــتــخــابــات التركية ووصـــلـــت املـــعـــارضـــة إلــــى الـــحـــكـــم، فـسـيـكـون للحكومة الجديدة مواقف أكثر تقاربا وأكثر إرضــــــاء لـلـجـانـب املـــصـــري، خــصــوصــا فيما يتعلق بملف املـعـارضـة املـصـريـة املـوجـودة عــلــى األراضــــــي الــتــركــيــة، وقــضــايــا الــوجــود العسكري التركي في شمال سورية، والتدخل التركي في ليبيا، وغيرها من امللفات العالقة بــني مـصـر وتــركــيــا». ورأى أنـــه «إذا وصلت املـعـارضـة التركية إلــى الحكم بـقـيـادة كمال كلجدار أوغلو، فستحل أغلب هذه املشاكل». وأضاف إدريس: «أما في حالة تفوق أردوغان في جولة اإلعادة، فسنرى نسخة جديدة منه تتضمن مراجعة الكثير من سياساته، كما سيسعى إلـــى إرضــــاء الــشــارع الـتـركـي الــذي
لـــم يـعـد مـــؤيـــدًا لـلـسـيـاسـات الــخــارجــيــة لـــه»، مضيفا: «باملعنى األشمل، هناك تحوالت في الجانب التركي، تصب في صالح مصر». من جانبه، رأى الباحث السياسي املتخصص في العالقات الدولية وشـؤون الطاقة، خالد فــــؤاد أنـــه «مـــن املــتــوقــع أن يـسـتـمـر الــتــقــارب املــصــري الـتـركـي فــي الـتـقـدم بنفس الـوتـيـرة املـعـتـدلـة واالتـــجـــاه نـحـو تـحـسـني الـعـالقـات تدريجيا، في حالة فـوز أردوغـــان». وأضـاف في حديث مع «العربي الجديد»، أن «تركيا لديها تحديات اقتصادية هائلة، وبالتالي مـــن املــتــوقــع أن تـمـيـل الــســيــاســة الـخـارجـيـة التركية إلى شكل أكثر استقرارًا وهـدوءًا مع الـــدول األخـــرى». وتـابـع: «كــان لدينا شواهد فــي الـفـتـرات املـاضـيـة، متمثلة فــي الــزيــارات املتبادلة لوزيري خارجية الدولتني، وبعض الـقـرارات الخاصة لتسهيل دخـول املواطنني األتراك لزيارة مصر». لكن فؤاد استدرك: «مع ذلــك تبقى بعض املـلـفـات العالقة والحرجة الـــتـــي لــــن يـــتـــخـــذ بــشــأنــهــا قــــــــرارات ســريــعــة، كــاملــلــف الــلــيــبــي، الــــذي يـعـتـبـر أكــثــر املـلـفـات حــــاجــــة إلــــــى تــــفــــاوض جــــــاد بــــني الــجــانــبــني
عمار فايد: مصر ستكون أكثر راحة في حال خسارة أردوغان
للوصول إلى رؤية توافقية، ألن مصر تنظر إلى ملف ليبيا ضمن أمنها القومي، وتركيا تــحــاول تــأمــني مصالحها فــي منطقة شـرق املتوسط، من خالل الوجود في ليبيا. وهذا امللف تحديدًا لن يحل بشكل سريع حتى وإن أبدى الطرفان حسن النية للوصول إلى حل، وهـو األمـر نفسه الـذي ينطبق على الخالف حول ملف شرق املتوسط». وبـرأي فـؤاد، فإنه «بطبيعة الحال ستكون هــــنــــاك تــــغــــيــــرات كــــبــــيــــرة فـــــي الـــســـيـــاســـات الداخلية والخارجية التركية في حال فوز املــعــارضــة، ولــكــن هــنــاك تــصــور خــاطــئ، أن الـتـحـول فــي الـسـيـاسـات الـخـارجـيـة سيتم بشكل سريع». ولفت إلى أن «التغيير الذي يمكن أن يحدث فـي السياسات الخارجية الـــتـــركـــيـــة وعـــالقـــاتـــهـــا الـــدبـــلـــومـــاســـيـــة، لـن يكون بالسرعة املتخيلة، نظرًا الرتباطها بالتوازنات والتحالفات في املنطقة». أما املتخصص في العالقات الدولية بجامعة «إســـطـــنـــبـــول أيـــــــدن»، عـــمـــار فـــايـــد، فـــــرأى في حــديــث مــع «الــعــربــي الــجــديــد»، أن «الـجـانـب املصري سيكون أكثر راحة في حال خسارة أردوغـــــــــان، وهـــــذا األمـــــر لــيــس نـتـيـجـة تـوقـع الـتـغـيـيـر الـــجـــذري فـــي الــســيــاســات الـتـركـيـة، ولــكــن بـسـبـب الـخـلـفـيـات املـرتـبـطـة بـاملـوقـف املــــصــــري مــــن حـــكـــومـــة الــــعــــدالــــة والــتــنــمــيــة، وليس من السهولة طي هذه الصفحة حتى ولــو تـم تطبيع الـعـالقـات فـي الفترة املقبلة، وسيظل العدالة والتنمية، محسوبا على أنه الحزب الذي لديه توافق مع تيارات اإلسالم السياسي في املنطقة العربية».