أدب المنفى أم اللجوء؟
العالقة الجديدة الطارئة بين الالجئ والكاتب الكاتب في اللجوء لديه شكالن من المعاناة في التجربة، األولى هي تجربته ذاتها، والثانية هي تجربة شخصياته الُمتخيَّلة أو أبطال رواياته
اعــتــادت كـتـب النقد أن تسمي األدب الــذي يـكـتـبـه أولـــئـــك الـــذيـــن خـــرجـــوا مـــن بـلـدانـهـم قسرًا أو طوعا واختيارًا «أدب املنفى»، على الرغم من أن البشر أنفسهم كانوا يطلقون عــلــى أنــفــســهــم، أو كــــان اآلخــــــرون يـطـلـقـون عــلــيــهــم أســــمــــاء مـخـتـلـفـة تــعــكــس وجــهــات النظر في طبيعة خروجهم من بالدهم، أو شكل دخولهم إلـى حـدود بـالد أخـرى مثل: الالجئون، املنفيون، النازحون، املهاجرون، الــــوافــــدون. إلـــى آخــــر مـــا يـمـكـن أن تقترحه السياسة واللغة من أسماء. وفـــــي الـــغـــالـــب فـــقـــد كـــــان الـــتـــعـــبـــيـــر األدبـــــي يــمــيــل إلــــى اســــم املــنــفــى أكـــثـــر مـــن أي اســـم آخـــر، بفضل شـيـوعـه مــن جـهـة، وحموالته النفسية والفكرية التي تتضمن الحنني إلى الوطن، والتذكير بالقسر والقهر واإلرغــام الــذي تسبب في خــروج البشر من بالدهم.
واســتــعــادة ســـوريـــة، الــتــي شــهــدت خـروجـا هـــائـــال ألهــلــهــا مـــن بــيــوتــهــم فـــي الــســنــوات املاضية القليلة، روائـيـا، تبدو حتى اليوم مثقلة بـالـوجـع وأشــكــال الـقـهـر والتهجير الـــتـــي عـــانـــى مـنـهـا الــــســــوري فـــي الــســنــوات العشر املاضية، أو بــروح الـثـورة والرفض وتسجيل اللحظات التي عبرت فيها جموع مـــن بـيـنـهـم عـــن رغـبـتـهـا فـــي الــحــريــة، أكـثـر بكثير مـن لحظات الحنني، أو الـشـوق إلى األماكن األصلية التي خرج منها الروائي أو شخصياته الروائية. بــل يمكن الــقــول إن الـحـنـني، بـوصـفـه حالة شعورية ترافق املنفى واللجوء، أو البعد عن الوطن، ال يزال يفتقر إلى الحضور الكثيف فــي الـــروايـــة الــســوريــة املـكـتـوبـة فــي املنفى، ذلـــك أن الـــســـوري ال يـــزال فــي املـرحـلـة التي يعيش فيها الــوطــن فــي داخــلــه، فــاألحــداث التي وضعته في هذه التجربة ال تزال طرية وغــضــة وقــريــبــة. وهـــذا فــــارق نــوعــي، يـتـرك بصمته القوية على األدب الروائي املكتوب في املنفى عموما، ولهذا فإن إطالق تسمية أدب اللجوء، بدال من أدب املنفى على النتاج
يحتاُج الروائي إلى االنفصال عن ذاته المنفيّة أو الُمقتَلعة