Al Araby Al Jadeed

افتتاح «كاّن» بـ«جاّن دو باري» ممتع بصريًا وحكايته مخ َتزلة

في أول فيلم ناطق باللغة الفرنسية، يؤدي األميركي جوني ديب دور الملك لويس الخامس عشر، في فيلم لمايوين افتتح مهرجان «كان» الـ67

- كان ـ محمد هاشم عبد السالم

جــزئــيــ­ا، يــســرد «جـــــان دو بــــاري» لــــلــــ­فــــرنـــ­ـســــيـــ­ـة مــــــايـ­ـــــويـــ­ـــن، الـــفـــي­ـــلـــم الــــتـــ­ـاريــــخـ­ـــي الــــرومـ­ـــانــــس­ــــي الـــــذي افتتح الدورة الـ67 16( ـ 27 مايو/أيار )2023 ملهرجان «كـان» السينمائي (خـارج املسابقة الرئيسية)، قصة حياة الشابة جان فوبرنييه (مــايــويـ­ـن)، وتطلعاتها منذ والدتــهــ­ا كابنة غير شرعية لخياطة فقيرة، عـام .1743 رغم عدم إكمالها تعليمها، لتركها الدراسة باكرًا، والنتمائها إلــى الطبقة الـعـامـلـ­ة، ساندتها شخصيتها، الذكية والعنيدة والديناميك­ية والــلــعـ­ـوبــة، عــلــى تــســلــق الــســلــ­م االجـتـمـا­عـي واالرتــــ­ـقـــــاء. ســاحــهــ­ا جــمــالــ­هــا وجــاذبــي­ــتــهــا وسحرها كأنثى، وعهرها أيضا، للهروب من فقرها وبيئتها. ذات يـــوم، رغـــب عشيقها، الـكـونـت دو بــاري (ملفيل بوبود)، الذي أثرى بفضل مغامراتها الجنسية، واستغاله إياها أقصى استغال، في تقديمها إلى امللك. بعد محاوالت، تسنى له أن يفعل هذا. يتجاوز لقاؤها امللك لويس الـــــ51 (جــونــي ديـــب) كـــل تـوقـعـاتـ­ه، إذ تـحـول إلى حب من النظرة األولـى، وعاقة عاصفة، تطورت بسرعة وجنون. مــن خـــال هـــذه املـــومــ­ـس، يـجـد املــلــك نفسه، ويعشق الحياة، بعيدًا عن تعقيدات القصر ومـراسـم الـبـاط، الخانقة كلها، إلــى درجـة

ّّ أنـــه لــم يستطع الـعـيـش مــن دونــهــا، فـيـقـرر اتخاذها محظية مفضلة، وعشيقة رسمية. الفيلم، املستند إلى وقائع حقيقية، كتبته املــــخــ­ــرجــــة بـــــاالش­ـــــتــــ­ـراك مـــــع تــــيــــ­دي لـــوســـي موديست ونيكوالس ليفنتشي، ويتمحور حول العاق بني امللك وعشيقته، وما أثارته مـن لغط وتـذمـر فـي الـبـاط امللكي، خاصة بــعــد أن جـلـبـهـا املـــلـــ­ك إلــــى قــصــر فـــرســـا­ي، وإقامتها فيه، وهي ليست من النباء. هذا يتنافى وقــواعــد اللياقة واآلداب واملـراسـم املـلـكـيـ­ة. إنــهــا خــطــوة وصــفــت بالفضيحة، لعيش فتاة مـن الـشـارع فـي الـبـاط امللكي. فــي الــنــهــ­ايــة، مــع مـــرض املــلــك واحــتــضـ­ـاره، تتبدل حياتها مجددًا، على نحو لم يخطر ببالها، وتنتهى نهاية مأسوية، هي التي أصبحت آخر العشيقات الرسميات للملك. رغم أن األحــداث حقيقية، والفيلم تاريخي إلـــــى حــــد مـــــا، ويـــتـــن­ـــاول أحـــــد أشـــهـــر مــلــوك فرنسا، ال تستعرض العاقة املضطربة بني امللك الفرنسي والشعب، خاصة أنه مكث في الحكم 59 عاما، وهـذه أطـول فترة حكم في تاريخ فرنسا، بعد امللك لويس الــ41. املثير لــلــغــر­ابــة عــــدم تــطــرقــ­ه إلــــى أن لــويــس الـــــ51 ملقب بـ «العاشق»، ومات وهو غير محبوب ألســبــاب عـــدة، كاتهامه بـالـفـسـا­د، وإثــارتــ­ه جدل ومشكات كثيرة، خاصة مع الكنيسة، بسبب عاقاته وزيجاته وسلوكه ونزواته املستهجنة. الصادم دراميا، أن «جان دو باري» ال عاقة

استخدام خام الـ53 ملم لتحقيق أقصى استفادة سينمائية

لـه بهذه املـــادة الـدرامـيـ­ة الثرية لحياة امللك. فـقـط، اخــتــزل هــذا األخــيــر، واخــتــزل­ــت حياته الــعــريـ­ـضــة، بـعـاقـتـه بـــجـــان. حــتــى تفاصيل الـعـاقـة، عاطفيا وحسيا وإنـسـانـي­ـا، ليست مـنـسـوجـة، وال مــقــدمــ­ة بـعـمـق، وغـيـر مقنعة تـــمـــام­ـــا. إذ لـــيـــس هــــنــــ­اك تـــطـــوي­ـــر لــلــخــي­ــوط الدرامية بعد لقاء امللك بجان، واختياره لها، وال حتى للشخصيات، بأعماقها ودوافعها وهــواجــس­ــهــا ونـــزواتـ­ــهـــا. املــثــيـ­ـر لـانـتـبـا­ه أن العاقة الشائكة، واملـضـطـر­بـة غالبا، بينها وبــني أفـــراد الـبـاط املـلـكـي، وكراهيتهم لها، خــاصــة بــنــات املـــلـــ­ك، لـــم تــســتــغ­ــل جـــيـــدًا، ولــم تتطور أبدًا، لتصبح مشوقة ومثيرة، بحيث تقود الدراما إلى مناطق أعمق. هذا يدل على ضـعـف فــي كـتـابـة الـسـيـنـا­ريـو، رغـــم أنـــه كـان يـمـكـن، مــع بـعـض الـجـهـد والــحــرف­ــيــة، تقديم أفضل من ذلك بكثير. كـمـخـرجـة، اسـتـخـدمـ­ت مـايـويـن فــي تصوير «جـــــان دو بـــــاري» خــــام الــــــ53 مــلــم، لتحقيق أقصى استفادة سينمائية يمكن توفيرها، فــــي تـــقـــدي­ـــم جـــمـــال­ـــيـــات خـــالـــص­ـــة ومــخــتــ­لــفــة بـــصـــري­ـــا، تـــخـــدم األجــــــ­ـواء املـــقـــ­صـــودة لـلـقـرن الــــ81، وتـبـرز جماليات تلك الـفـتـرة. محاولة طموحة بالتأكيد، ساعدها حسن استغال أجـواء قصر فيرساي التاريخي وتوظيفها، حـيـث صـــــورت غـالـبـيـة األحــــــ­داث. هــنــا، يبرز مجهودها، ومجهود أفراد فريقها، والتكلفة اإلنتاجية الواضحة، التي أثمرت فيلما على قــدر كبير جــدًا مـن اإلقــنــا­ع، بصريا. كما أنـه ليس ثرثارًا، كطبيعة هذه األفام، والسينما الفرنسية عامة. «جـــــــان دو بـــــــار­ي» أول فــيــلــم نـــاطـــق بـالـلـغـة الفرنسية لجوني ديـــب، الـــذي لـم يـعـرف عنه إجـــادتــ­ـه الــلــغــ­ة الــفــرنـ­ـســيــة. الــحــكــ­م عــلــى مــدى تمكنه منها أم ال عائد إلى الفرنسيني، وأهل الـلـغـة الـفـرنـسـ­يـة والـنـاطـق­ـني بــهــا. لــكــن، نظرًا إلـــى اعــتــمــ­اد الـفـيـلـم عـلـى التمثيل والــصــور­ة والـصـمـت، أسـاســا، لـم يتطلب دوره التحدث دائـمـا، بـل توظيف الجسد وتعبيرات الوجه أكثر. من ناحية أخـرى، الفيلم عن جـان، التي لــم تـغـب عــن الـشـاشـة كـــل مــدتــه 116( دقيقة) تـقـريـبـا، ال عــن املــلــك. لـــذا، لــم يظهر ديـــب ولـم يتحدث كثيرا. ساعده هذا على إخفاء لكنته اإلنـــكــ­ـلـــيـــز­يـــة األمـــيــ­ـركـــيـــ­ة. يــمــكــن الــــقـــ­ـول إنـــهـــا مغامرة جريئة تحسب لــه، وللمخرجة التي راهنت عليه، ليس فقط لكونه أميركيا يؤدي دور أحد أهم ملوك فرنسا وأشهرهم، بل أيضا ألنــه توقف عن العمل منذ 3 أعـــوام، والحقته فضائح وقضايا ومحاكمات. مع هــذا، أداؤه متواضع جدًا. ربما ألن ال دور له تقريبا، فهو هـنـاك لخدمة شخصية جـــان، الـتـي اجتهدت مايوين، بعض الشيء، في تقديمها.

 ?? (الملف الصحافي) ?? «جان دو باري»: في بالط لويس الـ51 وفضائحه الجنسية
(الملف الصحافي) «جان دو باري»: في بالط لويس الـ51 وفضائحه الجنسية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar