Al Araby Al Jadeed

أمير الخراب... أيضًا وأيضًا

- حمور زيادة

«تكوين قـوات الدعم السريع، أفضل قـرار اتخذته في حياتي»... الرئيس السوداني السابق عمر البشير، مايو/ أيار 2017 *** بعد أقـل من عامي من تصريح الرئيس السابق، عمر البشير، في تخريج الدفعة الخامسة من قوات الدعم السريع، شارك قائد الدعم «الفريق» محمد حمدان دقلو في إسقاط نظام البشير. وبعد ثمانية أشهر من انقالب حميدتي على قائده السابق، وقـف حليفه الجديد وصديقه القديم رئيس املجلس العسكري ثم رئيس مجلس السيادة االنتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مخاطبًا قوات الدعم السريع قائال: «ال ينِكر تضحيات الدعم السريع في حماية السودان إال مكابر». لم يتعلم قائد الجيش من رأس الذئب الطائر، عمر البشير. تاجر اإلبل الذي جاء من مدينة الكفرة الليبية لينتقم ملقتل أقاربه صعد بسرعة إلى قمة السلطة. كان البشير يطلق عليه لقب «حمايتي»، تدليال للقب «حميدتي». أثبت الرجل أنه قادر على حماية النظام السابق. في العام ،2015 خاض «الدعم السريع» معركة قوز دنقو ضد قوات حركة العدل واملساواة املناوئة للنظام، وكبدها خسائر فادحة جعلتها على حافة التالشي. الحقًا، وصف حميدتي هذه املعركة بأنها «جديرة بأن تدرس في التاريخ الحديث واملعاهد العسكرية نسبة ألهميتها». رغـم ذلــك، عقد حميدتي في 2020 اتفاقية سالم باسم حكومة السودان مع عدة حركات مسلحة، منها حركة العدل واملساواة. وبموجب هذه االتفاقية، أصبح رئيس الحركة املهزومة وزيرًا للمالية. ال يتعامل قائد الدعم السريع مع التحالفات والعداوات إال باعتبارها عتبات صعود إلى مجده املــرام. قبل املشاركة في إسقاط نظام البشير بأشهر، صـرح الرجل بدعمه لترشح البشير للرئاسة. وتحدى الرافضي قائال «ترشح البشير فوق رأس أي أحد». وعندما اندلعت االحتجاجات ضد نظام البشير في ديسمبر/ كانون األول ،2018 وبحسب روايـة شقيق حميدتي عبد الرحيم دقلو، فإن شقيقه واجـه وزيـر الدفاع، وقال إن القمع الذي تواجه به التظاهرات السلمية «ظلم وخيانة للشعب». كان حميدتي قد سبق له االنقالب على حليفه الشيخ موسى هالل، أحد األسماء املهمة املطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة املشاركة في جرائم حرب في دارفور. ربما كان هالل، الذي أصبح مستشارًا للبشير، أحد العالمات التي اهتدى بها حميدتي في طموحه. من املمكن لرجل بدوي لم يتلق تعليمًا نظاميًا كافيًا، ولم ينخرط في أي عمل سياسي في حياته، أن يصل إلى قمة السلطة ببندقيته، لكن وجود هالل بالقرب من البشير يعيق طموح حميدتي، فأطاحه. ثم شارك في إطاحة البشير نفسه. عندها، بدا أن السلطة ستذهب إلى اثني من خصوم حميدتي، وزير الدفاع األسبق عوض بن عوف الذي قاد املجلس العسكري الطاحة البشير، ورئيس جهاز األمن األسبق صالح قوش الذي تمرد حميدتي على تبعية مليشياته له فجعل له البشير استقاللية وأتبعها ملكتبه الرئاسي مباشرة. في تصّرف سريع، أعلن حميدتي معارضته سلطة الرجلي. وانسحب بقواته من الخرطوم، ما عجل بسقوطهما وانتقال السلطة إلى صديقه القديم عبد الفتاح البرهان. فـورًا، رقى البرهان حليفه إلى رتبة فريق أول، وعينه نائبًا له في املجلس العسكري. أصبح التاجر القادم من الكفرة الليبية الرجل الثاني في الـدولـة. لكن سنوات السلطة املطلقة أفسدت ما بي الرجلي خـالل أربع سنوات فقط. البرهان، الذي وصف حميدتي في 2019 بالقول إن تغيير نظام البشير لم يكن ممكنًا لواله، ذهب إلى الحرب طالبًا رأس حليفه. أما حميدتي الذي ظل سنوات يشكو من مطالبة القوى السياسية بالحكم املدني، فقد أعلن الحرب من أجل إنهاء الحكم العسكري وتسليم السلطة لقوى مدنية.

ّّ تدخل حرب الخرطوم شهرها الثاني. ويحاول أمير الحرب املتمرس أن يقدم نفسه مقاتال مدافعًا عن الحرية ضد طمع العسكر في السلطة. تحولت لغة الرجل من البطش والتهديد، إلى الحديث عن الديمقراطي­ة والحكم املدني. ليست لديه مشكلة في تغيير جلده، فهو يحتاج هذا الخطاب كما كان يحتاج سابقًا لتمجيد نظام البشير. فكل شيء بالنسبة له هو عتبة يخطو فوقها في الطريق إلى السلطة. لكن الرجل الذي بدأ طريقه بالحرب، يخوض اآلن ما قد تكون حربه األخيرة التي ستحمله إلى منصب الرجل األول أو تخسف به إلى الجحيم، واالحتمال األخير يبدو األرجح.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar