Al Araby Al Jadeed

االنتخابات التركية تجدد أشواق العرب لل

- شريف هاللي

حظيت االنتخابات التركية بنسب كبيرة من النقاش واملتابعة والفضول في العالم الـــعـــر­بـــي، وكـــذلـــ­ك مـــن الــــدوائ­ــــر األوروبـــ­ـيــــة والغربية، أفرادا ودوال، وهي التي حظيت بأعلى نسبة للمشاركة، حيث وصلت إلى %88 ممن لهم الحق في التصويت. وكانت محط أنظار الجميع، مراقبني ومتابعني، حــتــى الــلــحــ­ظــات األخــــيـ­ـــرة لــنــتــا­ئــج الـــفـــر­ز، لتنتهي إلى جولة إعـادة للمرة األولـى في تاريخ تركيا، بني الرئيس أردوغان وزعيم حــزب الشعب الجمهوري كلجدار أوغلو. وربما كان املواطنون العرب األكثر فضوال فـــي مـــا يـتـعـلـق بــمــســا­ر نـتـائـجـه­ـا املـــؤثــ­ـرة على اإلقـلـيـم وعــاقــات تركيا فـي املنطقة، وبشكل خاص، كان العرب املقيمون داخل تــركــيــ­ا والـــســـ­وريـــون فـــي مـقـدمـتـه­ـم، حيث وجـــودهــ­ـم مــحــل النــتــقـ­ـاد دائــــم مـــن أحـــزاب الطاولة السداسية وقطاع من األتراك، إلى جانب أحزاب تتبنى توجها عنصريا لكل مــا يتعلق بـالـاجـئـ­ني الــســوري­ــني، ومنهم حزب النصر الذي لقنه األتراك درسا كبيرا بفشله في الحصول على وجود البرملان. وعـــنـــد­مـــا نــــقــــ­ارن تـــلـــك الـــتـــج­ـــربـــة بــمــيــر­اث االنــتــخ­ــابــات فـــي الــبــلــ­دان الــعــربـ­ـيــة، تظهر فـروق كثيرة تتعلق بتقاليد الديمقراطي­ة فــي تــركــيــ­ا، وشـكـلـيـة املــؤســس­ــات املـنـاظـر­ة لها فـي العالم العربي. فـي األولـــى تجربة راسخة، وأحزاب قوية تمتلك موارد مالية كــبــيــر­ة وقــــاعــ­ــدة اجــتــمــ­اعــيــة وجـمـاهـيـ­ريـة

مــــن الـــنـــا­خـــبـــني وأيـــديــ­ـولـــوجــ­ـيـــا واضـــحـــ­ة، وتـــبـــا­يـــنـــات فــــي الـــــــر­ؤى ملــســتــ­قــبــل تــركــيــ­ا، فــــي مـــقـــدم­ـــتـــهــ­ـا حـــــزب الــــعـــ­ـدالــــة والــتــنـ­ـمــيــة املحسوب على خلفية اإلســام السياسي، ولـكـنـهـا خلفية متصالحة إلـــى حــد كبير مع العلمانية، ال تجبر أحدا على لبس زي معني، أو شكل معني. فـــي تــركــيــ­ا نــــوع مـــن الــكــوزم­ــوبــولــ­يــتــانــ­يــة البشرية في ما يتعلق بامللبس الشخصي بالسيدات والــرجــا­ل، وليس مـن حـق أحد أن ينتقد أو يتنمر أو يـتـحـرش بــاآلخــر، وفي الوقت نفسه، هناك املــدارس الدينية ونـــظـــي­ـــراتـــه­ـــا املــــدنـ­ـــيــــة، واملــــــ­ــزاج املــحــاف­ــظ ملؤيدي حـزب العدالة والتنمية الحريص عــــلــــ­ى عــــاقـــ­ـة جــــيــــ­دة بـــمـــحـ­ــيـــطـــ­ه الـــعـــر­بـــي واإلســــا­مــــي واملـــؤمـ­ــن بـتـركـيـا الــقــويـ­ـة في محيطها اإلقـلـيـم­ـي والـــدولـ­ــي، كـمـا يهتم بــإقــامـ­ـة الــــتـــ­ـوازن فـــي عــاقــاتـ­ـه بــالــوال­يــات املتحدة والـغـرب وروسـيـا، رغـم عضويته فــي حـلـف الـنـاتـو. وهــنــاك مــؤيــدو الشعب الجمهوري الذي ال تقل حصته البرملانية عن %25 ونجح مرشحه في تحقيق %45 مــــن األصــــــ­ــــوات. وهــــنـــ­ـاك حـــريـــة لـــأحـــز­اب فــي الــدعــاي­ــة االنـتـخـا­بـيـة، حـيـث تستطيع رؤيـــــــ­ـة بـــــانــ­ـــورامـــ­ــا مـــخـــتـ­ــلـــفـــ­ة مـــــن الـــخـــي­ـــام املــــتــ­ــجــــاور­ة واملـــخــ­ـصـــصـــة لـــهـــا بـــمـــسـ­ــاواة، توزع دعاياتها، وتعلق الفتاتها الخاصة بها، ومن أعضائها من يرقص على أنغام املوسيقى، واألحزاب حرة تعقد تجمعاتها االنتخابية مع الجماهير كما تريد، ولها صحفها ومـواقـعـه­ـا اإللـكـتـر­ونـيـة. وسبق

أن فاز حزب الشعب بثاث مدن كبرى في 2019 ، وباب االنتخابات الرئاسية مفتوح لكل من يرى في نفسه القدرة على الترشح وطــــرح نـفـسـه عــلــى الــشــعــ­ب إذا اسـتـوفـى الــشــروط املـطـلـوب­ـة، وتستطيع املـعـارضـ­ة التنسيق بــني أحــزابــه­ــا، لتختار مرشحا مــعــبــر­ا عـنـهـا مـــن دون حــبــس قــادتــهـ­ـا أو أعـضـائـهـ­ا. حتى حــزب الـشـعـوب الــكــردي، رغم سجن رئيسه بحكم قضائي، استطاع الفوز بـ26 مقعدا، وينتقد ممثلو املعارضة الـحـزب الحاكم والـرئـيـس بشكل دائـــم من دون أن يتعرضوا ألذى. فــي الـجـانـب الــعــربـ­ـي، نـحـن أمـــام أكـثـر من نموذج، بني نظم تسيطر عليها املؤسسة الــعــســ­كــريــة، ودول مـلـكـيـة تـتـبـنـى نـظـامـا وراثــيــا، ودول تسيطر عليها الـصـراعـا­ت األهـــلــ­ـيـــة واملــلــي­ــشــيــات، وجـــديـــ­دهـــا أخــيــرا الــســودا­ن، وقبله اليمن وليبيا وسـوريـة، والجميع لديه مؤسسات كرتونية تحكم بـاسـم الـقـانـون والــدســت­ــور، واالنـتـخـ­ابـات مجرد شكل استلزمه الدستور للتجديد للرئيس الحالي، والنتيجة معروفة مسبقا عبر اختيار منافس بشكل ما من الرئيس نفسه، بينما تسيطر النخبة الحاكمة على اإلعـــام والـقـضـاء واملـجـالـ­س التشريعية. وفــي أوقـــات مضت، كــان الرئيس يرشحه أعــضــاء الــبــرمل­ــان املــــزور أيــضــا، ثــم عرضه مـــــنـــ­ــفـــــرد­ا عـــــلـــ­ــى االســـــت­ـــــفــــ­ـتـــــاء الــــشـــ­ـعــــبـــ­ـي، والـــدســ­ـتـــور عــلــى املـــقـــ­اس يـــجـــرى تـعـديـلـه وضــبــطــ­ه حــســب رغــبــة الـسـلـطـة الـقـائـمـ­ة، كــمــا حــــدث فـــي مــصــر وتـــونـــ­س وســـوريــ­ـة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar