المرشح الكردي... نجاح على القوائم الت
تنبع أهمية نتائج االنتخابات التركية من ثالثة أسباب مركبة، هي التالية: أولــــــهــــــا أنـــــهـــــا ســــتــــحــــدد وجــــهــــة تـــركـــيـــا املـــســـتـــقـــبـــلـــيـــة، ودورهـــــــــــــا فــــــي املـــــحـــــاور واالصـــطـــفـــافـــات الــســيــاســيــة اإلقــلــيــمــيــة والدولية. وثانيها أنها ستحدد إمكانية االستمرار في النظام الرئاسي أو العودة للبرملاني مع احتمال إزاحة حزب العدالة والتنمية مـن صـــدارة املشهد السياسي الـتـركـي، عـبـر املــعــارضــة، وبـشـكـل خـاص دور حزب الشعوب الديمقراطية، وحجم ثـــقـــلـــه ووزنـــــــــه فـــــي مــــعــــادلــــة الــــتــــوازنــــات البرملانية والتمثيل السياسي للتوزع الـجـغـرافـي الــكــردي فــي تـركـيـا، عـلـى أمـل إحـــــداث اخـــتـــراقـــات عـــديـــدة فـــي الـتـعـامـل مع مستقبل الكرد غير املوالني لألحزاب التركية الحاكمة. وثــالــثــهــا تــحــديــد دور تــركــيــا املــقــبــل في املـعـادلـة الـسـوريـة وسيطرتها املباشرة وغير املباشرة على األراضي السورية. وهـذه األسباب الثالثة تحمل تركيا إلى مـوقـع جـديـد فـي الــذكــرى املـئـويـة األولــى للجمهورية التركية. ومــــــع الــــفــــرز الـــســـيـــاســـي الـــــواضـــــح وفـــق التحالفات املتنافسة املــوجــودة، مـا بني «تـحـالـف الـجـمـهـور»، و«تـحـالـف األمـــة»، كأبرز كتلتني متواجهتني ومتنافستني على عدد مقاعد البرملان ورئاسة الدولة، دخل تحالف «الكدح والحرية» املشكل من حزب العمل اليساري الوطني، واليسار األخــــضــــر (وهــــــو مــمــثــل حـــــزب الــشــعــوب الــديــمــقــراطــيــة)، االنــتــخــابــات الـرئـاسـيـة، داعـمـًا كمال كلجدار أوغـلـو فـي مواجهة الــرئــيــس الــحــالــي رجـــب طـيـب أردوغـــــان، لكنه (تـحـالـف الــكــدح والـعـمـل) فشل في إيــــصــــال «أوغـــــلـــــو» إلـــــى رئــــاســــة الــــدولــــة. ويحصر أنصار هـذا التحالف نجاحهم فــــي تـــأجـــيـــل الـــحـــســـم لـــلـــرئـــيـــس الـــتـــركـــي الحالي أردوغان إلى الجولة الثانية، بعد توفيرهم قرابة 5 ماليني صوت، من أصل 24.5 مـلـيـون صـــوت، فـــاز بـهـا مرشحهم «أوغـــلـــو»، دون النظر للتراجع الخطير فــــي الـــتـــمـــثـــيـــل الــــبــــرملــــانــــي، وخـــســـارتـــهـــم الـــعـــديـــد مــــن مـــقـــاعـــده الـــبـــرملـــانـــيـــة الــتــي حــصــدهــا حـــزب الــشــعــوب الـديـمـقـراطـيـة فـي الـــدورة املاضية، والبالغة 67 مقعدًا نيابيًا، مـا يـعـادل %11.7 فـي انتخابات ،2018 في مقابل حصوله على 61 مقعدًا فقط فـي هــذه الــــدورة، إضـافـة إلــى أربعة مــقــاعــد لـحـلـفـيـه الــعــمــل الـــيـــســـاري، بما يساوي %8.8 فقط. ولوال تعديل البرملان الـــتـــركـــي قــــانــــون عــتــبــة دخــــــول األحــــــزاب والـتـحـالـفـات لـلـبـرملـان مــن %10 إلـــى %7 فــي الــعــام املــاضــي ملــا دخـــل كــــردي واحــد إلـــى الــبــرملــان الــتــركــي، مـــن خــــارج قــوائــم األحــــــزاب الــتــركــيــة الـــتـــي دعـــمـــت ممثلني كردًا، ولوجد حزب الشعوب الديمقراطية نـفـسـه خــــارج العملية الـسـيـاسـيـة كلها. والــســيــاســة فـــي الــنــهــايــة تـــقـــاس بحجم املـــكـــاســـب لــلــشــعــب واملـــــؤيـــــديـــــن، ولــيــس بـالـلـعـب عـلـى وتـــر الـتـشـهـيـر واملــســبــات. هـــذه صـفـعـة جــديــدة عـلـى الــخــد الــكــردي في تركيا وسورية أيضًا، خاصة أن على األطـــــراف الـسـيـاسـيـة الــكــرديــة فــي تركيا وسورية أن تفهم أن الجيل Z، واألجيال الــقــريــبــة مـــنـــه، هـــم املـــحـــّركـــون الـفـعـلـيـون للوسط املجتمعي وذوو تأثير مـدو في الـعـمـلـيـة الـسـيـاسـيـة واالنــتــخــابــيــة، وأن التجديد إن لـم يحصل لـن يبقى أي أثر لتلك األحـــزاب، وهــو مـا كــان واضـحـًا في اصـــطـــفـــاف نـــســـب ضــخــمــة مــــن الــشــبــاب واملــــــرأة الـــكـــرديـــة لــصــالــح حــــزب الــعــدالــة والـتـنـمـيـة. وصحيح أن حجم الضغط اإلعـــالمـــي وكــثــافــة االعــتــقــاالت املــمــارســة ضــــد الــــقــــيــــادات الـــســـيـــاســـيـــة والــثــقــافــيــة ضمن حـزب الشعوب الديمقراطية لعبا دورًا كبيرًا في تحجيم دوره وقوته، لكن نـتـائـج االنـتـخـابـات أفــــرزت أربـــع قضايا كردية ملحة في تركيا، وهي: األولـــى، ملــاذا تستمر القوى التركية في حصد أصوات الناخبني الكرد في القالع الجغرافية التاريخية والتقليدية للكرد. الثانية، متى سيتم فرط عقد االنقسامات الــــســــيــــاســــيــــة واملـــجـــتـــمـــعـــيـــة والــــفــــكــــريــــة التقليدية بني األطــراف الكردية القومية وتلك املنادية بالحقوق األممية، خاصة أن السياسة التركية قائمة أساسًا على أســـــس هـــويـــاتـــيـــة عــلــمــانــيــة ومــحــافــظــة وقــومــيــة مــعــًا. والــثــالــثــة، مــتــى يستفيق حــزب الشعوب الديمقراطية مـن سباته العميق، ويدرك أن خطاباته حول البيئة واملـــــرأة والـديـمـقـراطـيـة لـتـركـيـا والــشــرق األوســــط لــن تــوفــر لــه سـيـولـة مجتمعية انـــتـــخـــابـــيـــة، خـــاصـــة أنـــــه مـــنـــي بــهــزيــمــة نكراء في غالبية الـواليـات التركية، ولم يحصد أي أصـوات في العديد منها، مع نسبة ضئيلة من املصوتني له في أنقرة