Al Araby Al Jadeed

«يوروفيجن»... أغاٍن تهّب من الشمال

- علي موره لي

عـــلـــى الـــــهــ­ـــواء مـــبـــاش­ـــرة مــــن دولــــــة أوروبــــي­ــــة أمست رسميًا سابقة، بعد أن صوتت غالبية مــواطــنـ­ـيــهــا لـــصـــال­ـــح الــــخـــ­ـروج مــــن االتـــحــ­ـاد األوروبـــ­ـــــــي ســـنـــة ،2020 وبـــاحـــ­تـــضـــان عـلـم أوكـــرانـ­ــيـــا ضــمــن إطـــــار حــــرف O عــلــى هيئة قـلـب وســـط الــشــعــ­ار، وبــرعــاي­ــة حـصـريـة من شركة أميركية تنتج مستحضرات للعناية بالشعر، عقدت الــدورة السادسة والسبعني من مسابقة األغنية األوروبية «يوروفيجن» )Eurovision( لهذا العام في مدينة ليفربول باململكة املتحدة. بخالف السائد فـي املـاضـي مـن هيمنة دول الوسط الغربي كبريطانيا وفرنسا وأملانيا وإيطاليا على الئحة أفضل العروض، نالت دول الـــشـــم­ـــال اإلســـكــ­ـنـــدنـــ­افـــيـــة هـــــذه الــــــدو­رة حـظـوة ومـنـزلـة لـــدى كــل مــن لجنة التحكيم وأصــــوات الـجـمـهـو­ر. ولـئـن سـحـب السياسة لـــم تــغــب ســـنـــة عـــن مــســابــ­قــة «يـــوروفــ­ـيـــجـــن»، فـإن هـواهـا الشمالي لـم يهب مـن دون مناخ ســـيـــاس­ـــي؛ إذ تــعــد دول الـــشـــم­ـــال األوروبـــ­ـــي األكثر تحسبًا لعواقب الحرب الروسية على أوكرانيا. على رأسها فنلندا والسويد، اللتان قدمتا في شهر مايو/ أيار من العام املاضي طــلــبــًا رســـمـــي­ـــًا ألجـــــل االنــــضـ­ـــمــــام إلـــــى حـلـف الـنـاتـو، فـي ردة فعل جيوستراتيج­ية على االجتياح الروسي ألوكرانيا تكللت الحظوة الشمالية بفوز السويد عن أغــنــيــ­ة Tattoo للمغنية لـــوريـــ­ن 39( عــامــًا). ولورين طلحاوي مغربية أمازيغية األصل، من مواليد العاصمة استوكهولم، وإن نشأت عــلــى بــعــد 100 كـيـلـومـت­ـر عــنــهــا، فـــي مـديـنـة

فيسترواز املطلة على بحيرة مايالرن وسط الـــبـــا­لد. مـنـذ مـشـاركـتـ­هـا فــي مـسـابـقـة آيـــدول الشهيرة سنة ،2004 مضت مسيرتها الفنية صـــعـــودًا بـــتـــؤد­ة، وعــلــى مــــدى أزيــــد مـــن عقد ونصف، وصوال إلى مسابقة «يوروفيجن»، بـــعـــد أن مــــــرت مــــؤخـــ­ـرًا مـــتـــوج­ـــة بــاملــسـ­ـابــقــة الغنائية األهـــم ســويــديـ­ـًا، مـهـرجـان األلـحـان .)Melodifest­ivalen( لعب اإلخــراج املسرحي التكنولوجي للوحة الراقصة املنفردة دورًا أوليًا في قـدرة أغنية Tattoo على التأثير. تظهر لورين وقد أطبق عـلـيـهـا أفــقــيــًا، كــمــا لـــو أنـــهـــا الـــســـم­ـــاء، جــــدار

وضـــاء تـدلـى فـوق جــدار آخـر مسطح استقر عــلــى خــشــبــة املــــســ­ــرح، كــمــا لـــو كــــان األرض. مـــع حـــركـــا­ت جــســديــ­ة تــعــبــي­ــريــة، كـــأنـــي بها تقاوم احتجازها، ومقدمة موسيقية مركبة إلكترونيًا من رشقات أصداء أنفاس وأجواء تحفيزية تبعث األهبة في نفوس املراقبني، تشرع لورين في غناء املقطع األول متحدثة عـن وجــع الــفــراق، بينما تدفع بلوح السماء تدريجيًا نحو األعلى متحررة من وطأته. على عجالة، بعد قنطرة تصاعدية موجزة عـنـد جملة «كـمـانـات تـعـزف ومـالئـكـة تبكي وعـنـد اتــســاق النجوم سـأكـون هــنــاك»، تبلغ األغنية ذروتها لجهة العلو واالرتفاع وتبقى عندها، حيث تعرض لـوريـن املقطع الثاني الـذي يشبه «رفرين»، يتكرر باستمرار. فيه، ستفصح األغنية عن عنوانها: «ألجل القرب منك، سأمشي عبر النار واملطر، فأنت عالق بي كوشم». وعنده يسمع صوت املغنية كما لو بلغ حدوده الطبقية القصوى مشرفًا على النفاد، مقبال على الوقوع في النشاز. من بني دول الشمال أيضًا، تألقت النرويج. أغنية ‪Queen of Kings‬ قدمتها ابنة العشرين عــامــًا، املـغـنـيـ­ة مــن أصـــل إيـطـالـي ألـيـسـانـ­درا ميله ‪،)Alessandra Mele(‬ والـتـي لكي تصل إلى «يوروفيجن»، كان لزامًا عليها أن تفوز بمسابقة جائزة ميلودي الكبرى التأهيلية ‪.)Melodi Grand Prix(‬ مــن الــعــنــ­وان، تحمل األغنية مضمونًا نسويًا، وإن كانت ميله قد صرحت بأن أغنيتها ال تكتفي بتمكني املرأة وحسب، وإنما «كل الناس على حد سواء». كــمــا يــوحــي الـــعـــن­ـــوان أيـــضـــًا، تــمــيــز األغـنـيـة أجـــــواء قــروســطـ­ـيــة، وإن بـلـبـوس أســـطـــو­ري، كــــــالـ­ـــــذي لــــقــــ­صــــص املــــــغ­ــــــامــ­ــــرات املــــــص­ــــــورة، الـكـومـيـ­كـس، ومـسـلـسـا­لت «نـتـفـلـيـ­كـس»، من فانتازيات مستقبلية بإسقاطات تاريخية. الغناء بدوره يحاكي اإلنشاد القديم لشعوب أوروبـــا الشمالية. تـعـزز الكلمات مـن الزخم النسوي للمروية. تصفها بأنها «هي، ملكة املــــلــ­ــوك. تـــركـــض مـــســـرع­ـــة، تــســبــق الــــريــ­ــح. ال شــيء فـي الـعـالـم يـوقـف انـبـسـاط جناحيها، هـــــي، مــلــكــة املــــلــ­ــوك، حــطــمــت قــفــصــه­ــا، رمـــت املفاتيح، ستصير محاربة البحور الشمالية والــــجــ­ــنــــوبـ­ـــيــــة». مـــــع أن ثـــمـــة مـــجـــمـ­ــوعـــة مـن الـراقـصـا­ت والـراقـصـ­ني على خشبة املـسـرح، إال أن األغنية بطابعها اإلنــشــا­دي ال تفسح املـجـال أمــام الكثير املثير مـن الـرقـص، األمـر الذي يحرم األغنية أجواء السائد من التكنو الذي يرنو إليه معظم مجايلي ميله من فتية جيل زي. أما أداؤها لجهة املقدرة الصوتية، فيتسم بالقوة الصداحة والرقة املخملية في آن. بموجب طبيعة اللحن، تـوظـف لألغنية مهارات أوبرالية تصب بسهولة وساللة في أنماط غناء البوب الشبابي الحديث. فــنــلــن­ــدا، جــــارة كـــل مـــن الــنــروي­ــج والــســوي­ــد، قــدمــت عــرضــًا بـعـيـدًا عــن املـــألــ­ـوف. أوال، قد أتـت األغنية املشاركة ‪Cha Cha Cha‬ ملغني الــــراب كـاريـيـه )Käärijä( باللغة الفنلندية وليس اإلنكليزية كسابقتيها. ثانيًا، مثلت استعادة ملوسيقى تكنو القاع اإللكتروني الصناعي زمـــان التسعينيات بإيحاءاتها الــشــيــ­طــانــيــ­ة والــــذهـ­ـــانــــي­ــــة، مـــثـــل تـــلـــك الــتــي اشــتــهــ­رت بـهـا حــيــنــذ­اك فــرقــة ‪The Prodigy‬ الـبـريـطـ­انـيـة. أمـــا كـاريـيـه 29( عــامــًا) فليس بمغن بـقـدر مــا هــو مـــؤد مــوهــوب، وسيطه الــــــرا­ب ورصــــيــ­ــده عــلــى الــخــشــ­بــة يــكــمــن في حيويته وجاذبيته وخفة حركته.

نالت الدول اإلسكندناف­ية حظوة لدى لجنة التحكيم والجمهور

 ?? (دومينيك ليبنسكي/ )Getty ?? فازت السويد عن أغنية Tattoo للورين
(دومينيك ليبنسكي/ )Getty فازت السويد عن أغنية Tattoo للورين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar