تهديدات وضغوط تؤجل مشروع أنابيب البصرة ـ العقبة
ال يبدو أن حكومة محمد شياع السوداني بصدد المباشرة قريبًا بأي خطوة فعلية في مشروع خط أنابيب النفط البصرة - العقبة، بسبب الضغوط
كـــشـــف مـــــســـــؤوالن عــــراقــــيــــان فــــي الــعــاصــمــة الــعــراقــيــة بـــغـــداد، لـــ«الــعــربــي الـــجـــديـــد»، عن إرجـــاء حكومة رئـيـس الــــوزراء محمد شياع السوداني املباشرة بأي خطوة فعلية لتطبيق مشروع خط أنابيب البصرة - العقبة، املتفق عـلـيـه بـــن الـــعـــراق واألردن، بـسـبـب ضـغـوط واســـعـــة مــارســتــهــا فــصــائــل مـسـلـحـة وقـــوى ســيــاســيــة حــلــيــفــة إليـــــــران فــــي هـــــذا الـــصـــدد. وتتحفظ هذه الفصائل والقوى على املضي بتنفيذ املــشــروع الـــذي يمنح الــعــراق منفذًا جديدًا لتصدير نفطه عبر البحر األحمر إلى جانب مياه الخليج العربي وميناء جيهان التركي، بحجة الخشية من ذهاب النفط إلى إســـرائـــيـــل، فـيـمـا يـــرى مـتـابـعـون أن الـعـرقـلـة إيرانية خشية املنافسة. وأعــلــنــت وزارة الـنـفـط الــعــراقــيــة، فــي إبــريــل/ نيسان ،2022 أن تكلفة خط أنابيب البصرة - العقبة تبلغ 8.5 مليارات دوالر، تقع أغلبها عـلـى الـشـركـة الـتـي سـتـقـوم بـاسـتـثـمـاره. كما أشارت إلى أن «إنشاء الخط لقي تأييد جميع الــحــكــومــات املــتــعــاقــبــة فـــي الــــعــــراق مــنــذ عــام ،2012 وأن تصاميمه مكتملة منذ .»2015 وأكدت الـوزارة أن املشروع يستهدف تصدير مـلـيـون بـرمـيـل مــن الـنـفـط الـعـراقـي الــخــام في اتـــجـــاه مــيــنــاء الــعــقــبــة األردنـــــــي عــلــى الـبـحـر األحـــمـــر، فــي مــحــاولــة لـتـنـويـع الـــعـــراق منافذ التصدير الحالية لديه، غير موانئ البصرة على مياه الخليج، واألنبوب العراقي الواصل إلى ميناء جيهان التركي. ويتضمن املشروع مــد أنـبـوب بطول 1665 كيلومترًا، مـن حقول الــبــصــرة أقــصــى جــنــوبــي الـــعـــراق إلـــى ميناء العقبة األردنـــي، وبطاقة تصدير أولية تبلغ مـــلـــيـــون بـــرمـــيـــل يـــومـــيـــا. كـــمـــا يــمــنــح الـــعـــراق الـجـانـب األردنــــي حــق شـــراء 150 ألـــف برميل يـومـيـا بسعر مخفض عــن األســـعـــار العاملية للنفط. وقــال مـسـؤول عـراقـي فـي هيئة الــرأي بـوزارة النفط في بغداد، لـ«العربي الجديد»، إن مــــشــــروع خــــط أنـــابـــيـــب الـــبـــصـــرة الــعــقــبــة، «تـــــم تـــأجـــيـــلـــه ألســــبــــاب ســـيـــاســـيـــة وأمـــنـــيـــة»، عــلــى حـــد تــعــبــيــره. وأضـــــاف املــــســــؤول، الـــذي طــلــب عــــدم الــكــشــف عـــن هـــويـــتـــه، أن حـكـومـة الـــســـودانـــي أبــلــغــت «الــجــانــب األردنــــــي بأنها تعمل على دراسة املشروع من جديد، لوجود مالحظات فنية وقانونية، إضافة لعدم وجود تخصيصات مالية لدى الحكومة إلنجاز هذا املشروع في الوقت الحاضر». وأكـــــد املــــســــؤول أن «الـــســـبـــب الــحــقــيــقــي وراء تأجيل املضي في تنفيذ مشروع خط أنابيب البصرة العقبة هو وجـود تهديدات حقيقية من قبل أطــراف مسلحة باستهداف املشروع فـي حــال بــدء الحكومة بتنفيذه، إضـافـة إلى ضغوط سياسية كبيرة على رئيس الـــوزراء ملنعه مـن املضي بهذا املـشـروع مـن قبل قوى ســيــاســيــة داخـــــل اإلطـــــار الـتـنـسـيـقـي، أبـــرزهـــا (رئيس الوزراء األسبق) نوري املالكي و(زعيم مليشيا عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي، ولهذا تم تأجيل املشروع». هذه املعلومات أكدها مسؤول آخر في مكتب رئـــيـــس الـــــــــوزراء الـــعـــراقـــي خـــــالل اتــــصــــال مـع «العربي الجديد»، حيث رد عليها بالقول إن «الحكومة العراقية لم تدرج أي تخصيصات مالية إلنــجــاز هــذا املــشــروع ضمن املــوازنــات الـــثـــالث )2025 ،2024 ،2023( املـــرســـلـــة إلــى مجلس الـــنـــواب». وخـتـم بــالــقــول: «هـــذا األمــر كـــاف للتأكيد عـلـى أن املــشــروع لـيـس بصدد املباشرة به خالل السنوات املقبلة على األقل، وهذا بسبب وجود رفض كبير من قبل أطراف مـسـلـحـة وســيــاســيــة». مـــن جـهـتـه، قـــال عضو لجنة النفط والـطـاقـة البرملانية عــن «اإلطـــار التنسيقي» ضرغام املالكي، في اتصال هاتفي مـع «العربي الـجـديـد»، إن «هـنـاك اعتراضات سـيـاسـيـة كــبــيــرة عــلــى مـــشـــروع خـــط أنـابـيـب البصرة العقبة، بسبب عدم معرفة أين يذهب الــنــفــط الـــعـــراقـــي، فــهــنــاك خــشــيــة مـــن ذهــابــه إلــــى الـــكـــيـــان الــصــهــيــونــي، ولـــهـــذا تـــم تـأجـيـل املشروع»، وفقا لقوله. وأضــــاف املــالــكــي: «نــعــم، املـــشـــروع تــم إيـقـافـه، والــحــكــومــة الــحــالــيــة بــرئــاســة مـحـمـد شـيـاع الـسـودانـي تعمل على إعـــادة دراســـة مشروع خـط أنابيب البصرة العقبة مـن كـل جوانبه،
والحكومة تأخذ بعن االعتبار االعتراضات واملـــــالحـــــظـــــات الـــبـــرملـــانـــيـــة والـــشـــعـــبـــيـــة عـلـى املـــــــشـــــــروع». وأضـــــــــاف الــــنــــائــــب عـــــن «اإلطــــــــار التنسيقي»: «نحن مع املشروع إذا كانت فيه مصلحة للعراق ويـذهـب النفط العراقي إلى جـــهـــات مــعــلــومــة وفــــق الـــعـــقـــود املـــوقـــعـــة على املــشــروع، لكن إذا كـانـت هـنـاك نـيـات إليصال الــنــفــط الـــعـــراقـــي إلــــى جـــهـــات مـــحـــظـــورة لــدى العراق، فهنا لن نسمح بإنشاء هذا املشروع، وســيــكــون هــنــاك اعـــتـــراض سـيـاسـي وشعبي
إنشاء الخط لقي تأييد جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2012
واســــــع». مـــن جــهــتــه، قــــال الــخــبــيــر فـــي الــشــأن االقــتــصــادي نــاصــر الـكـنـانـي، فــي اتــصــال مع «العربي الجديد»، إن املشروع «يعتبر تحديا كـــبـــيـــرًا لــحــكــومــة مــحــمــد شـــيـــاع الـــســـودانـــي، فـتـنـفـيـذهـا هـــذا املـــشـــروع املـــؤجـــل مـنـذ سنن إنجاز اقتصادي كبير يحسب لها، خصوصا أن الـحـكـومـات الـعـراقـيـة السابقة كلها كانت داعـــــمـــــة ومــــــؤيــــــدة لــــهــــذا املــــــشــــــروع ألهــمــيــتــه االقتصادية، لكن لم تتمكن من تنفيذه بسبب الـضـغـوط والـتـهـديـدات الـتـي مـورسـت عليها مــــن قـــبـــل بـــعـــض األطـــــــــراف، وربــــمــــا حـــتـــى مـن أطراف خارجية، وليست داخلية فقط». وفــي هــذا الـسـيـاق، اعتبر الـبـاحـث فـي الشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، لـ«العربي الـــجـــديـــد»، أن الـــرفـــض الــــذي تـتـبـنـاه فـصـائـل وقــــوى سـيـاسـيـة لـلـمـشـروع هــو فــي األســـاس رفض إيراني». وأوضح أن وجود منفذ جديد لــلــعــراق لــتــصــديــر الــنــفــط يـجـعـلـه فـــي مـرتـبـة
نفطية أعلى من إيـران، وحتى السعودية، في املستقبل، فالعراق يصبح دولة املنافذ الثالثة لتصدير النفط، وهي الخليج العربي، وميناء جيهان التركي، والبحر األحمر عبر األردن، ما يعني أنه لن يكون تحت رحمة مضيق هرمز الــــذي يــخــرج مــنــه أكــثــر مـــن 93 فـــي املـــائـــة من نفطه». وأصدر القيادي في مليشيا «النجباء» ورئـيـس «املجلس السياسي» للجماعة علي األســـــدي، فــي يــنــايــر/كــانــون الـثـانـي املــاضــي، بيانا هاجم فيه موافقة بعض «الشخصيات السياسية الشيعية» على مد األنبوب. وأشار إلــــى أن «تــخــاذلــهــم أمـــــام املـــــال واملـــصـــالـــح لن يجعلهم إال فـي تصنيف واحــد مـن األعـــداء». كما أكد أنه ينبغي «على األردنين أن يعلموا أن معركتهم خاسرة ومحكوم عليها بالفشل، أنـــبـــوب (الـــبـــصـــرة - الــعــقــبــة) لـــن يـــكـــون، وإذا أرادوا فليجربوا ليروا بأم أعينهم ما سيحل بهم وبمن يعينهم على ذلك».