نواب جزائريون يخذلون الناخبين
لم يف العدد األكبر من النواب الجزائريين بوعودهم للناخبين الذين اختاروهم في االنتخابات البرلمانية في 2021
مـــع اقـــتـــراب مـــــرور عـــامـــني عــلــى االنــتــخــابــات البرملانية في الجزائر، والتي أجريت في 12 يونيو/حزيران ،2021 لم يف سوى ربع نواب البرملان بالتزاماتهم االنتخابية بشأن فتح مـــداومـــات بـرملـانـيـة (مــكــاتــب) فـــي واليــاتــهــم، لضمان التواصل النيابي مع املواطنني. واخـــتـــار الـنـائـب املـسـتـقـل عـبـد الـــقـــادر عزيز اقــــــتــــــراب الــــــذكــــــرى الــــثــــانــــيــــة لـــانـــتـــخـــابـــات النيابية، الفتتاح «مـداومـة» نيابية، عبارة عن مكتب الستقبال املواطنني والجمعيات ولـجـان األحــيــاء، واالسـتـمـاع إلــى مشاكلهم وانـــشـــغـــاالتـــهـــم، والـــعـــمـــل عــلــى الــتــكــفــل بها بالتنسيق مع السلطات املحلية واملركزية، وتـــســـجـــيـــل مــقــتــرحــاتــهــم بـــشـــأن جــمــلــة مـن القضايا التي تهمهم. وكانت الخطوة جزءًا مـــن االلــــتــــزامــــات االنــتــخــابــيــة الـــتـــي أعـلـنـهـا عـــبـــد الـــــقـــــادر خــــــال حـــمـــلـــتـــه االنـــتـــخـــابـــيـــة. وأكــــد لـــ«الــعــربــي الــجــديــد» أنـــه قـــرر افـتـتـاح مــــداومــــة نــيــابــيــة فــــي واليــــتــــه تـيـسـمـسـيـلـت 220( كيلومترًا غربي العاصمة الجزائرية). وأوضح أنه «قام بتوظيف مساعدة تضمن االستمرار الدائم لعملها، وتتولى استقبال املــــواطــــنــــني، ووضــــعــــت اســـتـــمـــارة اســتــقــبــال تتضمن كافة املعطيات الخاصة باملواطن أو أي جهة تقصد املـداومـة لطرح مشاكلها وانشغاالتها». ومــنــذ تـنـصـيـب الــبــرملــان فـــي يــونــيــو ،2021 ألـــزمـــت الــكــتــلــة الــنــيــابــيــة لــحــركــة «مـجـتـمـع الــــســــلــــم»، الـــكـــتـــلـــة املــــعــــارضــــة الــــوحــــيــــدة فـي البرملان، نوابها الـ56 بضرورة فتح مداومات ومــــكــــاتــــب اســـتـــقـــبـــال فــــي واليــــاتــــهــــم، وفــقــا لـلـمـيـثـاق االنــتــخــابــي املـــوقـــع عــلــيــه، لـلـبـقـاء عـلـى اتــصــال دائــــم مــع ناخبيهم ومـواطـنـي واليـــاتـــهـــم. ويــتــطــلــب ذلــــك تـخـصـيـص جــزء مــن املـسـتـحـقـات املـــاديـــة لـلـنـائـب ألجـــل ذلــك. وأكــد رئيس الكتلة النيابية للحركة أحمد
صــــادوق، فــي تصريح لــ«الـعـربـي الـجـديـد»، أن 45« نــائــبــًا مـــن مــجــمــوع نـــــواب الــحــركــة لـديـهـم مـــداومـــات انتخابية فــي واليــاتــهــم»، مضيفًا «لدينا حرص دائم على ذلك، ونوجه مساءالت داخلية لنواب حركتنا بشأنها». وتــــطــــبــــيــــقــــًا لــــــهــــــذا املـــــيـــــثـــــاق وااللـــــــتـــــــزامـــــــات االنتخابية، بـادر النائب عن العاصمة أعمر ديرة، مبكرًا، إلى فتح مداومته. وقال ديرة في تصريح لـ«العربي الجديد»: «منذ انتخابي في البرملان، بــادرت إلـى فتح مداومة نيابية فــــي مــنــطــقــة الـــرغـــايـــة بــالــضــاحــيــة الــشــرقــيــة للعاصمة الـجـزائـريـة». وأضـــاف: «خصصت كـــل يـــوم أربـــعـــاء السـتـقـبـال ولـــقـــاء املـواطـنـني ومــنــاقــشــة انــشــغــاالتــهــم الـــتـــي يــمــكــن لـــي من موقعي املساعدة والسعي في حلها». في منطقة سوق أهراس شرقي الجزائر، بادر عدد من نواب الوالية في األول من مايو/أيار الحالي، إلى افتتاح مداومة نيابية مشتركة تـسـمـح لـهـم بـالـبـقـاء عـــن قـــرب مـــع املـواطـنـني ومتابعة انشغاالتهم واملساهمة في ماحقة قـضـايـا الـتـنـمـيـة املـحـلـيـة. وتـقـلـل املـــداومـــات املشتركة التكاليف التي تستدعيها املبادرة، خصوصًا أن هــذه التكاليف تقع على عاتق الـــنـــواب، بــخــاف تـجـربـة سـابـقـة فــي الــواليــة النيابية بـني عـامـي 2007 ،2012و الـتـي كان
أقل من 100 برلماني لديهم مكاتب نيابية في والياتهم
برنامج األمم املتحدة قد قدم ومول برنامجًا فـي إطـــار الديمقراطية التشاركية، ملساعدة النواب على فتح مـداومـات يتولى البرنامج تجهيزها. وعمد بعض النواب إلى استخدام املقرات الفرعية ألحزابهم كمكاتب للتواصل مع املواطنني. وأشارت بعض املعطيات التي جمعتها «العربي الجديد» إلى أن أقل من 100 نائب في البرملان، من مجموع 407 نواب، ما يعني أقـل من 25 في املـائـة، لديهم مداومات نيابية في والياتهم، فيما يعمل عدد أقل من الـنـواب مـن داخــل مـقـرات أحزابهم الستقبال املواطنني، أو يعوضون ذلك بزيارات ميدانية إلى األحياء الشعبية. وفـــــي الــــســــادس مــــن مــــــــــــارس/آذار املـــاضـــي، وجـــــهـــــت قــــــيــــــادة حـــــــزب «جــــبــــهــــة الـــتـــحـــريـــر الـــوطـــنـــي» الـــــذي يـــحـــوز عــلــى األغــلــبــيــة في الـــبـــرملـــان، تـعـلـيـمـات إلــــى مــســؤولــي الــحــزب
فـي الـــواليـــات، بالسماح لـلـنـواب باستغال مـــكـــاتـــب فــــي مــــقــــرات الــــحــــزب فــــي الــــواليــــات، الستخدامها كـمـداومـات. بـخـاف الـواليـات الـتـي فتحت فيها مــداومــة بـرملـانـيـة واحـــدة على األقل، بقيت والية الجلفة وسط الباد، وهي من أكثر الواليات التي تعاني مشكات متعددة، من دون مبادرة أي من نوابها الـ31، والـذيـن ينتمون إلـى حـزب «جبهة التحرير الوطني»، إلى فتح مداومات لهم. وأكــــد الــنــائــب عـــن الـــواليـــة أحــمــد ربـــحـــي، في تصريح لـ «العربي الجديد»، أن «قيادة الحزب سبق أن وجهت قبل فترة قصيرة، تعليمات للنواب بضرورة فتح مداومات في واليتهم». وال يـــذكـــر بــــال لـــحـــول، الـــــذي يــقــيــم بــواليــة تــــيــــبــــازة قــــــرب الـــعـــاصـــمـــة الـــــجـــــزائـــــريـــــة، أن واليـتـه شـهـدت فتح مــداومــة برملانية. وقـال لــ«الـعـربـي الــجــديــد» إن «هـــذا الــوعــد يتكرر مـع كـل انتخابات لكنه وعــد تـــذروه الـريـاح، بعد االنتخاب للنواب». وأوضــح أنـه «على الـــرغـــم مـــن اتـــســـاع الـــواليـــة ومـــعـــانـــاة سـكـان بـــعـــض املـــنـــاطـــق وحـــاجـــتـــهـــم الـــــى فـــضـــاء ات تـمـثـيـلـيـة لـــطـــرح مــشــاكــلــهــم، إال أن ال نـائـب مـن نـــواب الــواليــة الستة بـــادر إلــى فتح مقر له في الوالية». بـدوره، أشار محمدي مالك، وهــو مـوظـف إدارة مــن واليـــة الجلفة وسط الــجــزائــر، فــي تـصـريـح لــ«الـعـربـي الـجـديـد»، إلــــى أن «الـــعـــديـــد مـــن نـــــواب الــــواليــــة كــانــوا قدموا وعودًا بفتح مكاتب ومداومات تسمح للمواطنني بطرح انشغاالتهم املتعددة وما أكثرها في والية كالجلفة، التي تعد من أكثر الـــواليـــات تهميشًا بـدلـيـل إعــــان الـحـكـومـة قـــبـــل أســــبــــوع تــخــصــيــص بـــرنـــامـــج تـنـمـوي خاص، لكن بعد نحو عامني من االنتخابات لـم يفتح أي مـن الـنـواب مكتب مــداومــة، لقد تهربوا من وعودهم». من جهته، قال الناشط املدني بال بن سعيد شيبة، لـ «العربي الجديد»، إنه «بعد عامني من انتخابهم، نلحظ أن هناك الكثير من التهرب النيابي، إذ لم تفتح غالبية النواب مداومات، بــــل إن بــعــضــهــم لـــيـــس لـــهـــم أي حـــضـــور فـي واليتهم، ويكتفون بالحضور في املناسبات وفي املداخات بالبرملان، وهذا أمر غير كاف، ألن الــقــاعــدة الـشـعـبـيـة الــتــي انـتـخـبـت هـــؤالء النواب هي التي تستحق أن يكونوا أكثر قربًا منها وبشكل منظم». وأضاف أنه يتطلع إلى أن يـصـبـح ضـمـن الـتـشـريـعـات املــلــزمــة، إلـــزام النواب بفتح مداومات لهم في والياتهم.