تونس: توسع المالحقات القضائية
تتزايد االعتقاالت في تونس مستهدفة ناشطين وصحافيين وسياسيين فيما يعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد أّن هناك مؤامرة من الجميع ضده
توسعت دائرة االعتقاالت في تونس لتطاول فــــي األســــبــــوع املــــاضــــي نـــاشـــطـــني ومـــدونـــني وصحافيني ومـحـامـني وقـضـاة وسياسيني وشبابا وغيرهم، ممن يعتبر الرئيس قيس سعيد أنهم يشاركون في مؤامرة ضده. ويــــمــــثــــل أمــــــــــام الـــــقـــــضـــــاء، الــــــيــــــوم اإلثـــــنـــــني، الــصــحــافــيــان إلـــيـــاس الــغــربــي وهــيــثــم املـكـي وهما مقدما أشهر البرامج السياسية على إذاعـــة مـوزايـيـك الـخـاصـة املـسـجـون مديرها الـــعـــام نــــور الـــديـــن بـــوطـــار مــنــذ أشـــهـــر. كما اعتقل ليلة الجمعة املاضية، الرئيس األسبق لحركة النهضة، الشيخ الصادق شـورو 71( ســـنـــة)، وهـــو أســـتـــاذ جــامــعــي فـــي الـكـيـمـيـاء. والجمعة أيـضـًا، استدعى القضاء عــددًا من شـــبـــاب وتــامــيــذ مــديــنــة جــرجــيــس لـلـمـثـول أمـــام املـحـكـمـة عـلـى إثـــر احـتـجـاجـات أعقبت غـــــرق مـــركـــب مـــهـــاجـــريـــن فــــي 21 سـبـتـمـبـر/ أيلول املاضي، راح ضحيته ما ال يقل عن 18 شخصًا من أهالي املدينة. ويــــــوم الــخــمــيــس املــــاضــــي، حــكــمــت الــــدائــــرة الـجـنـاحـيـة باملحكمة االبــتــدائــيــة فــي مدينة قفصة، بسجن أستاذ تعليم ثانوي ملدة شهر
مع النفاذ العاجل بعدما وجهت إليه تهمة املـــس بهيبة الـــدولـــة والــتــطــاول عـلـى رئيس الـدولـة وانـتـقـاد سياسة الـدولـة على خلفية تدوينة على موقع «فيسبوك». وأكــــد الــنــاشــط عــلــي كــنــيــس، فـــي حــديــث مع «العربي الجديد»، أن «املاحقات القضائية فــي جرجيس استهدفت كدفعة أولـــى 5 من شباب املدينة تتراوح أعمارهم بني 16 و91 عامًا كانوا قد شاركوا في الحراك االجتماعي باملنطقة في أكتوبر/تشرين األول املاضي، غــيــر أن أمــنــيــني رفـــعـــوا ضـــدهـــم قــضــايــا تم تحريكها هذه املدة من قبل النيابة العامة». من جهتها، قالت املحامية سعيدة العكرمي، فـي تدوينة يـوم السبت املـاضـي، إن املعتقل الـــســـيـــاســـي الــصــحــبــي عــتــيــق املــــوقــــوف فـي السجن املدني بمدينة املرناقية مضرب عن الطعام، مشيرة إلى أنه متمسك به «ولن يفكه إال في بيته أو عند الله». وعـــــلـــــى هـــــامـــــش نــــــــــدوة جــــمــــعــــت أول مــن أمـــس الـسـبـت، عــشــرات الـقـضـاة واملـحـامـني والــــنــــشــــطــــاء الــــتــــونــــســــيــــني، والـــحـــقـــوقـــيـــني األجــــانــــب، أكـــــدت عــضــو هــيــئــة الــــدفــــاع عن املــعــتــقــلــني الـــســـيـــاســـيـــني، املـــحـــامـــيـــة دلــيــلــة مــــصــــدق، لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» أن «أغـــلـــب قضايا الـــرأي والـحـريـات بينت أن القضاء ينتظر التعليمات لـإيـداع أو اإلفـــراج، ولم تعد له كلمة وال سلطة قرار، فهو مضغوط عـــلـــيـــه، ولـــكـــن هـــــذا ال يـــبـــرر هـــــذا الــــوضــــع». وأضـــافـــت أن «دور لـــســـان (هــيــئــة) الـــدفـــاع وكأنه أصبح صوريًا إلضفاء شرعية على املـــحـــاكـــمـــات»، مـبـيـنـة أن «املـــرافـــعـــات ورأي الــقــاضــي والــنــصــوص الــقــانــونــيــة، لـــم تعد مــهــمــة ومـــــا يـــهـــم هــــو مــــا تــــحــــدده الـسـلـطـة التنفيذية». من جهته، أكد القاضي عفيف الجعيدي لـ«العربي الجديد» أن «الوضع فـــي تــونــس صــعــب، ولــكــن الــقــضــاء مطالب
بــــــأداء وظــيــفــتــه الـــتـــي هـــي أســـاســـًا حـمـايـة الحقوق والحريات». ولفت إلى أن ذلك يؤكد «الحاجة إلى قضاء مستقل يحمي الحقوق والـــحـــريـــات، فــا يـمـكـن بــلــوغ ذلـــك مــن دون تـوفـر ضــمــانــات، وأيــضــًا بـــدون تـوفـر وعـي ونــضــال مــن الـقـضـاة ومـــن املـجـتـمـع، وعند ذلك لن تحصل محاكمات من أجل فكرة أو رأي أو يتم التعسف تجاهه». إلــــــى ذلــــــك لـــفـــت عـــضـــو الـــهـــيـــئـــة الــتــنــفــيــذيــة لجبهة الــخــاص الــوطــنــي، عـمـر الـسـيـفـاوي فـــي تــصــريــح لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» إلــــى «أن التصعيد الحاصل واملزيد في قمع الحريات يعكسان القفز نحو املجهول من قبل النظام، وبـدل السعي النقاذ الباد التي تتجه نحو االنهيار االقتصادي ونحو مصاعب وأزمات كبيرة تهدد السلم اإلجتماعي». وأضـاف أن «هذا األمر يجب أن ينتهي سريعًا الستعادة الحياة الديمقراطية وتوحيد كل التونسيني حول هذا املشروع». فـي املـقـابـل، وبعد عـودتـه مـن القمة العربية في جدة، اعتبر سعيد، أول من أمس السبت، خــال اجتماعه بـوزيـرة الـتـجـارة، كلثوم بن رجـب قــزاح، أن «مسألة نـدرة الخبز في عدد مـن الـــواليـــات، تـعـود إلــى سعي البعض إلى تأجيج األوضــــاع االجتماعية والـعـمـل على افتعال األزمات». وبــــــرأي الـــرئـــيـــس الــتــونــســي أن الـــكـــل يـتـآمـر ضده، وخصوصًا القضاء، فقبيل سفره إلى جدة الخميس املاضي، استغرب من توقيف طـــالـــبـــني بـــســـبـــب أغـــنـــيـــة انـــتـــقـــدت الـــشـــرطـــة، ودعا من وصفهم بالقضاة الشرفاء، إلى أن «يـتـصـدوا ملـثـل هـــذه الــتــجــاوزات» واملجلس األعـلـى للقضاة ألن «يـقـوم بـــدوره كـامـا في ضمان العدل لكل التونسيني»، وأضاف: ‹›لن نسكت أبدًا عن حقوق املظلومني››، لكنه في املقابل تجاهل جميع االعتقاالت السياسية.