ليبيا: نقص في أدوية مرضى الفشل الكلوي
ما زال مرضى الفشل الكلوي في ليبيا يواجهون مخاطر انقطاع إمدادات أدويتهم وعالجهم، وتحذر منظمات أهلية من قرب نفادها
يــــؤكــــد رئــــيــــس املـــنـــظـــمـــة الـــوطـــنـــيـــة لــــدعــــم الـــتـــبـــرع باألعضاء في ليبيا، محمود أبو دبوس، أن أكثر من 5500 مريض بفشل كلوي يعانون من عدم وجود أدوية، ويشير إلى أن هؤالء املرضى يتوزعون على 89 وحدة لغسل الكلى في أنحاء الباد. ويـصـف أبــو دبـــوس وضــع مـرضـى الفشل الكلوي وأولــئــك الـذيـن أجـــروا عمليات سابقة لـــزرع الكلى بأنه «كارثي وبمثابة جناية»، محذرًا من النتائج السلبية الوخيمة املرتقبة لنفاد الكميات املتبقية مــن األدويـــــة، وهـــو مــا يـتـوقـع حـصـولـه خـــال فترة زمنية قصيرة جدًا، علمًا أنه يؤكد أن األدوية التي تستخدم في جلسات غسيل الكلى تحديدًا لم تعد مـــوجـــودة عــلــى اإلطــــــاق فـــي مـــراكـــز عــــدة بــالــبــاد. ويشير إلى أن «الحديث عن الوضع السيئ ملرضى الـفـشـل الــكــلــوي ومـــن أجــــروا عـمـلـيـات لــــزرع الكلى يتكرر منذ سنتني با نتائج ملموسة على األرض، علمًا أن املرضى جميعهم يعانون منذ فترة طويلة من عدم توفر أدوية ضبط املناعة تحديدًا، ما تسبب في عودة أشخاص أجروا سابقًا عمليات لزرع كلى الى مرحلة الغسل، ورفع مجددًا عدد مرضى الفشل الكلوي، كما ساهم خـال الفترة األخيرة في وفاة بـعـض مــن زرعــــوا كــلــى». ويـطـلـق أطــبــاء وقـائـمـون عــلــى مـــراكـــز غــســل الــكــلــى بـــني حـــني وآخــــر نــــداء ات استغاثة فـي شـأن مخاطر نفاد األدويـــة واألدوات التي تستخدم في إجراء جلسات الغسل، ثم تسارع السلطات إلــى إعـــان تـوفـرهـا لكن بكميات قليلة، وتمنحها في شكل غير منتظم، بخاف ما يتطلبه التعامل مع الحاالت الدقيقة للمرضى. ويعلق الطبيب املتخصص في أمراض الكلى، مراد دخيل، على تصريحات أبو دبوس بأن الرقم املعلن لعدد املرضى الذين تستقبلهم مراكز الكلى أكبر، وربـمـا يـقـارب 10 آالف». وإلـــى فـقـدان اإلحــصــاءات الدقيقة الخاصة بعدد مرضى الكلى، يلفت دخيل فــي حـديـثـه لـــ«الــعــربــي الــجــديــد» إلـــى عــامــل سلبي آخر يتمثل في توجه عدد من املرضى إلى العاج فـي الــخــارج، أو فـي مصحات خـاصـة بسبب سوء أوضاع املراكز الحكومية. واستنادًا إلـى تجارب عمله في العديد من املراكز الـحـكـومـيـة لـعـاج أمــــراض الـكـلـى، يـؤكـد دخـيـل أن غالبية هذه املراكز تواجه مشاكل كبيرة على غرار باقي املراكز واألقسام املتخصصة في املستشفيات أو املـــســـتـــوصـــفـــات، وهـــــي ال تــقــتــصــر عـــلـــى نـقـص األدوية، بل تشمل أيضًا افتقاد الكوادر العاملة من
يقرر غالبية مرضى الكلى العالج في الخارج أو في مصحات خاصة بسبب سوء األوضاع
أطــبــاء ومـسـاعـديـن ومشغلي تـجـهـيـزات». ويـعـزو دخيل إحجام أطباء عن العمل في هذه املراكز إلى «عــــدم تــوفــر األدويـــــة ومــــواد تشغيل األجـــهـــزة، ما يجعلهم يـواجـهـون مـواقـف محرجة أمــام املرضى الذين يتوافد عشرات منهم يوميًا إلجراء جلسات غـسـيـل. كـمـا أن هــــؤالء األطـــبـــاء ال يـحـصـلـون على حــقــوقــهــم املــــاديــــة، فـــي ظـــل تـــدنـــي قــيــمــة الـــرواتـــب املمنوحة، وعدم صرف مكافآت مقررة لهم». ويـخـبـر عــاطــف امـــبـــارك، وهـــو أحـــد مــرضــى الكلى في العاصمة الليبية طرابلس، «العربي الجديد»، أنـــه يـضـطـر إلـــى الـسـفـر بـمـسـاعـدة أحـــد أصـدقـائـه إلــــى مــديــنــة مــصــراتــة الـــتـــي تــبــعــد 200 كـيـلـومـتـرًا مـن شـرق العاصمة طرابلس إلجـــراء جلسة غسل. ويقول: «أتردد عادة على مركز الغسل في تاجوراء طـرابـلـس، لكنني اضـطـر أحـيـانـًا إلــى قطع مسافة طـويـلـة إلـــى مـصـراتـة فــي حـــال االزدحـــــام أو توقف العمل بسبب نفاد مواد تشغيل األجهزة، أو حدوث خلل في منظومة تزويد املياه». ويؤكد أن «املعاناة
نفسها يعيشها غالبية مـرضـى الكلى فـي ليبيا، باستثناء مـن يملكون قـــدرات مالية كبيرة لتلقي الــعــاج فــي الــخــارج، إذا كــانــوا فــي املــراحــل األولــى للمرض، أو يستطيعون دخـــول مصحات خاصة تتطلب دفعهم مبالغ مالية كبيرة». وفـي شـأن أهـم األدويـــة التي قد تنفد كمياتها في وقــت قـريـب، يوضح دخيل أنها «الهيبارين»، في حـني يشير إلــى أن زارعـــي الكلى أدويـــة ال يجدون أدويـــة لضبط املـنـاعـة، والــتــي قــد يـوفـرهـا خيرون ومتبرعون أحيانًا». وتأسست في اآلونـة األخيرة الـعـديـد مــن الجمعيات واملـنـظـمـات الخيرية التي تحاول توفير الرعاية ألصحاب األمـراض املزمنة. فــــي مــنــتــصــف إبـــــريـــــل/ نـــيـــســـان املــــاضــــي ســـيـــرت الجمعية الخيرية الليبية لـرعـايـة مـرضـي الكلي قافلة من طرابلس الى املناطق الجنوبية، وشهدت زيـــــارة مـــراكـــز عـــاج الـكـلـى فـــي هــــون، وزلـــــة، ودان، ووادي الـــشـــاطـــئ، وســبــهــا، وأوبــــــــاري، والــغــريــفــة، وغات، ووزعت الجمعية أدوية ومستلزمات طبية، وطالبت باملساهمة في إزالــة معاناة املرضى عبر الــتــبــرع لـتـوفـيـر أجـــهـــزة لتحليل الـسـكـر فـــي الـــدم، وأجهزة غسيل وأدوية ضرورية للعاج». وفيما تعلن السلطات الحكومية بني حني وآخر افـــتـــتـــاح مــــراكــــز جــــديــــدة لـــعـــاج مـــرضـــى الــفــشــل الكلوي، آخرها مركزان في غريان (غرب) وبنغازي (شـــرق)، يــرى دخيل أن املشكلة ليست فـي نقص املراكز، بل في دعمها باألدوية واإلمكانات الطبية الازمة، وتوفير حوافز لألطباء من أجل اإلقبال على العمل».