Al Araby Al Jadeed

الذكاء االصطناعي: أصوات ُتبعث من جديد

- القاهرة ـ مروة عبد الفضيل

أصبحت تقنية الــذكــاء االصـطـنـا­عـي موضع نــــقــــ­اش كـــبـــيـ­ــر فـــيـــمـ­ــا يــــخــــ­ص الـــــفــ­ـــن، خـــاصـــة املوسيقى والـغـنـاء، بعدما استطاع كثيرون خــــال الـــفـــت­ـــرة املـــاضــ­ـيـــة، اســتــنــ­ســاخ أصــــوات مغنني، ووضعها على أغان لم يؤدوها أصا. ورغم وجود بعض تجارب استنساخ أصوات ملـغـنـيـا­ت مـثـل شـيـريـن عـبـد الـــوهـــ­اب وإلـيـسـا وأصـــــال­ـــــة، فـــإنـــه مــــع إعــــــان املـــلـــ­حـــن واملــغــن­ــي املصري عمرو مصطفى، عن استنساخ صوت أم كلثوم على أغنية من ألحانه، لم يـرق ذلك لكثيرين، منهم مالك حقوق جميع مصنفات أم كلثوم، املنتج محسن جابر، الـذي رد على خطوة مصطفى في بيان إعامي: «ال يجرؤ أحــــد، بــمــا فـيـهـم الــفــنــ­ان عــمــرو مـصـطـفـى، أن يـسـتـخـدم الـــذكـــ­اء االصــطــن­ــاعــي، الستحضار صــــوت كــوكــب الـــشـــر­ق الــســيــ­دة أم كــلــثــو­م، أو اسـتـعـمـا­ل اسـمـهـا وصــورتــه­ــا، فـهـنـاك حقوق أدبية أبدية ال تسقط بالتقادم». هـــــذا الـــبـــي­ـــان يــمــثــل مــــخــــ­اوف ولــــدهــ­ــا تــدخــل الذكاء االصطناعي في الصناعة املوسيقية، خصوصًا مــع ظـهـور تــجــارب ألعــمــال متقنة تشبه أعــمــال الـبـشـر، وولــــدت بـــإدخـــ­ال بضع كلمات فقط إلى الروبوت الذي نفذ النتيجة. وبـيـنـمـا يـعـبـر معسكر عــن إعــجــابـ­ـه بــقــدرات التكنولوجي­ا فـي هــذا املـجـال، يعبر آخــر عن مـــخـــاو­فـــه واســـتـــ­نـــكـــار­ه، خــصــوصــًا املـهـنـيـ­ني املــوســي­ــقــيــني الـــذيـــ­ن اعـــتـــب­ـــروا هــــذه األغـــانـ­ــي انتهاكًا لحقوقهم الفكرية، وتهديدًا ملصادر رزقــهــم. فـإلـى أيـــن يـصـل الــذكــاء االصطناعي بالغناء؟ وهل فعا يمثل خطرًا على العاملني فــــي الــــوســ­ــط املـــوســ­ـيـــقـــى؟ بـــــدوره­ـــــا، أعـــربـــ­ت الناقدة الفنية ماجدة خير الله عن تخوفها مـــن تـقـنـيـة الـــذكـــ­اء االصــطــن­ــاعــي، مـــؤكـــد­ة أنـه مـمـا ال شـــك فـيـه أن األمــــر بـــات مــرعــبــًا، ليس على املـطـربـن­ي املــوجــو­ديــن فـقـط، بــل على كل مــن يمتلك صــوتــًا جــيــدًا ويـبـحـث عــن فرصة لــلــغــن­ــاء. وأضـــافــ­ـت مـــاجـــد­ة أن هــــذه الـتـقـنـي­ـة بـالـتـأكـ­يـد لــن تقضي عـلـى الـــوجـــ­ود البشري فــي الــغــنــ­اء، لكنها سـتـسـاهـم فــي تقليله، أو على أقــل تقدير تـهـديـده. مــن ناحيته، يقول الناقد طارق الشناوي، إنه ال يرى خطرًا على مستقبل الغناء بسبب الـذكـاء االصطناعي، فكم من شخص حـاول تقليد أصـوات مغنني مثل عبد الحليم حافظ، وفريد األطرش، ولكن أيـن هي الـــروح؟ يضيف الشناوي أن الغناء لـيـس مــجــرد صـــوت جـمـيـل، ولــكــن األهــــم هو الــروح، وبالتأكيد فإن هذه التقنية ال تمتلك تـلـك الــــروح. يشير الـنـاقـد إلـــى مــا حـــدث منذ

يرى بعض النقاد أن هذه التقنيات لن تهدد الموروث الغنائي

أعـوام عدة من محاولة استكمال سيمفونية بيتهوفن العاشرة. ورغم ظهورها إلى النور عبر الذكاء االصطناعي، فإنها لم تصل أبدًا ملـرحـلـة إبـــــداع بـيـتـهـوف­ـن، فـــا يـمـكـن ألجـهـزة الكمبيوتر أن تصل ملرحلة الكمال البشري. أمـــــا املـــوســ­ـيـــقـــا­ر هـــانـــي شــــنــــ­ودة، فـــيـــقـ­ــول فـي تـصـريـحـا­ت خــاصــة لـــ«الــعــربـ­ـي الــجــديـ­ـد» إن األمر أصبح مخيفًا، وبعد ذلك سيشكل خطرًا على تراثنا، فمن املمكن على سبيل املثال أن يجري تركيب أغان ال تليق بأصوات رموزنا املــوســي­ــقــيــة، مــثــل مــحــمــد عــبــد الــــوهــ­ــاب وأم كـلـثـوم وفـــايـــ­زة أحــمــد. ويـضـيـف شــنــودة أنـه قبل أن ينتشر هــذا األمـــر، ال بـد مـن أن يكون هناك تكاتف بني نقابة املوسيقيني وممثلي ســن الــقــوان­ــني فــي الــدولــة وجمعية امللحنني واملـؤلـفـ­ني، بـهـدف وضــع حـد لـهـذا األمـــر، وأن يكون هناك قانون حماية للحقوق الفكرية. بدوره، أعرب الشاعر الغنائي فوزي إبراهيم، أمــــني عــــام جـمـعـيـة املــلــحـ­ـنــني واملـــؤلـ­ــفـــني، عن استيائه مما يحدث، خاصة ما فعله امللحن عمرو مصطفى، من استنساخ صوت السيدة أم كـــلـــثـ­ــوم، مــوضــحــًا أنــــه مـــا هـــو إال تـشـويـه لـلـتـراث، فـاألمـر ليس مـجـرد صــوت فـقـط، بل هناك مساحات في الصوت وتنهيدة وخبرة

وتاريخ وأداء متمثا في الصوت الذي تملكه كوكب الـشـرق، وال يجدي أن يجري اقتصار كـــل ذلـــك فـــي تـقـنـيـة حــديــثــ­ة. ويـــوضـــ­ح فـــوزي أن جمعية امللحنني واملؤلفني ستتعاون مع نقابة املوسيقيني في مصر، لوضع ضوابط ملا يحدث، وعـدم االنــزالق وراء التكنولوجي­ا بــســلــب­ــيــاتــه­ــا والــــتــ­ــي قــــد تــــــؤدي إلـــــى عـــواقـــ­ب وخيمة، فا بد من التصدي لألمر في بدايته. وعن الوضع القانون ملستخدمي التقنية في تـركـيـب أغــــان عـلـى أصــــوات مـطـربـني قــدامــى، يــــقــــ­ول املــــحــ­ــامــــي حــــســــ­ام لـــطـــفـ­ــي، املــســتـ­ـشــار الـقـانـون­ـي لجمعية املـؤلـفـن­ي واملـلـحـن­ـني، إنـه يعد تعديًا على حقوق امللكية الفكرية، وذلك فـي حـال عـدم استئذان أصحابها، ســواء في الــلــحــ­ن أو الـــتـــو­زيـــع والـــكـــ­لـــمـــات، وأوضـــــح أن التشريعات القانونية تجرم هذا التعدي.

 ?? (فيسبوك) ?? وضع عمرو مصطفى صوت أم كلثوم على لحن له
(فيسبوك) وضع عمرو مصطفى صوت أم كلثوم على لحن له

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar