أفالٌم مستقلّة تكسر تابوهات الدورة 23 لـ«فيكاك»
دورة جديدة من مهرجان «فيكاك» المغربي، المختص بالسينما األفريقية، عكست بعض أفضل اإلنتاجات السينمائية في القارة السوداء، وبعضها منتٍم إلى السينما المستقلّة. دورة انتهت بإعالن إنشاء جمعية ألبرز المهرجانات السينمائية في القارة نفسها
«زمـنـنـا يجب أن يخاطب زمـنـه. سينمانا ينبغي أن تتحدث عن زمنها. يجب أن تصمد سينمانا فـــــي وجــــــه الــــــزمــــــن». بــــهــــذه الــــوصــــايــــا الــــــ3 للسينمائي املكرم دريسا تـوري (بوركينا فـــاســـو، ،)1952 اســـتـــهـــل فـــيـــديـــو تـقـديـمـي لألفالم املشاركة في املسابقتني الرسميتني لـــلـــدورة الـــــــ32 6( ـ 13 مـــايـــو/ أيـــــار )2023 لــــ«املـــهـــرجـــان الـــدولـــي لـلـسـيـنـمـا األفـريـقـيـة بــخــريــبــكــة»، فـــي حــفــل افـــتـــتـــاح كــــاد يــكــون مثاليًا، لوال الفوضى التي خلقتها مغادرة وفــــــد الـــرســـمـــيـــني (مـــــســـــؤولـــــون مـــحـــلـــيـــون ومـحـتـضـنـون) قــاعــة املـــركـــب الـثـقـافـي عند بدء عرض الفيلم، ما يطرح أسئلة جوهرية حول حضور هـؤالء مهرجانات، و«ادعــاء» اهتمامهم بالسينما، إذا كانوا ال يتحملون مـتـابـعـة فـيـلـم مــدتــه 69 دقــيــقــة: أي رسـالـة يوجهونها إلى جمهور الشباب بتصرفهم هذا؟ ماذا عن مدى احترامهم مخرج العمل والــــضــــيــــوف الـــحـــاضـــريـــن؟ أال يــســتــحــســن البدء بعرض الفيلم، ليجنب الجميع عيش مفارقات محرجة كهذه؟ دورة جديدة، شعارها «السينما األفريقية: اسـتـنـهـاض قـــــارة»، تــمــيــزت بــســن مسابقة رسمية لألفالم القصيرة ألول مــرة، ودمج األفـــــالم الــوثــائــقــيــة والـتـخـيـيـلـيـة الـطـويـلـة فـي مسابقة واحـــدة، وكـانـت روح التقاسم واالنـــفـــتـــاح عــلــى مــخــتــلــف ثـــقـــافـــات الـــقـــارة الـــســـمـــراء ولــغــاتــهــا املـــتـــعـــددة حـــاضـــرة في جــــل فــعــالــيــاتــهــا، الــتــي احــتــفــت بالسينما الــــكــــامــــيــــرونــــيــــة، قــــبــــل أن تـــخـــتـــتـــم بــمــنــح «شـــيـــمـــونـــي» (كـــيـــنـــيـــا)، آلنـــجـــال وانــجــيــكــو واماي، «الجائزة الكبرى ـ سمبني عصمان»، وإعــــالن إنـــشـــاء تـنـظـيـم مــهــم وواعــــد بـاسـم «الفيدرالية األفريقية ملهرجانات السينما والسمعي البصري».
«التاكسي، السينما وأنا»
في لحظة مؤثرة ومفعمة باملشاعر، كانت أرفع لحظات هذه الدورة رفع دريسا توري درع تكريم املـهـرجـان، مـعـربـًا عـن سعادته بــــه، قــبــل أن يــضــع الـــوثـــائـــقـــي «الــتــاكــســي، الـــســـيـــنـــمـــا وأنــــــــــا»، لــــســــالم زامـــبـــالـــيـــغـــري، املـــشـــاهـــديـــن فـــي قــلــب مـــأســـاة هــــذا املــخــرج الـــقـــديـــر، الـــــذي ولــــج الــســيــنــمــا عـــن شــغــف، وشـــق طـريـقـه فـيـهـا بـعـصـامـيـة، وبــلــغ أوج مــســاره فــي بــدايــة تسعينيات الــقــرن الــــ02، بفيلمني طـويـلـني، اخـتـيـرا فــي «نــظــرة مـا» ملهرجان «كان»: الادا» (القانون) عام ،1990 و«هـــــارامـــــويـــــا» (املــــحــــظــــورون) عـــــام 1995 (جائزة املونتاج)، قبل أن يطويه النسيان، ويــلــفــي نـفـسـه ضـحـيـة املـــفـــارقـــة األفــريــقــيــة نـفـسـهـا، الــتــي دفــنــت مــوهــبــة سينمائيني كـــبـــار، أمـــثـــال مــواطــنــه إدريـــســـا ودراوغــــــو، واملخرج اإليفواري تيميتي باصوري، ممن تـوقـفـوا مـرغـمـني عـن صنع األفــــالم، بسبب قلة اإلمكانات، وغياب هياكل دعم اإلنتاج والبث في جل البلدان األفريقية. يــقــتــفــي الــفــيــلــم حــــاضــــر املــــخــــرج املـــتـــرقـــب دعـــوة املــشــاركــة فــي «مــهــرجــان واغــادوغــو (فـيـسـبـاكـو)»، الـــذي لــم يـحـضـره لـسـنـوات، متمنيًا أن يكون في ذلك فرصة للتواصل مــــع الــســيــنــمــائــيــني، واســــتــــرجــــاع بـــدايـــاتـــه كسائق تاكسي شـغـوف بالسينما: «ذات «فيسباكو»، ركب سمبني عصمان سيارة أجرة كنت أقودها. تحدثنا، فأخبرني أنه كــان حــمــاال بـاملـيـنـاء. عندها قـلـت لنفسي: إذا جــــــاء الـــعـــظـــيـــم مـــــن بـــعـــيـــد، فــبــوســعــي أنــــا أيـــضـــًا أن أصـــــل». يـــمـــزج زامــبــالــيــغــري صــــــورًا مـــن األرشــــيــــف، تــظــهــر تـــــوري «فــي
أوج شــــبــــابــــه»، عـــلـــى الــــســــجــــادة الـــحـــمـــراء ملــــهــــرجــــان «كـــــــــــان»، ولــــقــــطــــات مـــــن أفـــالمـــه تـــعـــضـــد شــــرحــــه لــفــلــســفــة الـــســـيـــنـــمـــا الــتــي يتبناها، سعيًا إلــى رابــط ملتزم مـع املنت الــثــقــافــي، والــقــضــايــا املـجـتـمـعـيـة لـلـبـلـدان األفــريــقــيــة، مـــن دون الــســقــوط فـــي الــوعــظ. الخروج من التصورات الجمالية، املستلبة واملستسلمة للغزو الهوليوودي، وترسيخ ثــقــافــة مـــضـــادة عــبــر تــكــويــن جــمــهــور واع بـــرهـــانـــات الـــصـــورة وتـــداعـــيـــاتـــهـــا، أهــــداف يصبو إليها تـوري: «أنـا مقتنع أن بوسع الــســيــنــمــا تــغــيــيــر الــعــقــلــيــات، واملــســاهــمــة فـــي تـــطـــور مـجـتـمـعـاتـنـا، وأن الـسـيـاسـات الــثــقــافــيــة يـــمـــكـــن أن تــنــجــح حـــيـــث فـشـلـت الحسابات السياسية». فلسفة ملس املهرجانيون رافدها الجمالي الــــرصــــني فــــي عــــــرض مــــؤثــــر لــنــســخــة غـيـر مرممة من «الادا»، الذي ينتهج، عبر مقاربة تصوير غنية باأللوان والتفاصيل، تكثف املعيش اليومي لقرية أفريقية، استعارة 3 أصدقاء يافعني، «دو» و«ديمبا» و«سينا»، تفترق سبلهم حني يغادر األوالن القرية، ومـعـانـقـة الــحــيــاة الــعــصــريــة، بـيـنـمـا يـقـرر الثالث أال يغادر. عمل من عيون السينما األفريقية (يذكر بـ «ال بد أن اآللهة مجنونة» لــجــيــمــي أويــــــــس، ،)1981 يــــطــــرق بـــنـــفـــس أنـــثـــروبـــولـــوجـــي الــــرهــــانــــات االجــتــمــاعــيــة
أفالم السينما المستقلة أبرز ما في المسابقة الطويلة
والـسـيـاسـيـة ملجتمعات الـــقـــارة، وتـمـزقـهـا بـني تقاليد األســالف املـوبـوءة بالهشاشة والــتــطــيــر، والـــحـــداثـــة املـــغـــريـــة، ومـــا ينجم عنها من استالب لقيم استهالكية دخيلة، تزعزع تناغم عيش القرية.
تابوهات وجروح باطنية
تــابــوهــات االغــتــصــاب واالعـــتـــداء الجنسي على األطـفـال، وحــق املتشردين واملصابني بـــــإعـــــاقـــــات جــــســــديــــة فــــــي حـــــيـــــاة كــــريــــمــــة، وشــــــــخــــــــوص تـــــعـــــانـــــي جـــــــروحـــــــًا داخــــلــــيــــة وانـــكـــســـارات، يــتــبــدى أثـــرهـــا فـــي فــضــاء ات عــيــشــهــم، أو فـــي مــعــالــم مـــديـــنـــة بـأكـمـلـهـا؛ كلها ثيمات األفالم الطويلة الـ21، املشاركة فــي املـسـابـقـة الـرسـمـيـة، كــان حـضـور أفــالم مــســتــقــلــة فـــيـــهـــا، ذات طـــابـــع شــخــصــانــي، ســمــتــهــا الـــــبـــــارزة. بــفــعــل الــــثــــورة الــرقــمــيــة ودمــقــرطــة وســائــل اإلنـــتـــاج، لــم يـعـد رهــان إمـــكـــانـــات اإلنــــتــــاج طـــاغـــيـــًا عـــلـــى نــقــاشــات الــســيــنــمــا األفـــريـــقـــيـــة، كـــمـــا فــــي الـــســـنـــوات الــقــلــيــلــة املـــاضـــيـــة، بـــل إشـــكـــالـــيـــات تـتـعـلـق بسبل تـمـلـك الـتـاريـخ والـثـقـافـة األفـريـقـيـة، وصــوغــهــا فـــي مـــقـــاربـــات جـمـالـيـة أصـلـيـة، بـــعـــيـــدًا عــــن االغـــــتـــــراب فــــي الـــنـــظـــرة الــنــيــو ـ كـــولـــونـــيـــالـــيـــة، الـــتـــي تــتــرجــمــهــا إمــــــالءات بعض صناديق الدعم، إضافة إلـى ضعف الــــوعــــي لـــــدى الـــقـــائـــمـــني عـــلـــى الـــســـيـــاســـات العمومية بأهمية االسـتـثـمـار فـي الثقافة الـسـيـنـمـائـيـة والــتــكــويــن، وإحــجــامــهــم عن توفير الدعم الالزم لتوزيع األفالم، وتعزيز مــرئــيــتــهــا، عـــبـــر تــشــيــيــد فــــضــــاء ات عـــرض كافية ومالئمة. نقاط نوقشت باستفاضة فــي الــنــدوة الـرئـيـسـيـة: «الـسـيـنـمـا: الــذاكــرة والرؤية املستقبلية». تـوج «شيموني» (الحفرة) للكينية واماي بــالــجــائــزة الــكــبــرى للجنة الـتـحـكـيـم، التي ترأسها املنتج واملخرج ميدا ستانيسالس بيميل (بوركينا فاسو). عمل أول مستقل، أنــتــج بــمــوازنــة صـغـيـرة، وتــفــرد بتماسكه ومقدار تحكم مخرجته الشابة في السرد، عبر استجالء تدريجي لغموض الحبكة، حيث حافظ على قوة الرهان إلى النهاية، بـــالـــتـــوازي مـــع انـــكـــشـــاف مـــأســـاة جـــوفـــري، الـسـجـني الـسـابـق، الـــذي يسعى إلـــى إعـــادة بـــنـــاء حـــيـــاتـــه، لـــكـــن أشـــبـــاح املـــاضـــي تـعـود وتنقض عليه. الالفت لالنتباه فيه التناغم بــــني املــــوضــــوع والـــشـــكـــل، بــتــأطــيــر خـــــالق، وكتابة بديعة بالضوء والشريط الصوتي، تـــوفـــقـــت فـــي نـقـلـنـا إلــــى دواخــــــل شخصية جــــوفــــري، الـــتـــي أداهــــــــا جـــســـنت مـيـريـتـشـي بــإحــكــام واقـــتـــصـــاد فـــي الــتــعــابــيــر، جــاعــال مــن نــظــراتــه وتـنـفـسـه سـبـيـل املــشــاهــد إلـى اإلحـسـاس بتمزقه التراجيدي بـني منحى بحثه عن الغفران من جـرم ارتكبه، تسبب فـــي دخـــولـــه الــســجــن، ونـــزعـــة االنـــتـــقـــام من املــتــســبــب فـــي حــــــدث، أودى بـــتـــوازنـــه، في طفولته في القرية. أمــا 19« ب»، املمثل األبـــرز الـثـانـي لألفالم املـسـتـقـلـة فـــي املــســابــقــة، الــفــائــز بـجـائـزتـي «إدريــــــــســــــــا ودراوغـــــــــــــــو ألفـــــضـــــل إخــــــــــراج» و«مــحــمــد بــســطــاوي ألفــضــل أداء رجــالــي» ملــــمــــثــــلــــه الــــرئــــيــــســــي ســــيــــد رجـــــــــب، فــنــجــح مــخــرجــه املـــصـــري أحـــمـــد عــبــد الـــلـــه الـسـيـد في نهج مقاربة فضاء جذرية ومغرقة في الــســوداويــة، امــتــزج بفضلها شــرط عجوز يحرس فيال متداعية بإخالص وتفان، رغم رحيل مالكيها وتعثر إجــراءات نقلها إلى الـــوارثـــني، بـالـفـضـاء املـحـيـط بــه (مـــن نـافـل الــقــول إنــه شخصية رئـيـسـيـة). هـكـذا بـدت الفيال، بتداعيها وأجوائها القاتمة، كأنها قـــوس خـــارج الــزمــن الــحــاضــر. يـتـرجـم ذلـك الشريط الصوتي، مع اهتمام العم بالراديو واألغــانــي القديمة املنبعثة مـنـه، أكـثـر من اكـتـراثـه بـاملـرقـد واملـــأكـــل. لـكـن سـطـوة املــال والنفعية ستجتاحان العجوز رغمًا عنه،
ًّ مــع دخــــول شـــاب يــحــرس حــديــقــة مــجــاورة على الـخـط، مـوديـًا بـتـوازنـه الــهــش، القائم على العيش مع الحيوانات األليفة، وقناعة مؤثرة، يستمد منها العزيمة على مقاومة الداء ومكائد األعداء. رغـــــم إطـــــالـــــة أضـــــــرت بـــإيـــقـــاعـــه فــــي قـسـمـه الـثـانـي، يمتلك 19« ب» مـتـوازيـات دالـــة ال يــخــطــئــهــا اإلحـــــســـــاس، تــحــيــل إلـــــى قــتــامــة أحــوال اجتماعية وسياسية راهـنـة، تذكر بـ«أكواريوس» ،)2016( للبرازيلي كليبير ماندونسا فيلهو، حني تتلمس جذور فكر شبه فاشي، يمكن أن يضحي صاحبه بكل شــيء لـالرتـقـاء الـطـبـقـي، حـتـى لــو اقتضى األمـــــر إنـــتـــاج املــيــكــانــيــزمــات نـفـسـهـا الـتـي ســبــبــت تــركــيــع طـبـقـتـه، وســلــب إنـسـانـيـتـه منه. إلى ذلك، فاز «واحة املياه املتجمدة»، للمغربي رؤوف الصباحي، بجائزة «لجنة التحكيم ـ نور الدين الصايل». عمل صادق، يـــحـــمـــل بـــعـــض مــــالمــــح الــــســــيــــرة الــــذاتــــيــــة، بسرده قصة أزمة شبه وجودية، يعانيها زواج فضيلة، الطبيبة فــي املستعجالت، وقـــــادر، رئــيــس املــمــرضــني، الــــذي يــجــد في الــرقــص الـصـوفـي واملـوسـيـقـى (املـجـمـوعـة اللبنانية «مشروع ليلى») ملجأ من مرض عـــضـــال ألـــــم بــــه. يـــتـــالءم اقـــتـــصـــاد الـحـبـكـة مـــع فـــضـــاء الــشــقــة املــيــنــمــالــي، والــواقــعــيــة الــغــرائــبــيــة الـــتـــي تـــشـــوب الـــتـــصـــور الـفـنـي للديكور عمومًا، ما يضفي شعورًا خانقًا، يترجم عـالقـة مـتـأزمـة، واغــتــراب الـزوجـني كل في عامله. لـكـن «النسبية البعدينية املــربــعــة» ،)4:3( والـجـنـوح إلــى اللقطات الثابتة والطويلة نــســبــيــًا، أســـبـــغـــا عــلــيــه تـــجـــريـــدًا ال يـدعـمـه اإلخـــراج بـأفـكـار أصلية وخــالقــة، وال يجد انعكاسًا لــه فــي الـحـكـي، أجــــواء وحــــوارات. كـــمـــا أن افـــتـــقـــار الــشــخــصــيــات لـلـتـجـسـيـد )incarnation( أنـــقـــص مــــن تـــأثـــيـــرهـــا فـي املشاهد، رغم «سينيجينية» أحمد حمود، والسخاء املعتاد لنسرين الراضي. من جهته، انبرى «جـالل الدين»، للمغربي املـخـضـرم حـسـن بـنـجـلـون، لـقـصـة رجـــل لم يتقبل موت زوجته، فانزوى في الصوفية بـاحـثـًا عــن نـــور وجـــدانـــي يـصـلـه بـروحـهـا. لــــكــــن شـــبـــهـــة خـــيـــانـــتـــهـــا مــــع امــــــــرأة أخــــرى (أصبحت زوجة ابنه) تالحقه، جالبة معها أشباح املاضي. يناوب الحكي بني سلمني زمــنــيــني، تـفـصـل بـيـنـهـمـا 20 عــامــًا كــامــلــة، مـحـاوال التقاط آثــار ما مـر به جـالل الدين فـــي حــيــاتــه الــســابــقــة، عــلــى فـــكـــره ورؤيـــتـــه للوجود التي يتقاسمها في دروس يلقيها على أتباعه. رغم تماسكه النسبي، مقارنة بــــاألفــــالم األخــــيــــرة لــلــمــخــرج، فـــــإن الــطــابــع املتوقع في القسم الثالث، وضعف الرؤية الـــدرامـــيـــة (أداء مـتــوسـط لـيـاسـني أحــجــام، ومتواضع لفاطمة الزهراء بلدي) والفنية الكامنة وراء ه، أضرا بشكله النهائي. ولعل فقر تصور مشهد حرق أشرطة «في. اتش. أس.»، الـــذي يـنـطـوي مـبـدئـيـًا عـلـى هامش درامــــــــي وإيــــحــــائــــي كـــبـــيـــر (حــــمــــولــــة الـــنـــار التطهيرية، وإحالة األشرطة املفارقة على الـتـلـصـص، والــرابــط اإلنـسـانـي املفتقد مع األشـــيـــاء فــي آن)، أبـــرز مـثـل عـلـى مــا يمكن أن يصنعه نقص الطموح، وربما التسرع فـي إنـجـاز متوسط فيلمني فـي 3 سنوات، فـــي غــيــاب املــلــكــة الـفـنـيـة الــتــي يستلزمها هكذا إيقاع.