Al Araby Al Jadeed

ترقب تطبيق الهدنة للتخفيف من األزمة اإلنسانية

دخل اتفاق الهدنة المؤقتة في السودان، برعاية سعودية وأميركية، حيز التنفيذ مساء أمس، لتبدأ مرحلة اختبار جديدة لمدى التزام الجيش والدعم السريع به، في وقت تعيش البالد أزمة إنسانية متفاقمة

-

هــــــزت غـــــــار­ات جـــويـــة وانــــفــ­ــجــــارا­ت جـــديـــد­ة الــخــرطـ­ـوم وأم درمــــان وبـــحـــر­ي، وهـــي املــدن الــثــاث الـتـي تشكل واليـــة الــخــرطـ­ـوم، أمـس االثـنـني، مستبقة دخــول اتفاق وقـف إطاق النار لدواع إنسانية، بني الجيش السوداني وقـوات «الدعم السريع»، برعاية السعودية والواليات املتحدة األميركية، حيز التنفيذ بدءًا من مساء أمس على أن يستمر لسبعة أيـــــام. وواصـــــل الـــطـــر­فـــان أمــــس الــقــتــ­ال رغــم تــأكــيــ­دهــمــا نـيـتـهـمـ­ا احـــتـــر­ام الـــهـــد­نـــة، فيما ســـعـــى الـــجـــي­ـــش عـــلـــى وجـــــه الـــتـــح­ـــديـــد إلـــى تحقيق مكاسب أمـــام قـــوات الـدعـم السريع قـبـل ســاعــات مــن بـــدء ســريــان وقـــف إلطــاق النار. وبينما تستمر املعارك يزداد الوضع اإلنــســا­نــي تـــرديـــًا، خـصـوصـًا فــي العاصمة الـسـودانـ­يـة، بعدما أبـلـغ السكان عـن تفاقم حـالـة الـفـوضـى والـنـهـب فـضـا عــن انقطاع الـــكـــه­ـــربـــاء واملــــيـ­ـــاه، فــيــمــا بـــــدأت اإلمــــــ­ـدادات الغذائية تنفد فـي بعض املناطق وتوقفت معظم املستشفيات عـن العمل. كما أعلنت نقابة أطباء السودان، في بيان أمس اإلثنني، ارتفاع عدد ضحايا االشتباكات بني القوات املسلحة و«الدعم السريع» في مدينة نياال (غــــرب الــــســـ­ـودان) إلــــى 28 قــتــيــا فـــي ثـاثـة أيام ‪20 ،19،18(‬ مايو/أيار الحالي)، ليصل عـــــدد الـــوفـــ­يـــات «بـــــني املـــدنــ­ـيـــني مـــنـــذ بـــدايـــ­ة االشتباكات إلى 863 حالة 3531و إصابة». وقـال سكان تحدثوا لوكالة «رويـتـرز» أمس إن ضــربــات جـويـة وقـعـت فــي الـخـرطـوم وأم درمــــان وبـــحـــر­ي. وأضـــافــ­ـوا أنـــه أمــكــن سماع دوي اشتباكات في وسـط مدينة الخرطوم. كـمـا أفــــاد شــهــود بـــأن الـجـيـش نـفـذ ضـربـات جوية مساء أول من أمـس األحــد، استهدفت مركبات من وحــدات متنقلة تابعة لـ«الدعم الــــســـ­ـريــــع» املـــنـــ­تـــشـــرة فـــــي مـــنـــاط­ـــق ســكــنــي­ــة بالعاصمة منذ انـدالع الصراع بني الطرفني في 15 إبريل/نيسان. وقالت سلمى عبد الله، وهـي من سكان حي الـريـاض في الخرطوم،

لــــ«رويـــتـــ­رز»، إن «الـــوضـــ­ع مــــروع. الــطــائـ­ـرات تقصفنا مــن كــل جــانــب، ومـــن عـنـف اهــتــزاز أبواب املنزل نشعر وكأننا سنموت اليوم». وكـــانـــ­ت املـــعـــ­ارك قـــد تـــجـــدد­ت بـــني الـطـرفـني، بحسب شهود عيان، ليل األحد اإلثنني، في مدينة أم درمان، غربي العاصمة، باألسلحة الثقيلة والخفيفة. وعلى الرغم من الظروف الـصـعـبـة، أعـــرب خــالــد صــالــح املـقـيـم فــي أم درمان، عن أمله بأن يلتزم الطرفان بالهدنة. وقــال لوكالة «فـرانـس بــرس» إنــه «فــي حال وقـــف إطــــاق الـــنـــا­ر، يـمـكـن اســتــعــ­ادة املــيــاه الجارية ويمكنني أخيرًا زيارة طبيب، ألنه من املفترض أن أرى طبيبًا بانتظام لعاج السكري وارتفاع ضغط الدم لدي». وفـــي وقـــت ذكـــر بــيــان اتــفــاق الــهــدنـ­ـة املــوقــع فــي مـديـنـة جـــدة الــســعــ­وديــة، مــســاء السبت املاضي، أن طرفي النزاع اتفقا على «إيصال وتــوزيــع املـسـاعـد­ات اإلنـسـانـ­يـة، واستعادة الـــخـــد­مـــات األســـاسـ­ــيـــة وســحــب الـــقـــو­ات من املستشفيات واملــرافـ­ـق الـعـامـة األسـاسـيـ­ة»، بــــرزت قـضـيـة تــحــول املـسـتـشـ­فـيـات لـقـواعـد وأهـــــــ­داف عــســكــر­يــة. وتـــتـــه­ـــم قـــــوات «الـــدعـــ­م السريع» بارتكاب انتهاكات تطاول املرافق الصحية، لكنها تنفي ذلــك. واتهمت وزارة الـــخـــا­رجـــيـــة الـــســـو­دانـــيـــ­ة «الــــدعــ­ــم الــســريـ­ـع» باتخاذ 22 مرفقًا صحيًا كثكنات عسكرية لها فـي الـخـرطـوم، بـاإلضـافـ­ة إلــى اتهامات بإخراج املرضى والتعدي على كوادر طبية.

وكـــانـــ­ت وزارة الـــخـــا­رجـــيـــة دفـــعـــت بــمــذكــ­رة رسـمـيـة إلـــى منظمة الـصـحـة الـعـاملـي­ـة عبر بعثة الـسـودان لـدى األمــم املتحدة بجنيف، فــــي 16 إبــــريــ­ــل املـــــاض­ـــــي، تــضــمــن­ــت أســـمـــا­ء املـسـتـشـ­فـيـات الــتــي حـولـتـهـا قــــوات «الــدعــم السريع» إلى ثكنات على غرار مستشفيات «الــخــرطـ­ـوم، والـشـعـب، والــســاح­ــة، والــــراز­ي، وشـــــــر­ق الــــنـــ­ـيــــل، والــــــو­الــــــدي­ــــــن، والـــكـــ­ويـــتـــي، ومـــســـت­ـــشـــفــ­ـى األنــــــ­ــف واألذن والـــحـــ­نـــجـــرة، ومستشفى األســـنــ­ـان». كما اتهمت املـذكـرة تلك الـقـوات باالعتداء على الـكـوادر الطبية وإرهاب املرضى وسرقة سيارات اإلسعاف، بــاإلضــا­فــة إلـــى الـهـجـوم عـلـى مستشفيات، مـــنـــهـ­ــا قـــصـــف مـــســـتـ­ــشـــفـــ­ى األمــــــ­ــل بـــقـــذا­ئـــف املدفعية والهجوم على مستشفيات جبرة وأحمد قاسم للقلب والكلى. من جهتها، لفتت اللجنة التمهيدية لنقابة األطباء في السودان، في 5 مايو الحالي، إلى تحويل املستشفيات إلــى ثكنات وبالتالي إلى ساحة معارك. وقالت إن «هذا التواجد

ارتفاع عدد الوفيات بين المدنيين منذ بداية االشتباكات إلى 863

العسكري املسلح، يجعل املرضى وكوادرنا الطبية وجميع املتطوعني فــي املؤسسات الطبية عرضة لنيران الــصــراع، مما يـؤدي إلــــى إخــــاء املــؤســس­ــة وتــوقــفـ­ـهــا عـــن تـقـديـم الخدمة، وقد حدث هذا عدة مرات خال هذه الحرب العبثية اللعينة». وفي 17 مايو الحالي، أعلنت وزارة الصحة السودانية أن قوات الدعم السريع تمركزت فـــي 24 مـسـتـشـفـ­ى، و4 مــؤســســ­ات صحية حيوية وهي: الصندوق القومي لإلمدادات الطبية، ومعمل الصحة القومي، وبنك الدم القومي، ومجمع سلسلة تبريد اللقاحات. وعـن تحول املستشفيات واملـراكـز الصحية إلـــــى أهـــــــد­اف عـــســـكـ­ــريـــة، أرجــــــع األكـــادي­ـــمـــي السوداني في جامعة أم درمــان اإلسامية، محمد حسن فضل الله، أسباب ذلك إلى أن قــــوات «الـــدعـــ­م الــســريـ­ـع» «كــانــت تـبـحـث عن مستشفيات إلجاء جرحاها، ثم لجأت إليها كماذات آمنة من القصف الجوي للطيران الــحــربـ­ـي، قـبـل أن تـقـوم مـجـمـوعـا­ت متفلتة مـنـهـا بـنـهـب املـسـتـشـ­فـيـات دون أوامـــــر من قادتها». وأوضح أنه «ملا انتقلت املعركة إلى وسط الخرطوم احتمت قوات الدعم السريع بمستشفى الخرطوم بحثًا عن مناطق آمنة لتحتمي من غــارات الطيران الحربي». كما احتمت «الدعم السريع» بمستشفى الشعب املـــحـــ­اذي ملـسـتـشـف­ـى الـــخـــر­طـــوم، ويـعـتـبـر­ان مــن أكـبـر املستشفيات فــي الـعـاصـمـ­ة، وفـق األكاديمي فضل الله. وتـــحـــد­ث فــضــل الــلــه عـــن اقــتــحــ­ام «عـنـاصـر من قوات الدعم السريع ملستشفى القابات (الــــــــ­والدة)، وقـــامـــ­وا بـنـهـبـه، مـــا أثــــار غضبًا واسـتـنـكـ­ارًا مـن الـــرأي الــعــام». واستبعد أن تكون عملية نهب املستشفيات بـأوامـر من قـــادة قـــوات «الــدعــم الـسـريـع»، وقـــال إن هذه العناصر «تحولت إلى عصابات نهب بدون أوامر من القيادة». وليست فقط املستشفيات التي تعرضت للنهب، حيث يشير فضل الله إلـى أن «قــوات الدعم السريع سيطرت على اإلمــــــ­ـدادات الـطـبـيـة وعــلــى مـــخـــزو­ن األدويــــ­ة وطرق اإلمداد الصيدالنية». وكـان مسؤول الشؤون اإلنسانية في األمم املتحدة، مارتن غريفيث، دعا أول من أمس األحـــــد، إلـــى «إيـــصـــا­ل املــســاع­ــدة اإلنــســا­نــيــة بـــشـــكـ­ــل آمــــــــ­ن». وكـــــــا­ن غـــريـــف­ـــيـــث أشـــــــا­ر يـــوم الجمعة املاضي، إلى تخصيص 22 مليون دوالر مــــن صــــنــــ­دوق طــــــــو­ارئ تــــابـــ­ـع لــأمــم املتحدة ملساعدة السودانيني الذين فروا إلى البلدان التي لها حدود مع السودان. ورفعت األمــــم املــتــحـ­ـدة قـيـمـة األمـــــو­ال الــتــي تحتاج إليها ملساعدة السودان، مؤكدة أنها تسعى إلى جمع 2.6 مليار يورو.

 ?? (فرانس برس) ?? في العاصمة الخرطوم، أمس اإلثنين
(فرانس برس) في العاصمة الخرطوم، أمس اإلثنين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar