الباكستانيات ضحية االحتقان السياسي
تـشـهـد الــســاحــة الـبـاكـسـتـانـيـة حــالــة من االحـــتـــقـــان الــســيــاســي، يــــرى كـــثـــيـــرون أن البالد لم تشهده منذ استقاللها في عام ،1947 عالوة على تردي األوضاع األمنية والوضع االقتصادي واملعيشي املتدهور. ويبرز دور املرأة في األوضاع السياسية السائدة، وهـــو مــن بــن الـقـضـايـا األهــــم الــتــي تـشـغـل الـــرأي الـعـام فـي باكستان، خصوصًا مـا تدفعه النساء مـــن ثــمــن بــاهــظ لــرفــع الـــصـــوت حــيــال مـــا يــحــدث. إذ كـــان الفــتــًا تـعـامـل أجــهــزة األمــــن الباكستانية مـع النساء اللواتي شـاركـن فـي فعاليات الصراع الـــســـيـــاســـي، وتــــحــــديــــدًا مــــا حـــصـــل بـــعـــد اعـــتـــقـــال رئـيـس الــــوزراء الـسـابـق عــمــران خـــان، فــي التاسع من مايو/أيار الجاري، حن شهدت البالد أعمال شغب غير مسبوقة، شملت ألول مــرة فـي تاريخ البالد استهداف مقار الجيش واملؤسسة األمنية واالســـتـــخـــبـــارات، مــا أثــــار غـضـب تـلـك املـؤسـسـات التي تدير األمور من وراء الكواليس تارة، وبشكل مباشر عبر االنقالبات تارة أخرى. وقــال عمران خـان في مؤتمر صحافي في مدينة الهـور، في 18 مايو املاضي، إن الحكومة اعتقلت نحو 7500 من أعضاء وقيادات حزبه، من بينهم عــــدد كــبــيــر مـــن الـــنـــســـاء، مــشــيــرًا إلــــى أن مـــن بن
هؤالء النساء برملانيات، كما أن من بن املعتقالت زوجــة القيادي الـبـارز في الحزب شهريار أفريد، وهي ال عالقة لها بالعمل السياسي، مشددًا على أن التعامل بهذه القسوة مـع النساء أمــر ال تقره القوانن وال األعراف وال األديان. وخاطب خـان رجــال الشرطة ومسؤولي األجهزة األمــــنــــيــــة قــــــائــــــال: «لــــقــــد تـــــجـــــاوزتـــــم كـــــل الــــحــــدود والــتــقــالــيــد، ولـــم تـحـتـرمـوا األعـــــراف الــســائــدة في بـــالدنـــا الــخــاصــة بـــاحـــتـــرام املــــنــــازل، لــقــد رأيــنــاكــم تــدخــلــون مـــنـــازل الـــنـــاس فـــي الــلــيــل. هـــذه األعــمــال ســـتـــكـــون لـــهـــا نـــتـــائـــج وخـــيـــمـــة». وتـــظـــهـــر مـقـاطـع فيديو متداولة عبر منصات التواصل االجتماعي مشاهد تعدي قوات األمن على نساء مشاركات في االحتجاجات، وتظهر في أحدها فتاة تتحرك أمام تجمع للشرطة في مدينة الهور، وترمي بخمارها في وجوههم، وهـو يعد من األمــور التقليدية في الـبـالد، وتطلب بـه الفتاة األمـــان مـن الــرجــال، لكن أحد رجال الشرطة يتحرك صوبها، ويجذبها من شعرها، ثـم يلقيها على األرض، مـا يثير غضب املواطنن املتجمعن، فيقومون بتخليص الفتاة من رجال الشرطة بالقوة. ويـــظـــهـــر مـــشـــهـــد آخـــــــر، جـــــرى تـــصـــويـــره مــــن قـبـل أحــــــد أنـــــصـــــار عـــــمـــــران خــــــان داخـــــــل أحــــــد مــكــاتــب االستخبارات، تعدي رجال األمن على فتاة ملقاة عــلــى األرض بـــالـــضـــرب، بـيـنـمـا كـــانـــت تـنـاشـدهـم التوقف عن تعذيبها. من جانبها، تؤكد الحكومة الباكستانية أن الـنـسـاء كــان لهن دور فـي أعمال الـــشـــغـــب الـــتـــي شـــهـــدتـــهـــا الــــبــــالد يـــومـــي الــتــاســع والعاشر مـن مايو الـجـاري، وأن املـسـؤول عـن كل مـــا حـــدث هـــو عـــمـــران خــــان. وقـــالـــت نــائــبــة رئـيـس الــــحــــزب الـــحـــاكـــم مـــريـــم نـــــــواز، وهـــــي ابـــنـــة رئــيــس الـوزراء السابق نواز شريف، في مؤتمر صحافي في 19 مايو املـاضـي، إن «عـمـران خـان خطط لكل ما حـدث من أعمال شغب لم تشهد البالد مثلها في تاريخها، إذ حرض املواطنن واملواطنات ضد مـؤسـسـات الــدولــة، وتعاملت أجــهــزة الــدولــة بكل حكمة مع تلك األفعال، لكنها مسؤولة في الوقت نفسه عــن إحـــالل األمـــن، ومـنـع أي عمل مــن شأنه العبث باستقرار البالد». وأكــــدت حـكـومـة إقـلـيـم الــبــنــجــاب، فــي بــيــان، أنها ستتعامل بــحــزم مــع كــل مــن يعبث بــأمــن الــبــالد، وأنها أعـدت قائمة بالنساء املشاركات في أعمال الشغب في اإلقليم، وأن عددهن يصل إلى 300 من مـنـاصـرات عـمـران خـــان، وأنـهـا بـصـدد وضــع آلية العتقالهن. ولــم تذكر حكومة البنجاب عــدد النساء اللواتي اعتقلن بالفعل، ومـا إذا كن ستحلن إلـى املحاكم العسكرية أم املحاكم املدنية، وذلك بعد أن أعلنت الحكومة الباكستانية أن كل من شاركوا في أعمال الشغب سيحاكمون عبر املحاكم العسكرية، أو في
محاكم اإلرهــــاب. شـاركـت الناشطة الباكستانية نيلم إحسان في احتجاجات مدينة الهور التي تلت اعتقال عمران خان، وتقول لـ»العربي الجديد» إن «املحتجن كانوا من الرجال والنساء، ولم يقوموا بأي عمل تخريبي، لكن مجموعات مجهولة كانت تتسلل إلــى داخـــل االحـتـجـاجـات، وتــقــوم بأعمال التخريب من أجل إلقاء اللوم على املحتجن، ولم تفعل الشرطة أي شيء لوقف تلك املجموعات، بل كانت تمارس العنف على املحتجن السلمين من الرجال والنساء».