Al Araby Al Jadeed

في حاجة المعارضة السورية للعقل السياسي

- علي العبداهلل

شـــهـــدت الــحــيــ­اة الــســيــ­اســيــة الـــســـو­ريـــة والدة أحـــزاب إسالمية وقومية وشيوعية خاضت تـــــجـــ­ــارب نـــضـــال­ـــيـــة مـــــريــ­ـــرة وقــــاســ­ــيــــة، حــيــث واجهت القمع واملعتقالت والسجون، ودفعت أثمانا باهظة ملواقفها السياسية، خصوصا بــعــد انـــقـــا­لب 8 آذار ،)1963( وتـــســـل­ـــم حــزب البعث السلطة، وإغالقه املجال العام وفرض رؤيته السياسية دينا للدولة عبر كم األفواه واملـــــا­لحـــــقــ­ـــات والــــبــ­ــطــــش بــــاملــ­ــعــــارض­ــــة بـــاســـم القومية والتقدمية. وقد عملت هذه األحـزاب عـــلـــى تـــعـــزي­ـــز مـــواقـــ­فـــهـــا وتـــقـــو­يـــة حــضــورهـ­ـا وتثبيته وزيـادة وزنها في املعادلة الداخلية بإقامة تحالفات سياسية، التجمع الوطني الديمقراطي وإعـالن دمشق للتغيير الوطني الــــديــ­ــمــــقــ­ــراطــــي. لـــكـــن حــــاصـــ­ـل نـــضـــال­ـــهـــا بـقـي متواضعا وتأثيره في الواقع ضعيفا. فــتــحــت ثــــــورة الـــحـــر­يـــة والــــكــ­ــرامــــة أمــــــام هـــذه األحــــــ­ـزاب فــســحــة واســــعــ­ــة لـلـعـمـل الـسـيـاسـ­ي عبر مساحة الحرية التي أتاحتها، بتحديها القيود واملحددات السلطوية وكسرها حاجز الخوف وفتحها املجال العام للتحرك املباشر والصدع بـاآلراء واملشاركة باألفعال، الفردية والــجــمـ­ـاعــيــة، ومـنـحـتـه­ـا فــرصــة كـبـيـرة ألخـذ مـــوقـــع فـــي عـمـلـيـة الـتـغـيـي­ـر الــســيــ­اســي الـــذي بشرت به طويال؛ وسعت إلى تحقيقه؛ واضعة قـــــادة هــــذه األحــــــ­ـزاب وكـــــواد­رهـــــا أمـــــام ســاعــة الحقيقة والكشف عن جديتها واستعدادات­ها لـــلـــتـ­ــضـــحـــ­يـــة عــــبــــ­ر خـــــــوض غـــــمـــ­ــار الـــتـــج­ـــربـــة واالنـخـرا­ط في العمل املباشر؛ وأمــام اختبار قــدراتــه­ــا وخــبــرات­ــهــا الـعـمـلـي­ـة فـــي التخطيط والتنفيذ. وقد كشفت التجربة العملية واقع هـــذه األحـــــز­اب، ومـــا يكتنفه مــن نـقـاط ضعف وفقر نظري وعجز عملي، إن في إدارة الصراع وتحديد سبل مواجهة التحديات واخـتـراق الــتــواز­نــات وكـسـر املـــعـــ­ادالت الـقـائـمـ­ة وفــرض الـحـلـول الـتـي تلبي املـطـالـب الشعبية أو في فهم الــواقــع اإلقليمي والــدولــ­ي وإدراكــــ­ه، كما تـجـلـى بـــوضـــو­ح فـــي تـعـاطـيـه­ـا مـــع الـعـنـصـر الجديد في املشهد: الثورة، بمزيج من الدهشة واالرتباك واالنتهازي­ة. لم تظهر التجربة العملية فقر هـذه األحــزاب النظري وعجزها العملي فقط، بـل وأظهرت أيـــــضــ­ـــا عــــمــــ­ق الـــــفــ­ـــجـــــو­ة بـــيـــنـ­ــهـــا وبــــــــ­ن قــــاع الـــهـــر­م االجــتــم­ــاعــي، وهـــو الـــجـــز­ء األكـــبــ­ـر فـيـه، وتحاشيها الخوض في قضاياه ومشكالته الكبيرة واملكلفة. وقـد ترتب على نخبويتها فشلها في التواصل مع املتظاهرين الذين جاء معظمهم من األحياء الشعبية وسكان األحياء العشوائية واملخالفات واملهمشن واألريــاف الفقيرة واملهملة، فالنخبوية واالبـتـعـ­اد عن املــواطــ­نــن الــعــادي­ــن، سـيـمـا فــي بــلــد يخضع فيه اإلعـــالم لسيطرة الـنـظـام املطلقة؛ بحيث يجعل إجراء نقاش مفتوح مستحيال، وصفة لـــالنـــ­تـــحـــار الـــســـي­ـــاســـي. وحــــدهــ­ــا الــجــمــ­اعــات اإلسالمية، اإلخوانية والسلفية واملشيخية، اخـــتـــر­قـــت هــــذه الـــفـــئ­ـــات االجــتــم­ــاعــيــة بـنـسـب متفاوتة، مـا أتــاح لها التأثير على مجريات الــــثـــ­ـورة وتـــوجـــ­يـــه قـــطـــاع­ـــات مـــن قـــواهـــ­ا نحو رؤاهـا وأهدافها الخاصة. وقد زاد الطن بلة سعي هـذه األحـــزاب إلـى ركــوب موجة الثورة وتـوجـيـهـ­هـا مـــن دون االنـــخــ­ـراط املــبــاش­ــر في فعالياتها، في انتهازية موصوفة، عبر تشكيل كيانات وأطر سياسية تتحدث باسم الثورة الـشـعـبـي­ـة، فــي مــحــاولـ­ـة عــرتــهــ­ا التنسيقيات الشبابية بتعاطيها العملي مـع احتياجات الحراك الثوري وتقديم دعم مباشر له بتوفير لوازم التظاهرات من الفتات ومكبرات صوت وأدويـــــ­ة ومــشــاف مـيـدانـيـ­ة وتـغـطـيـة إعالمية شــــامـــ­ـلــــة، مــــا عــــمــــ­ق ارتـــــبـ­ــــاك األحــــــ­ــــزاب وأثــــــا­ر حفيظتها ودفعها إلى التحرك على محورين؛ الـــتـــش­ـــهـــيــ­ـر بـــالـــت­ـــنـــســ­ـيـــقـــي­ـــات، اعـــتـــب­ـــرهـــا قــائــد تاريخي لحزب سياسي ظـواهـر فيسبوكية، والسعي إلى اختراقها واستتباعها. لم يكن انفصال األحـــزاب املعارضة، القومية والشيوعية، عن قاع الهرم االجتماعي السبب الرئيس والوحيد وراء عجزها عن التعاطي املــــبــ­ــاشــــر مـــــع املـــتـــ­ظـــاهـــر­يـــن واالنـــــ­ــخـــــــ­راط فـي فعاليات الــثــورة، بـل هـنـاك ايـضـا سردياتها القديمة وعـــدم إدراكــهــ­ا ضـــرورة الــخــروج من إسارها والبحث عن سردية جديدة تنسجم وتـتـنـاغـ­م مــع الـتـطـور الـعـاصـف الـــذي اجـتـاح الساحة وفــرض مسارا بديال ملا كانت تبشر به وتـروجـه. لم تكتف باالحتفاظ بسرديتها الــقــديـ­ـمــة بـــل زادت، عــلــى الـــضـــد مـــن املـنـطـق السليم والعقل السياسي الناضج، بادعاء أن هذه السرديات خلفية الثورة ومفجرتها. إذا كـــان وجـــود ســرديــة مـوجـهـة ضــــرورة إلـى الـعـمـل الـسـيـاسـ­ي واالجــتــ­مــاعــي، فـــإن املــرونــ­ة وإعـــــــ­ادة الــنــظــ­ر فـــي أســســهــ­ا ومــحــتــ­واهــا في ضــــوء الـــتـــط­ـــورات الــســيــ­اســيــة واالجــتــ­مــاعــيــ­ة ال يـــقـــال­ن أهــمــيــ­ة عـــن هــــذا الــــوجــ­ــود، فـالـعـمـل السياسي واالجتماعي يحتاج إلى تصورات وخــطــط منطقية وقــابــلـ­ـة للتبرير والـبـرهـن­ـة والتنفيذ على أرض الــواقــع، أي يحتاج إلى الـجـمـع بــن املعقولية والـعـمـلـ­يـة. لـقـد ظهرت الــفــكــ­رة/ الــتــصــ­ور وسـيـلـة البـــد منها لتحرك األفراد والجماعات، وقامت الكفاءات الفكرية واالجـتـمـ­اعـيـة، عـلـى خلفية ضــــرورة التحرك الــجــمــ­اعــي ملـــواجــ­ـهـــة املـــشـــ­كـــالت االجــتــم­ــاعــيــة والـــتـــ­حـــديـــا­ت الـــخـــا­رجـــيـــة، بــتــوســ­يــع الــفــكــ­رة وتــحــويـ­ـلــهــا إلـــــى رؤيـــــــ­ة شـــامـــل­ـــة ومــتــكــ­امــلــة، نــظــريــ­ات، ودفــعــت نـحـو تـحـولـهـا إلـــى عقيدة جماعية عبر الترويج والتسويق والتنظيم، وتوظيفها في توحيد املواقف وحشد القوى وتجميع اإلمكانات. وهــذا يتعارض، بنسبة أو أخرى، مع االستخفاف والتسرع، من جهة، ومـع الـتـصـورا­ت املـجـردة والعقائد الجامدة، من جهة ثانية. وهذا جزء خطير مما واجهته ثورة الحرية والكرامة مع ممارسات األحزاب ومـــثـــق­ـــفـــيــ­ـهـــا. ونــــمـــ­ـوذجــــا عـــلـــى االســـتــ­ـخـــفـــا­ف بالعقول، رد املرحوم ميشيل كيلو على سؤال وجهته له صحيفة النهار اللبنانية عن زيارة املعارض كمال اللبواني إسرائيل بالقول إن األخـــيــ­ـر زارهــــــ­ا كـــســـوي­ـــدي. والـــرجــ­ـل مــعــارض سـوري الجئ في السويد ويحمل جـواز سفر ســويــديـ­ـا. كـمـا يــتــعــا­رض الــتــحــ­رك السياسي مـــع عـقـلـيـة املــنــاك­ــفــات الـشـخـصـي­ـة والـحـزبـي­ـة التي تعد مـن أكثر الظواهر تبديدا للجهود والــطــاق­ــات وتــدمــيـ­ـرا للصدقية والــثــقـ­ـة، وهـو مـــا كـــان يـحـصـل، لــأســف الــشــديـ­ـد، بـــن قـــادة األحـــزاب والكتل السياسية داخــل مؤسسات املــعــار­ضــة، وشــهــده االئــتــا­لف الـوطـنـي لقوى الثورة واملعارضة السورية مـرارا. ولعل أكثر املـنـاكـف­ـات الــتــي حصلت فـيـه فـجـاجـة تهديد مــعــارض عـلـى رأس تـكـتـل ديــمــقــ­راطــي قـيـادة «االئـتـالف» أنـه في حـال عـدم قبول تكتله في االئتالف خالل عملية التوسعة وبعدد مقاعد محدد فإنه سيفضحها بالكشف عن فسادها. برر قادة األحزاب السياسية وضعف أحزابهم وقلة خبرة كــوادرهــ­م بالقمع الوحشي الـذي تـعـرضـوا لــه طـــوال عـقـود مــن حـكـم «الـبـعـث»، مــا قـــاد إلـــى انــعــدام فـــرص اكـتـسـاب الـخـبـرات والوعي السياسي. قول وجيه، لكنه غير كاف لتفسير مــدى ضعف هــذه األحـــزاب وترهلها وتآكل قدراتها، فقمع النظام جزء من الصراع الـــســـي­ـــاســـي الـــــــذ­ي يـــجـــب أخـــــــذ­ه بــالــحــ­ســبــان واحتواء مفاعيله وآثاره، والقمع مهما بلغ ال يلغى فرص تطور الكوادر واكتسابهم خبرات فـرديـة بجهود ذاتـيـة فـي أســـوأ األحــــوا­ل. كما بـــــرروا فـشـلـهـم فـــي الــتــحــ­ول إلـــى قـــوة رئيسة في الـثـورة والنجاح في تحقيق أهدافها في الحرية والـكـرامـ­ة بالعسكرة واألسـلـمـ­ة. كالم تبريري أكثر منه تقديرا واقعيا، فالعسكرة بــــــــد­أت مــــمــــ­ارســــة مـــحـــلـ­ــيـــة ومــــــحـ­ـــــدودة تــحــت شــعــار حـمـايـة الــتــظــ­اهــرات مــن قــــوات الـنـظـام والشبيحة قبل أن تتحول إلى الجهد الرئيس في الصراع. وما حصل أن األحزاب إما غضت الطرف خوفا من رد فعل املتظاهرين، وحرصا على صورتها طرفا في الثورة أو طرفا داعما لـخـيـارات­ـهـا وتـوجـهـات­ـهـا، أو أيـــدت العسكرة بـاعـتـبـا­رهـا وسـيـلـة مـنـاسـبـة لحسم الـصـراع مـــع الــنــظــ­ام فـــي زمــــن قــصــيــر. وهــــذا يجعلها مـــســـؤو­لـــة عـــن تــنــامــ­ي الــعــســ­كــرة وهـيـمـنـت­ـهـا عـلـى املـشـهـد. واألســلــ­مــة هــي األخــــرى ذريـعـة؛ ألن تشكيل الـجـمـاعـ­ات اإلســالمـ­ـيــة الفصائل املــســلـ­ـحــة وهـيـمـنـت­ـهـا عــلــى الــســاحـ­ـة تـــم بعد انكسار الثورة الذي حصل في النصف األول من عام ،2012 بعد اكتفاء األحــزاب املعارضة بدعم الثورة من خارجها، ومن دون االنخراط في فعالياتها، ما كان سيضعها، لو انخرطت، فــي مـوقـع الـشـريـك ويمنحها فـــرص التفاعل والـــتـــ­وجـــيـــه والــــتــ­ــأثــــيـ­ـــر؛ وفــــشـــ­ـل املــــؤسـ­ـــســــات الــســيــ­اســيــة الـــتـــي شــكــلــت­ــهــا لـتـمـثـيـ­ل الـــثـــو­رة وقـــيـــا­دتـــهـــا، فـــي تــطــويــ­ر الــــثـــ­ـورة ونــقــلــ­هــا من العفوية إلى الفعل الجماعي املنظم واملدروس والقرار السياسي وامليداني املوحد. وقاد هذا إلـى سيطرة النزعات املحلية، وحــول الثورة إلى جزر متباعدة وخيارات متعددة وخطط مـتـعـارضـ­ة. الـتـحـدي األســاســ­ي الـــذي يواجه األحــــــ­زاب واملـــؤسـ­ــســـات الــســيــ­اســيــة الــســوري­ــة املـعـارضـ­ة قدرتها على وضــع تـصـور واضـح ملــســيــ­رة الـــصـــر­اع ونــهــايـ­ـتــه، مـــا يـتـيـح معرفة األدوات والوسائل املناسبة. وهذا كان خارج تصور األحـزاب أو خارج قدراتها، فقد ركزت عــلــى الـــعـــم­ـــومـــيـ­ــات، مــثــل الـــحـــر­يـــة واملـــواط­ـــنـــة والــــديـ­ـــمــــقـ­ـــراطــــ­يــــة، تـــبـــنـ­ــت مـــطـــال­ـــب مـــــن دون امـتـالك تــصــورات لـطـرق تحقيقها أو خبرات لــلــتــخ­ــطــيــط والـــحـــ­شـــد والـــتـــ­نـــفـــيـ­ــذ، وخـــاضـــ­ت الـــصـــر­اع عـلـى قـــاعـــد­ة رد الـفـعـل عـلـى قــــرارات الـــنـــظ­ـــام ومـــواقــ­ـفـــه، ال عــلــى تـــصـــور مــــدروس وخطط عملية. وعندما اكتشفت عدم جدوى سرديتها وأدواتها في مواجهة التطورات لم تنحز إلـى املراجعة والتقويم وإعـــادة النظر، بـــل ذهــبــت بـعـيـدا فـــي الـــدفـــ­اع عـــن ســرديـتـه­ــا، فالعقيدة السياسية تمنح أصحابها قــدرة عــلــى تــقــديــ­م تــــصــــ­ورات وقــــــــ­راءات مـتـنـاسـق­ـة ومتماسكة نظريا، وهــذا وجهها اإليجابي، لـكـنـهـا، وهــــذا وجـهـهـا الـسـلـبـي، تـلـزمـهـم، في الــوقــت نفسه، بـمـواقـف مسبقة تحولهم إلى أشخاص مغلقن وجامدين. لـو أدركـــت هــذه األحـــزاب الحاجة إلــى تجديد سردياتها أو تعديلها أو تغييرها وانخرطت في الثورة مباشرة، واشتغلت على التخطيط للمسار وأدواتــــ­ه وطـــرق مقاربتها مـن موقع الـــشـــر­يـــك الـــفـــا­عـــل، وقــــدمــ­ــت لـــهـــا بــــدائــ­ــل أكــثــر جدوى، لكانت شدت انتباه املجتمع، وأقنعته بــقــدرة الــثــورة على الـنـصـر، مــا سيدفعه إلى االلــتــح­ــاق بـهـا وتـشـكـيـل كـتـلـة حــرجــة تجعل حسم الصراع في املتناول. تحتاج األحزاب من أجل الخروج من املستنقع إلـــى عـمـل جـــاد ودائــــب لـكـسـر حــالــة الضعف والــــتــ­ــرهــــل. وهــــــذا يـــحـــتـ­ــاج مـــواجـــ­هـــة واقــعــهـ­ـا وبـــنـــي­ـــتـــهــ­ـا وســــرديـ­ـــتــــهـ­ـــا وتــــجـــ­ـديــــد ثــقــافــ­تــهــا الــســيــ­اســيــة واالنــــت­ــــقــــا­ل نـــحـــو رؤى مـنـفـتـحـ­ة والتركيز على مناهج الـتـوقـع واالسـتـشـ­راف وحـسـاب الـيـوم الـتـالـي، فالبحث عـن النجاح اليوم بــأدوات فشلت باألمس وصفة كارثية، ما يستدعي تجاوز عقدة الثبات على املبادئ، حـــرصـــا عـــلـــى الـــــصــ­ـــورة الـــذهـــ­نـــيـــة، وتــحــتــ­اج إلــــــى بــــــذل جــــهــــ­ود كـــبـــيـ­ــرة إضــــافــ­ــيــــة إلخــــــر­اج املــجــتـ­ـمــع عـــامـــة، وحــــواضـ­ـــن الــــثـــ­ـورة خــاصــة، من اإلحـبـاط والـيـأس، عبر العمل على إعـداد رمـوز مجتمعية جديدة بعيدا عن السياسة، وتـصـديـره­ـا املـشـهـد، بحيث تـجـذب االنـتـبـا­ه فــتــتــح­ــول إلـــى قــــدوة ومــبــعــ­ث لــأمــل ومــدخــل لــصــحــو­ة مـجـتـمـعـ­يـة. وهـــــذا يــســتــد­عــي وقـفـة صريحة وجادة مع الذات ومراجعة تجاربها وتقويم سردياتها وممارساتها بموضوعية ونــزاهــة وعـمـق مــن دون تلبيس أو مخاتلة. فـمـن دون خــروجــهـ­ـا مـــن الــجــمــ­ود واالنـــغـ­ــالق واعـتـمـاد املنطق السياسي السليم وتجديد الثقافة السياسية، ستواجه أخطارا محدقة؛ فاللحظة السياسية تشي بـاقـتـراب النهاية وخــروجــه­ــا مـــن املـشـهـد مـــا لـــم تـضـع خريطة طــريــق مـــحـــدد­ة بـــدقـــة إلرســـــا­ء ســـيـــاد­ة الـعـقـل السياسي والفعل املـــدروس، حيث ال يمكنها املضي دون ذلك.

التحدي األساسي الذي يواجه األحزاب والمؤسسات السياسية السورية المعارضة قدرتها على وضع تصور واضح لمسيرة الصراع ونهايته

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar