ليبيا: قوافل طبية إلى المناطق النائية
بـــــدأت حــكــومــة الــــوحــــدة الــوطــنــيــة الـلـيـبـيـة إرســـــال قـــوافـــل طـبـيـة إلـــى املــنــاطــق الـنـائـيـة لــســد الــعــجــز الــقــائــم فـــي الــــكــــوادر الـطـبـيـبـة والــتــجــهــيــزات بمستشفيات تـلـك املـنـاطـق، وأكدت وزارة الصحة أن عدد القوافل الطبية التي سيرتها خالل النصف األول من العام الجاري تجاوز عشر قوافل، وركزت أكثرها على مناطق الجنوب الليبي. شـــارك الطبيب الليبي أحـمـد بــن نـصـر في بعض هذه القوافل، ويقول إن أغلبها ركزت على اصطحاب أطباء في تخصصات تشهد املـــنـــاطـــق الــنــائــيــة نــقــصــًا فــيــهــا، مـــن بينها أمراض القلب والعيون، فضال عن الجراحن. وأوضـح لـ«العربي الجديد»، أن «السلطات تــهــدف مـــن خـــالل إرســـــال تــلــك الــقــوافــل إلــى
نقص التجهيزات واألطقم الطبية شائع في المستشفيات الحكومية توطن العالج في مناطق الـداخـل، وتذليل الصعاب أمام املواطنن غير القادرين على السفر لتلقي العالج». وأعلنت رئيسة لجنة توطن العالج التابعة لـــــوزارة الــصــحــة، رانـــيـــا الــخــوجــة، فـــي وقــت سـابـق، أن مستشفى العيون فـي العاصمة طـرابـلـس أرســـل فـريـقـًا طبيًا نـحـو الجنوب الليبي لتقديم الخدمات للمواطنن، وذكرت أن «الفريق تم تجهيزه بكافة املستلزمات، وبأطباء مـن مختلف التخصصات إلجـراء الفحوص الطبية، وأن الفريق بالكامل من األطباء من الليبين، ويستهدف ست مناطق بــالــجــنــوب الــلــيــبــي، وهــــي أوبـــــــاري، وغــــات، وتهالة، والـبـركـت، والغريفة، والعوينات». وسبق أن أعلنت الخوجة إجراء فريق طبي متخصص نـحـو 100 عملية زراعــــة قرنية خــالل الفترة األخــيــرة فـي أربـــع مــدن ليبية، هي طرابلس، وبنغازي، وصرمان، وطبرق، مـــشـــيـــرة إلـــــى أن الـــفـــريـــق أجــــــرى نـــحـــو 400 عملية زرع قرنية في عدة مناطق منذ مطلع العام الجاري. ويفيد الطبيب بن نصر بأن «الفرق الطبية نشطت خالل األشهر األخيرة بعد انضمام أعـــداد مـن األطــبــاء فـي تخصصات جـديـدة، والــــنــــجــــاحــــات الــــتــــي حـــقـــقـــتـــهـــا فـــــي إجــــــراء العمليات وتقديم الـعـالج جعلت كثير من املـواطـنـن ينتظرونها»، وتــابــع أن «العمل يـــجـــري تــنــظــيــمــه، فــبــعــض الـــقـــوافـــل تــجــري عمليات الفحص والكشف لتجهيز الحاالت قــبــل وصـــــول قــافــلــة أخـــــرى تــضــم جــراحــن متخصصن إلجراء العمليات الجراحية». وتـعـانـي كثير مـن املستشفيات الحكومية واملــراكــز الصحية فــي أغـلـب مناطق البالد نــقــصــًا فــــي الـــتـــجـــهـــيـــزات واألطــــقــــم الـطـبـيـة والــــكــــوادر املـــســـاعـــدة، وأعـــلـــن بـعـضـهـا قفل أبوابه ألشهر بسبب عدم توفر مستلزمات استقبال وعالج املرضى. يــشــهــد عـــبـــد الــــســــالم ســـويـــكـــن، مــــن تـــراغـــن (جنوب)، على النجاح الذي حققته القوافل الطبية التي زارت منطقته، ويشيد بالقدرات الــتــي يمتلكها أطــبــاء الــفــريــق، لـكـنـه يشير إلــى جانب آخــر يتعلق بالنقص الـحـاد في األدويـــة، ويقول لـ«العربي الجديد»: «توفر الطبيب املتخصص يجعل املريض وذويـه يطمئنون، لكنهم يعانون من أجل الحصول عــلــى الــــــــدواء، خـــاصـــة إذا كــــان الـــــــدواء غير متوفر فـي الصيدليات الـخـاصـة». يضيف ســويــكــن الـــــذي يـــقـــوم عــلــى عـــالجـــه شقيقه املــريــض بـقـصـور فــي الــقــلــب: «مـــن الــواضــح أن هـــذه الــفــرق تـركـز عـلـى إجــــراء العمليات الـجـراحـيـة فــي بعض التخصصات، لكنها ال تملك توفير األدوية، أو عالج تخصصات أكـــثـــر حــســاســيــة مــثــل أنــــــواع األورام. نحن بــحــاجــة إلــــى اســـتـــقـــرار أوضـــــاع املستشفى املحلي، وتوفر األطباء. الفرق تقوم بزيارات، وتـجـري عمليات، لكن كيف يتابع املريض عالجه بعد العملية إن كانت القافلة الطبية قد غادرت؟». ويقر الطبيب بن نصر بوجود تلك املشكالت، قائال: «أهمية إرسال القوافل تــكــمــن فـــي أن الــســلــطــات الــحــكــومــيــة بـــدأت تولي عناية جدية بقطاع الصحة، والبد من اإلشــادة بتجاوب األطباء مع تلك الجهود، لكن ال يمكن إنهاء كل املشاكل مرة واحـدة، واألمر يحتاج إلى وقت وجهد. املستشفيات تــعــانــي نـقـصـًا حــــادًا فـــي الــــــدواء، والبــــد من إنهاء تلك األزمة، وينبغي الحرص على دفع رواتـــب األطـبـاء واملـوظـفـن مـن دون تأخير، وإنـــــهـــــاء أزمـــــــة ضـــعـــف الــــــرواتــــــب، وضـــمـــان وصــــول املـــكـــافـــآت». وقــبــل أســـبـــوع، تقدمت النقابة العامة لأطباء بشكوى إلى النائب الـــعـــام الـلـيـبـي لـلـمـطـالـبـة بــحــقــوق األطـــبـــاء، وأكــــــــدت عـــلـــى ضــــــــرورة تــطــبــيــق الــحــكــومــة للقوانن الخاصة بزيادة رواتب األطباء. ويــعــلــق بـــن نـــصـــر: «عـــلـــى الـــرغـــم مـــن حقنا كـــأطـــبـــاء فـــي الــتــصــعــيــد مـــن أجــــل تحصيل حقوقنا، لكن وظيفة الطبيب تتضمن جانبًا إنسانيًا يدفعنا إلـى االنـخـراط في القوافل الطبية ملعرفتنا بــأن املـرضـى ال عالقة لهم بتأخر حقوقنا، فاملواطن هو اآلخـر يعاني مثلما نعاني، ورغم كل الظروف التي يعاني مـنـهـا األطــــبــــاء، لـكـنـهـم كـــانـــوا أول مـــن دعــم برامج توطن العالج». وفي السياق، أعلنت النقابة العامة لأطباء الليبين، توقيع اتفاق مع املجلس التونسي لعمادة األطباء، ويهدف االتفاق إلى تسهيل عمل األطباء التونسين في ليبيا، وتوفير اإلطــــار الــقــانــونــي لــهــم، بـاعـتـبـار أنـــه إجـــراء يساهم في حلحلة األزمــة الصحية، ويقلل من اضطرار غالبية املرضى الليبين للسفر الى الخارج لتلقي العالج. تتكرر في مواقع التواصل االجتماعي بشكل شبه يومي شكاوى المواطنين الليبيين من استمرار تردي القطاع الصحي
في البالد، ويركز كثيرون على ظاهرة نقص األطباء والكوادر المساعدة، وندرة الكثير من أصناف الدواء، لكن ما يرويه سكان مناطق
الجنوب الليبي عن أوضاع المراكز الصحية يبرز أن األزمة في تلك
المناطق خطيرة، وأن استمرارها يهدد حياة آالف المرضى، خاصة الفقراء الذين ال يملكون كلفة السفر
للعالج في مدن الشمال، أو خارج البالد.