Al Araby Al Jadeed

نساء المغرب يتعرضن للعنف والحماية هّشة

تعتبر جمعيات في المغرب أن تزايد جرائم قتل نساء وفتيات في اآلونة األخيرة يستدعي توفير كل أشكال الحماية لهن

- الرباط ـ عادل نجدي

تلفت جمعية «التحدي للمساواة واملواطنة» (أهـــلـــي­ـــة) إلــــى ارتــــكــ­ــاب جـــرائـــ­م قــتــل وأعـــمـــ­ال عـنـف بشعة ضــد نــســاء وفـتـيـات فــي مقتبل العمر في مدينة الدار البيضاء خالل األشهر األخيرة، وتفيد الجمعية في بيان بأن «أرقام قـتـل الـنـسـاء تـرتـفـع بشكل مــهــول، مــا يطرح أكثر مـن ســـؤال، ويــدق نـاقـوس الخطر الـذي يحتم استعجال إيجاد حلول آنية ملناهضة كـل أشـكـال التمييز والعنف، وإيـقـاف نزيف القتل». في 5 إبريل/ نيسان املاضي، عثرت أجهزة األمن على جثة سيدة 37( سنة) داخل ثالجة في منزل بحي املسعودية، في منطقة ابـن امسيك بمدينة الــدار البيضاء، وفـي 25 إبـــريـــ­ل، عــاشــت منطقة ديـــور األمــــان بالحي املـحـمـدي فـي الـــدار البيضاء فـصـول جريمة قتل بشعة ارتكبها زوج، قبل أن يتصل بعد 4 أيام بالشرطة ليبلغها بوجود جثة زوجته داخل غرفة استأجرها. وتقول رئيسة جمعية «التحدي للمساواة واملــــــ­واطــــــن­ــــــة» بـــــشـــ­ــرى عـــــبـــ­ــده، لـــــ «الــــعـــ­ـربــــي الجديد»، إن «جـرائـم القتل التي تستهدف النساء باتت ظاهرة مقلقة. في حني سلطت وســائــل اإلعــــال­م الــضــوء عـلـى قـتـل امــرأتــن­ي خالل شهر واحـد في الــدار البيضاء، تبقى حـــــــاا­لت أخـــــــر­ى طــــي الـــكـــت­ـــمـــان فــــي أقـــالـــ­يـــم ومناطق أخرى. املبادرات املحدودة لإلبالغ عن العنف، أو تجنب التبليغ عنه بالكامل تؤدي حتمًا إلى تكرار العنف، وصـوال إلى حـــصـــول جـــرائـــ­م قــتــل جــــديـــ­ـدة، إلــــى جــانــب حـــــاالت انــتــحــ­ار بـــهـــدف تـــفـــاد­ي الــفــضــ­ائــح. يجب أن تتعامل الشرطة القضائية بجدية أكبر مع الشكاوى، علمًا أن غالبية النساء ال يستطعن كشف ما يتعرضن له خوفًا من

ردود فعل شـركـائـهـ­ن، وهــنــاك نـسـاء قدمن شكاوى لكن لم تجد طريقها إلى التحقيق والــتــقـ­ـصــي، وأخـــريــ­ـات ال يـمـلـكـن إمــكــانـ­ـات لطرق أبواب املحاكم». تضيف عبده: «هناك إشكال حقيقي في شأن كيفية دفع النساء الـلـواتـي يتعرضن للعنف إلـــى كـسـر جــدار الصمت وتقديم شكاوى أمام أجهزة األمن، وأيـــضـــًا فـــي عــــدم تــعــامــ­ل الـــشـــر­طـــة بـجـديـة أحـيـانــًا مــع هـــذه الــشــكــ­اوى، علمًا أنـــه حني نــتــحــد­ث عـــن جـــرائـــ­م قــتــل الـــنـــس­ـــاء، نـتـنـاول تــصــرفــ­ات تـعـكـس أدنــــى مـسـتـوى أخــالقــي، وتـــحـــو­ل الــقــلــ­ق والــعــنـ­ـف الـنـفـسـي والـحـقـد لدى الزوجني إلى قتل، ويزيد تفاقم الوضع االنـــعــ­ـكـــاســـ­ات الــســلــ­بــيــة لــلــغــا­لء املــعــيـ­ـشــي،

وحــــــوا­دث الـــطـــر­د مـــن الــعــمــ­ل عــلــى الــوضــع االجتماعي للشريكني». فـــــي املـــــقـ­ــــابــــ­ـل، يـــــــرف عــــضــــ­و مـــــركــ­ـــز «شــــمــــ­ال أفـريـقـيـ­ا لــلــدراس­ــات والــبــحـ­ـوث»، عـبـد املنعم الـــــكــ­ـــزان، فــــي حـــديـــث­ـــه لــــ «الـــعـــر­بـــي الـــجـــد­يـــد»، ربـــط جــرائــم الـقـتـل الــتــي ارتــكــبـ­ـت فــي اآلونـــة

تشجيع النساء اللواتي يتعرضن للعنف على تقديم شكاوى ضرورة األخــيــر­ة بـالـتـصـو­ر الـجـنـدري وحـــده، مؤكدًا «أن قسمًا كبيرًا مـن هــذه الـجـرائـم يتمحور حـول الـقـوة البدنية التي يتمتع بها الرجل مقابل تقيد الـنـسـاء بالذهنية االجتماعية التي تحدد نمط عالقتها بالرجل، وتفرض تـقـديـمـه­ـا تـــنـــاز­الت مـــن كـــل نــــوع، خـصـوصـًا على الصعيد االقـتـصـا­دي. ينسى املحللون أن ظـاهـرة العنف ضـد النساء شملت أيضًا مدينة حضرية كبيرة مثل الـــدار البيضاء، وهي بالتالي تعكس انتشار الفقر والبطالة والكثافة السكانية». ويلفت الكزان إلى أنه «ال يمكن عرض استنتاجات لواقع العنف ضد النساء في املجتمع من دون تناول الظاهرة والتفاصيل املختلفة التي تحيط بها، فكون املــرأة ضحية مـرده عـدم قدرتها على الدفاع عن نفسها باالعتماد إلـى قدراتها البدينة. نتفق مع الجمعيات الحقوقية حول تنازل أو عدم تبليغ مجموعة من النساء عن العنف، أكـــان جسديًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا، خصوصًا في حـال ارتبط باألصول والفروع والــزوج، لكن يجب في نفس الوقت االلـــتــ­ـفـــات إلـــــى ظــــاهـــ­ـرة الـــعـــن­ـــف داخــــــل املــــدن الـــكـــب­ـــيـــرة، وال بــــد مـــن اإلشــــــ­ـارة إلــــى أنــــه في الفترة الزمنية الرتكاب الجرائم ضد النساء، حصلت جــرائــم قـتـل ذهـــب ضحيتها شبان بـسـبـب تـــحـــوا­لت بــنــيــو­يــة نـتـجـت عـــن تفكك الروابط وسـوء التنشئة االجتماعية والفقر والوجود في مساكن غير الئقة واملعاناة من الكثافة السكانية». ورغم أن املغرب أقر تجريم العنف ضـد النساء فـي 12 سبتمبر/ أيلول ،2018 لــكــن صــعــوبــ­ات عـــدة تـــواجـــ­ه تطبيق القانون على األرض، كما يثير جدال واسعًا بــني مــن يعتبرونه قـانـونـًا «ثــوريــًا» ينصف املـــرأة وينهي معاناتها، وبــني مـن يشككون فــي قــدرتــه عـلـى حـفـظ كـرامـتـهـ­ا وحمايتها. وتؤكد بشرى عبده ضـرورة تعديل القانون كي يعزز ضمانات الوقاية والحماية وجبر الـضـرر، ويمنع اإلفــالت من العقاب، ويشدد األحــكــا­م كـي ال تتكرر املخالفات القانونية، كـمـا تـطـالـب بــإلــغــ­اء فــقــرة تـتـعـلـق بـالـتـنـا­زل عـــن الــشــكــ­وى الـــــذي يـمـنـع مــالحــقـ­ـة الـجـانـي قانونيًا، واتخاذ إجـــراءات لتشجيع النساء على اإلبـالغ عن الحاالت التي يتعرضن لها تمهيدًا لوقف نزيف العنف والقتل. وتـشـيـر إلـــى «ضـــــرورة تـعـزيـز قــــدرة الـنـسـاء الــــلـــ­ـواتــــي يـــتـــعـ­ــرضـــن لـــعـــنـ­ــف، ويـــــوجـ­ــــدن فـي أوضـــــــ­ـاع هـــشـــة عـــلـــى اإلفــــــ­ـــادة مــــن مــســاعــ­دة قــضــائــ­يــة، ومــعــالـ­ـجــة الـــعـــو­ائـــق الـــتـــي تمنع لجوئهن إلى القضاء، ورفـع منسوب الوعي لــديــهــ­ن لــتــكــر­يــس مـــعـــاد­لـــة عــــدم اإلفــــــ­الت من الـــعـــق­ـــاب مـــن خــــالل الــتــمــ­ســك بــحــقــو­قــهــن في الحصول على متابعة قضائية، فـضـال عن حــــل الـــصـــع­ـــوبـــات املــتــعـ­ـلــقــة بـــإثـــب­ـــات الـعـنـف عـن طريق تعزيز تقنيات البحث والتحري ألجـهـزة إنـفـاذ الـقـانـون، وعلينا العمل على إخراج الزوجني من دوامة العنف عبر توفير مــــراكــ­ــز اســـتـــم­ـــاع وإيـــــــ­ـواء لــلــتــك­ــفــل بــالــنــ­ســاء الـــلـــو­اتـــي يــقــعــن ضــحــايــ­ا الــعــنــ­ف، ومـنـحـهـن حماية كاملة من كل أشكاله».

 ?? (أبو آدم محمد/ األناضول) ?? يثير قانون تجريم العنف ضد النساء جدًال واسعًا في المغرب
(أبو آدم محمد/ األناضول) يثير قانون تجريم العنف ضد النساء جدًال واسعًا في المغرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar