تحليل مشوق وممتع رغم سلبيات قليلة
كتاب عن جان ـ كلود فاندام و«ثنائياته»
تـــحـــلـــيـــل نــــقــــدي يــــمــــزج الـــســـيـــنـــمـــا بـــالـــســـيـــرة الــحــيــاتــيــة والـــنـــفـــس الـــبـــشـــريـــة، والـــتـــأثـــيـــرات واملــــوروثــــات الــتــي تـسـاهـم فــي تشكيل كـيـان فــــــــردي ملــــمــــثــــل، يـــــغـــــادر بــــلــــده األصـــــلـــــي إلــــى أمــيــركــا، حـيـث يـصـنـع حــضــورًا لـــه، وإن يكن مرتبكًا ومتفاوت األهمية الفنية والتجارية. الـــصـــحـــافـــي والـــجـــامـــعـــي ديـــفـــيـــد دي سـيـلـفـا (دكتوراه في الدراسات السينمائية، ودبلوم مـــن «املـــعـــهـــد الــفــرنــســي لــلــصــحــافــة») يـــشـــرح البلجيكي األصل جان ـ كلود فاندام، في كتاب غير مكتف بنقد سينمائي مباشر، لتوسعه في علوم النفس واالجتماع والتربية، والفنون الـــقـــتـــالـــيـــة، واملـــــســـــار الـــتـــاريـــخـــي/الـــســـيـــاســـي ألميركا وتحوالتها، ولهوليوود ومساراتها. «جــــان ـ كــلــود فـــانـــدام وثــنــائــيــاتــه» (تـرجـمـة حــرفــيــة لــــــــtE Claude Van Damme – Jean ،Ses Doubles عـلـمـًا أن لـلـمـفـردة الفرنسية Doubles أكثر من معنى، نفسي وسينمائي وثـقـافـي، فـي سـيـرة املمثل، بحسب الكتاب) نـــص مــهــم يــكــمــل نـصـوصـًا شبيهة للكاتب نفسه، مع سيلفستر ستالون («بطل الطبقة الــعــامــلــة»، )2016 ومــــل غـيـبـسـون («الــطــيــب، الــبــشــع واملــــؤمــــن»، ،)2018 أو عـــن «املــاكــمــة في هوليوود: من شابلن إلى سكورسيزي» )2017( و«الشعبوية األميركية في السينما» ،)2015( وغــــيــــرهــــا. فــــنــــص فـــــانـــــدام مـــشـــبـــع بمراجع موثقة، معظمها منتم إلـى أشرطة خـــاصـــة بـــلـــقـــاء ات تــلــفــزيــونــيــة، ومـقـتـطـفـات مــــن كـــتـــب فــــي الـــعـــلـــوم اإلنـــســـانـــيـــة، تــتــوافــق (املــقــتــطــفــات) مـــع مـــا يـــرغـــب دي سـيـلـفـا في تحليله، ولـقـاء ات يجريها بنفسه مع أنـاس لهم عـاقـات مختلفة مـع «البلجيكي»، كما يشير إليه مرارًا في الكتاب. الــــلــــقــــاءات تـــلـــك غـــيـــر مـــحـــصـــورة بـمـخـرجـن ومنتجن، إذ تنفتح على مصورين وتقنين و«بــــدالء»، أي أولـئـك الـذيـن يــــؤدون املـشـاهـد
تحليل سينمائي يعتمد على علوم النفس واالجتماع والتربية
الخطرة بـديـا عنه. أنـــاس مـن أميركا ودول آسيوية، مشهورة بالفنون القتالية، ولهذه األخــيــرة ثـقـافـات وقــواعــد مختلفة، يدرجها دي سـيـلـفـا فـــي ســيــاق بـحـثـه فـــي شخصية فاندام، وسيرته التي تظهر بن حن وآخر، فـــالـــكـــتـــاب غـــيـــر مــــنــــدرج فــــي إطــــــار «الـــســـيـــرة الــحــيــاتــيــة» الــبــحــتــة، أو «املــــذكــــرات»، لكونه تحليا، تـكـون السينما فيه نـــواة أساسية،
مـع اعتماد على النفس وعـاقـات الصداقة، والشخصية املتقلبة في باتوهات التصوير والحياة اليومية. قــراءة الكتاب متعة، لتمكن مؤلفه من سرد حـــكـــايـــة فـــــانـــــدام بـــســـاســـة وتـــبـــســـيـــط، رغـــم الـكـم الـهـائـل مـن املعطيات العلمية والفنية والــــفــــكــــريــــة، مــــن دون مـــبـــالـــغـــة فــــي تـمـجـيـد الــشــخــص، ومــــن دون تـسـطـيـح الشـتـغـاالتـه وتــفــكــيــره وأقــــوالــــه وعـــاقـــاتـــه، مـــع اإلشـــــارة الـــدائـــمـــة إلــــى تــبــايــن واضـــــح فـــي مـسـتـويـات أفامه، وممارسات عيشه. ينقل عنه إعجابه بــســيــلــفــســتــر ســــتــــالــــون وتـــــــوم كـــــــروز مـــثـــا، لـكـن أيـضـًا بأوليفر سـتـون. يـــروي نـوعـًا من منافسة/صراع بينه وبـن ستيفن سيغال. يكشف انغماسه املطلق بدور/شخصية، أيًا تكن نتيجة اشتغاله. يذهب إلـى الشخصي الـــبـــحـــت (املـــــــخـــــــدرات، الــــصــــداقــــة، الـــعـــائـــلـــة)، ويـــــســـــاجـــــل أعــــمــــالــــه املـــخـــتـــلـــفـــة. يــســتــشــهــد بمعارف وعاملن معه، وينتقي من حوارات تلفزيونية وصحافية كثيرة ما يؤكد قوال أو تحليا، أو ما يناقضهما، أو ما يفضحهما. رغـم هــذا، يـصـاب الـقـارئ بــ«تـعـب» نـاتـج عن كثرة الهوامش في كل صفحة ،)288( تقريبًا. لكن الهوامش مراجع وتعليقات ومقتطفات تـــضـــيـــف إلــــــى الـــــنـــــص، وال تـــــشـــــوه الــــقــــراءة ومــتــعــتــهــا. قــــــراءة كـــتـــاب ديــفــيــد دي سيلفا إضـــافـــة ثــقــافــيــة وفـــكـــريـــة وتــحــلــيــلــيــة، تـدفـع إلـى إعــادة النظر في أفـام ممثل، له شعبية كبيرة (نسائية أوال، وبالنسبة إلى املثلين أيضًا، كما في الكتاب)، لكن غالبية النقد غير متوافقة معه. نديم...