مراوغات مجلسي النواب والدولة الليبيين

أعلنت «لجنة »6+6 الليبية، املشكلة من مجلس النواب واملجلس األعلى للدولة، واملكلفة إعداد القوانني االنتخابية، عقب اجتماعات عقدتها في املغرب، عن توافق أعضائها «بشكل كامل حول النقاط املتعلقة بانتخاب رئيس الدولة ومجلس األمة». لكن يبدو أن البيان يتضمن مراوغة جديدة من مراوغات املجلسني. الالفت أن البيان لم يذكر أي موعد لتسليم القوانني االنتخابية املتفق عليها إلى مجلسي النواب والدولة. كما تمكن مالحظة أن ما ذكره البيان بشأن النقاط التي تم االتفاق عليها لم يتجاوز الحديث عن ملف االنتخابات البرملانية من دون التطرق لالنتخابات الرئاسية. حدث ذلك على الرغم من أن البيان صرح بأن التوافق الكامل كان حول االنتخابات الرئاسية والبرملانية. مع العلم أنه ال خالف حول شكل وقوانني االنتخابية، بل الخالف حول انتخاب رئيس الدولة، ال سيما شرطي منع العسكريني ومزدوجي الجنسية. والواقع أنه ال جديد في اتفاقات اللجنة سوى دعوتها «إلى تشكيل حكومة موحدة» بحجة ضرورتها للتمهيد إلجراء االنتخابات، وهي دعوة تتنافى تمامًا مع تأكيد بيان اللجنة التزامها «في عملها بمهامها ومقتضيات تشكيلها الواردة في املادة 30 من التعديل 13 لإلعالن الدستوري». فاملادة 30 حددت مهامها بإعداد القوانني االنتخابية ال التدخل في الشأن السياسي والتوسط لحل األزمة الحكومية. حتى مطلع األسبوع املاضي كانت تصريحات أعضاء اللجنة تتحدث عن عراقيل يسعون جاهدين لتجاوزها من أجل التوصل إلى اتفاق حول القوانني االنتخابية. وقبل اللجنة تشكلت لجان لذات املهمة وأجريت اتصاالت ولقاءات، لكنها كلها فشلت. واصطدمت في كل مرة بعقبة شرطي ترشيح العسكريني ومزدوجي الجنسية، فما الجديد؟ وما الذي حدث حتى تتفق لجنة 6+6 في غضون يومني فقط وبشكل فجائي حول تلك القوانني؟ يبدو أن ما ظهر - وهو املطالبة بتشكيل حكومة موحدة، وما خفي - وهو شكل التوافق حول شرطي العسكريني ومزدوجي الجنسية، هما لب القضية ومضمون الرسالة التي أراد املجلسان توجيهها للبعثة األممية وللمجتمع الدولي، ومفادها بأنه ال اتفاق حول انتخابات رئيس الدولة إذا لم تتشكل حكومة موحدة وفقًا لرغبات املجلسني التي لن تنتهي ولن تنجز معها أي انتخابات.