االشتباكات تتسع رغم الهدنة اتهامات للدعم السريع بنهب مطابع العملة واحتياطي الذهب
لم توقف الهدنة المعلنة في السودان منذ مساء اإلثنين االشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وال سيما في العاصمة الخرطوم، وذلك مع اتهامات لمسلحي حميدتي بنهب مطابع العملة واحتياطي الذهب، فيما ترتفع أعداد الضحايا والنازحين إلى خارج البالد
على الرغم من أن السودان يخضع لـــهـــدنـــة دخــــلــــت الـــتـــطـــبـــيـــق مـــســـاء اإلثـــــنـــــن املــــــاضــــــي، بــــعــــد مـــوافـــقـــة طرفي الـصـراع؛ الجيش الـسـودانـي وقـوات الدعم السريع، عليها، إال أن ذلـك لم يوقف بشكل كامل الـخـروقـات واملــعــارك، ال سيما فـــي الــعــاصــمــة الـــخـــرطـــوم واملــــــدن الــتــابــعــة لــهــا، وهـــي مـنـاطـق بـقـيـت ســاحــة للمعارك منذ انـــدالع الــحــرب فــي 15 إبــريــل/ نيسان املاضي. وفي حن تزداد التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية كبيرة مع ارتفاع أعداد الــفــاريــن وتــوقــف الـعـديـد مــن املستشفيات عــن الــخــدمــة، فـــإن راعـــيـــي الــهــدنــة الـحـالـيـة، الواليات املتحدة والسعودية، يحذران من اسـتـمـرار الــخــروقــات، مــع تـلـويـح واشنطن بعقوبات. على الـرغـم مـن ذلـك بقي دوي االشتباكات مـــســـمـــوعـــا أمــــــس األربــــــعــــــاء فــــي الـــخـــرطـــوم تــحــديــدًا، بـــالـــتـــوازي مـــع تــطــور الفـــت تمثل باتهام الجيش قـوات الدعم السريع بنهب مـطـابـع العملة فــي الــخــرطــوم. وقـــال عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا، لقناة «الـجـزيـرة» أمــس، إن «قــوات التمرد (الدعم الــســريــع) اخـتـرقـت الـهـدنـة بهجومها على مـــقـــر مـــطـــابـــع الـــعـــمـــلـــة بـــالـــخـــرطـــوم، ونــهــب مخزون الدولة من النقد الوطني واحتياط بنك الــســودان مــن الــذهــب». وأكـــد أن قيادة الـــجـــيـــش «وجـــــهـــــت عـــنـــاصـــرهـــا بـــااللـــتـــزام بــالــهــدنــة وعـــــدم االشـــتـــبـــاك مـــع املــتــمــرديــن بعد هجومهم على مطابع الـعـمـلـة». وفي وقـت الحــق، قـال العطا إن الجيش استعاد السيطرة على مطابع العملة وسيرد على أي خرق للهدنة بالحسم الالزم. في املقابل، وفي حن لم تعلق الدعم السريع على هذا االتهام، فإن مستشار قائد الدعم الـسـريـع مـوسـى خـــدام قـــال إن قـــوات الـدعـم ال تــــزال مـلـتـزمـة بــالــهــدنــة، ولـــم تـسـجـل أي خروق من جانبها. ونفى خدام لـ «الجزيرة» ســــيــــطــــرة الـــــدعـــــم الــــســــريــــع عــــلــــى عـــــــدد مــن املستشفيات. ميدانيا أيضا، سجلت خـروقـات في أجـزاء من العاصمة. ونقلت وكالة «األناضول» عن شهود عيان أن اشتباكات قوية وقعت وسط الخرطوم ومدينة بحري شمال العاصمة وأم درمان غربها. وأضاف شهود العيان أن «مدينة أم درمــان شهدت تحليقا للطيران وقصفا عنيفا بـاملـدافـع والــدبــابــات». كذلك دوت أصوات انفجارات قوية بمناطق شرق الـنـيـل وكـــافـــوري بمدينة بــحــري، وشـهـدت أحياء جنوبي وشرقي الخرطوم اشتباكات قوية مع تحليق للطيران وسماع مضادات الطيران، وفق الشهود. كـمـا نقلت وكــالــة «رويـــتـــرز» عــن سـكـان في الخرطوم أمس أنهم سمعوا دوي اشتباكات بـن طـرفـي الــصــراع ليلة الـثـالثـاء-األربـعـاء في أجــزاء من العاصمة. وقـال سكان في أم درمان إن تبادال إلطالق النار وقع في وقت متأخر الثالثاء في عـدة مناطق، وأضافوا أنهم سمعوا دوي نيران مدفعية كثيفة قرب قاعدة وادي سيدنا العسكرية في ضواحي العاصمة. وأعلنت السعودية والـواليـات املتحدة، في بــيــان مـشـتـرك صـــدر عـنـهـمـا لـيـل الــثــالثــاء، أنــهــمــا أبــلــغــتــا طـــرفـــي الـــصـــراع بــالــســودان بوجود تقارير تشير إلى انتهاك اتفاق وقف إطالق النار، وطالبتا الطرفن بااللتزام بما تم التوقيع عليه. وأفاد البيان، الذي نشرته الخارجية السعودية والسفارة األميركية بـالـسـودان فـي صفحتها عبر «فيسبوك»، بأن «السعودية والواليات املتحدة تؤكدان مـــجـــددًا أهـمـيـة اتـفـاقـيـة وقـــف إطــــالق الـنـار قــصــيــر األجــــــل والـــتـــرتـــيـــبـــات اإلنـــســـانـــيـــة»، مضيفا أنهما «الحظا أن أيـا من الجانبن لم يلتزم بعدم السعي إلى مكاسب عسكرية خـــالل فــتــرة 48 ســاعــة بـعـد تـوقـيـع االتــفــاق وقـبـل دخـولـهـا حـيـز الـتـنـفـيـذ». واسـتـطـرد: «بينما بدا القتال أقل حدة في الخرطوم مما كان عليه في األيـام األخيرة، أبلغ امليسران طــــرفــــي الـــــصـــــراع بــــوجــــود انــــتــــهــــاك لــوقــف إطالق النار». وطالبت الرياض وواشنطن «طرفي الصراع بااللتزام بما وقعا عليه من التزامات لوقف إطالق النار املؤقت لتقديم املساعدات اإلنسانية الضرورية». وكــــان وزيــــر الــخــارجــيــة األمــيــركــي أنـتـونـي بلينكن قـــد وجــــه رســـالـــة إلـــى الـسـودانـيـن قال فيها «إذا تم انتهاك وقف إطالق النار، سـنـعـرف وسـنـحـاسـب املـخـالـفـن مــن خـالل عـقـوبـات نفرضها ووســائــل أخـــرى متاحة لنا». ومـــــع اســــتــــمــــرار املـــــعـــــارك، تــــــــزداد حـصـيـلـة الـــــضـــــحـــــايـــــا. وأعــــــلــــــنــــــت وزارة الـــصـــحـــة السودانية، أمـس، عن تسجيل 709 وفيات 5424و إصـــــابـــــة بـــاملـــســـتـــشـــفـــيـــات فـــــي كــل الــــــواليــــــات، مـــنـــذ انـــــــدالع الـــقـــتـــال مـنـتـصـف إبـريـل املـاضـي. وقـالـت الـــوزارة فـي بيان إن «أحـــداث الـصـراع الحربي الناتج مـن تمرد قوات الدعم السريع في الفترة من 15 إبريل وحــتــى يـــوم 22 مــايــو الــحــالــي بـالـخـرطـوم والـــــواليـــــات أدت إلـــــى وفــــــاة ،709 وبــلــغــت
جملة اإلصـــابـــات 5424 تــم تسجيلها بكل املـسـتـشـفـيـات بـــواليـــات الــــســــودان». وفيما ذكرت أن عدد الواليات التي تأثرت بالقتال بـلـغ 13 واليــــة (مـــن أصـــل ،)18 أشــــارت إلـى أن «الـــخـــدمـــات الــطــبــيــة انــتــظــمــت بـــواليـــات الـسـودان املختلفة، ما عـدا واليــة الخرطوم وبـعـض واليـــات دارفــــور». وبحسب البيان ذاته، وضعت وزارة الصحة «خطة طوارئ» تتمثل فــي عـــدة مــحــاور لـتـقـديـم الـخـدمـات الـصـحـيـة وتــوفــيــر اإلمــــــداد والـتـنـسـيـق مع الـــشـــركـــاء، بـــاإلضـــافـــة الــــى مـــحـــور الـصـحـة العامة واألمراض املزمنة والرعاية الصحية األساسية في واليات السودان املختلفة. مـــن جــهــتــه، وصــــف مـــفـــوض األمــــم املـتـحـدة الـسـامـي لـحـقـوق اإلنــســان فـولـكـر تـــورك ما يـحـدث فـي الــســودان بـأنـه «مـفـجـع»، ووجــه مـــنـــاشـــدة مـــبـــاشـــرة لـــطـــرفـــي الـــقـــتـــال لــوقــف العنف الجنسي وحماية املدنيني. وأوضح أن مكتبه تلقى تقارير عن استخدام طائرات مقاتلة واشتباكات في العاصمة الخرطوم ليلة الثالثاء. وقال تورك في إفادة صحافية في جنيف إن «كثيرًا من املدنيني محاصرون فعليًا في مناطق تشهد قتاال بال هــوادة». وأضــــاف: «جــنــرال (عـبـد الــفــتــاح) الـبـرهـان، وجــنــرال (محمد حــمــدان) دقـلـو عليكما أن تصدرا تعليمات واضحة ال لبس فيها لكل من يأتمرون بأمركما تفيد بعدم التسامح عـلـى اإلطــــالق مــع الـعـنـف الـجـنـسـي... يجب حماية أرواح املدنيني ويتعني عليكما وقف هذا العنف العبثي على الفور». وأردف أن مكتبه وثــــق مــا ال يـقـل عــن 25 حــالــة عنف جنسي حتى اآلن، وأن العدد الحقيقي من املرجح أن يكون أعلى من املعلن بكثير. كــمــا قــــال املـــفـــوض الـــســـامـــي لـــأمـــم املــتــحــدة لشؤون الالجئني فيليبو غـرانـدي، أمـس، إن أكثر من 300 ألف شخص فروا من السودان إلـــى الــــدول املـــجـــاورة. وأضــــاف غـــرانـــدي، في تغريدة عبر «تويتر»: «الكثير من السودانيني عبروا حدود تشاد ومصر في األيام القليلة املـــاضـــيـــة». وأشـــــار املـــســـؤول األمـــمـــي إلـــى أن «مـسـاهـمـات املـانـحـني فــي خـطـة االستجابة لـالجـئـني ال تـــزال شحيحة، وبـالـتـالـي فإننا بحاجة إلـى مزيد مـن املـــوارد، بشكل عاجل، لدعم البلدان املضيفة لالجئني».