سد النهضة… تصعيد مصري ردًا على إثيوبيا
استؤنف تبادل االتهامات بين مصر وإثيوبيا حول ملف سد النهضة إثر قرار الجامعة العربية اعتبار األمن المائي لمصر والسودان جزءًا من األمن القومي العربي
صــعــدت الــقــاهــرة لهجة تصريحاتها تجاه إثيوبيا، فـي أعـقـاب بيان لألخيرة، جــاء ردًا على قرار قمة الجامعة العربية يوم الجمعة املــــاضــــي الـــــــذي اعـــتـــبـــر األمـــــــن املــــائــــي ملـصـر والسودان «جـزءًا ال يتجزأ من األمن القومي الـعـربـي»، رافـضـا أي عمل يمس بحقوقهما فـــي مـــيـــاه الـــنـــيـــل. وكـــانـــت وزارة الــخــارجــيــة اإلثيوبية قد اعتبرت في بيان اإلثنني املاضي «مــحــاوالت مصر للضغط على أديــس أبابا في ملف سد النهضة عبر الجامعة العربية تعكس عدم حسن نيتها». وأضاف البيان أن «إثيوبيا تعمل وستواصل العمل باحترام مبدأ االستخدام العادل واملعقول ملياه النيل». واعتبرت «هذا القرار إهانة لاتحاد األفريقي والدول األعضاء فيه، الذين يعملون للتوصل إلى حل تفاوضي ودي ملسألة سد النهضة». مـن جهتها، اعتبرت الخارجية املصرية أن الـبـيـان اإلثـيـوبـي «مـحـاولـة يائسة للوقيعة بــني مـصـر والــــدول الـعـربـيـة واألفــريــقــيــة، من خـــال تـصـويـر الـــدعـــم الــعــربــي ملــوقــف مصر الـــعـــادل واملــــســــؤول بــاعــتــبــاره خــافــا عـربـيـا أفـــريـــقـــيـــا». وأعـــــربـــــت فــــي بـــيـــان عــــن أســفــهــا لـــ«ادعــاءات غير حقيقية بــأن الـــدول الثاث، مـصـر وإثـيـوبـيـا والـــســـودان، اتـفـقـت بالفعل خال املفاوضات على حجم املياه التي سيتم تخزينها وفترة ملء خـزان السد، وأن لجوء مـصـر والـــســـودان لطلب الــدعــم الـعـربـي يعد انـتـهـاكـا التــفــاق املـــبـــادئ». وردت الخارجية املصرية على «ادعـاء إثيوبيا» بأنها «راعت شواغل مصر والسودان»، مشيرة إلى أن ذلك «يتناقض مــع حقيقة اسـتـمـرار املـفـاوضـات ألكثر من عشر سنوات بدون جدوى، وبدون أي التزام أو اعتبار لحقوق دول املصب». وقـــالـــت خــبــيــرة الــــشــــؤون األفـــريـــقـــيـــة نــجــاء مرعي لـ «العربي الجديد» إن «بيان الخارجية اإلثـــيـــوبـــيـــة كـــمـــا أشـــــــار املـــتـــحـــدث الـــرســـمـــي للخارجية املصرية، هو بيان مضلل ومليء باملغالطات، ألن الـدول الثاثة لم تتفق على التخزين أو حجم املــيــاه أو فـتـرة املـــلء، كما يــدعــي الـجـانـب اإلثــيــوبــي». وأضـــافـــت: «كــان هــنــاك اتـــفـــاق إعــــان املـــبـــادئ فـــي عـــام ،2015 لكن إثيوبيا فرغت هذا االتفاق من مضمونه ولــــم تــلــتــزم بــــأي بــنــد مـــن بــــنــــوده»، مـتـابـعـة «املــــلء الــرابــع عـلـى األبـــــواب، هــل تعلم مصر أو الـسـودان موعد املــلء أو حجم املياه التي سيتم تخزينها؟». مـن جهته، كشف دبلوماسي مـصـري، طلب عدم ذكر اسمه، لـ «العربي الجديد»، أن «الفترة الـــراهـــنـــة تــشــهــد إعـــــــادة صـــيـــاغـــة لــتــحــركــات الــقــاهــرة مـسـتـقـبـا»، مـشـيـرًا إلـــى أن «إعــــادة الـصـيـاغـة تشمل أيــضــا الـخـطـاب املستخدم ســـواء فــي األوســــاط الــدولــيــة أو اإلعــامــيــة». وشدد على أن «العودة ملجلس األمن مجددًا أمــر حاضر بـقـوة، ومحل دراســـة معمقة في الوقت الراهن»، مشيرًا إلى أن «تلك الخطوة بحال اللجوء إليها ستكون عقب امللء الرابع لتضمني نتائجه ضمن امللف الجديد الـذي سيتم التوجه به إلى املجلس». مـــن جــهــتــه، قــــال أســـتـــاذ هــنــدســة املـــيـــاه في جامعة الـقـاهـرة، عباس شـراقـي، إن «حديث إثـــيـــوبـــيـــا بـــشـــأن مـــراعـــاتـــهـــا مــــخــــاوف مـصـر والــــــســــــودان طـــــــوال املــــفــــاوضــــات أمـــــر كــــاذب ومضلل تماما». وأضاف لـ«العربي الجديد» أنه «خال التخزينات الثاثة السابقة للمياه خلف الـسـد، لـم تـــراع إثيوبيا أي ماحظات أو مــــخــــاوف». وتـــابـــع شـــراقـــي أن «مــــا حــدث فــي التخزين األول كــان دلــيــا واضــحــا على اإلضـــرار بــدول املـصـب، إذ تـم قطع املـيـاه عن الـــســـودان ومــصــر ملـــدة 21 يــومــا فــي يوليو/ تــمــوز ،2020 مــمــا أدى إلـــى انــخــفــاض مـيـاه
دبلوماسي مصري: العودة لمجلس األمن احتمال حاضر بقوة
الــنــيــل األزرق فـــي الـــســـودان وخـــــروج بعض محطات مياه الشرب عن الخدمة»، مضيفا أن «األمر نفسه حدث أيضا في التخزين الثاني الـذي أرادت فيه إثيوبيا تخزين 13.5 مليار متر مكعب إال أنها وقت الفيضان لم تستطع تـــخـــزيـــن أكـــثـــر مــــن 3 مـــلـــيـــارات مـــتـــر مـكـعـب، مــمــا تــســبــب فـــي ارتــــبــــاك فـــي إدارة الـــســـدود السودانية وفي خطة الزراعة املصرية». وفــي الـسـيـاق، قــال دبلوماسي مـصـري آخر سابق شارك في إدارة ملف املياه وأزمة السد خــال عمله بالخارجية املـصـريـة إن أديـس أبابا «تدرك جيدًا أن موقفها الحالي خاطئ ومليء بالثغرات، بحال االحتكام لــألدوات، ســواء الدبلوماسية أو القانونية الدولية». وشدد الدبلوماسي، الذي تحدث لـ«العربي الـــجـــديـــد» طــالــبــا عــــدم ذكــــر اســـمـــه، عــلــى أن أديـــــس أبـــابـــا «ســـبـــق أن وقـــعـــت عــلــى بــيــان رسمي عام 2013 بالتزامها بتجنب إحداث أي أضرار تقع على دول املصب، بحال أثبتت لــجــان الــخــبــراء تــعــرض دولــتــي املــصــب ألي أضـرار عبر الدراسات الفنية، وذلك بإدخال تــعــديــات عـلـى تـصـمـيـم الــســد نـفـسـه بـحـال تطلب األمر ذلـك»، مشيرًا إلى أن هذا البيان «جــاء توقيعه تحت ضغط التلويح بالحل العسكري». وأوضــح الدبلوماسي نفسه أن «إدارة امللف من الجانب املصري في أعقاب ذلـــك االلـــتـــزام اإلثــيــوبــي مــشــوبــة بــالــعــوار»، وكـــشـــف أن الـــتـــقـــاريـــر الــفــنــيــة الـــتـــي أعـــدهـــا الـــخـــبـــراء، ولــــم يــعــلــن عـــن تـفـاصـيـلـهـا حتى اآلن، «مليئة باملاحظات واألضـرار التي قد تتعرض لها دولتا املصب».