Al Araby Al Jadeed

عملت حكومات المحافظين خالل السنتين الماضيتين على تمرير قوانين «تعفي» السياسيين من مسؤولياتهم والتزاماته­م األخالقية

-

أمــر آخــر ال يقل خـطـورة عـن الفضائح واإلخـــــ­فـــــاقــ­ـــات، اتـــســـم­ـــت بــــه حــكــومــ­ات املحافظني خــال السنتني املاضيتني، وتـــــجــ­ـــلـــــى بــــتــــ­مــــريـــ­ـر الــــــقـ­ـــــوانــ­ــــني الـــتـــي تــــتــــ­مــــاشـــ­ـى مــــــع الـــــســ­ـــلـــــو­ك الــــــعـ­ـــــام فــي مـجـلـس الـــــوزر­اء والــتــي مــن شـأنـهـا أن «تعفي» السياسيني من مسؤولياتهم والـتـزامـ­اتـهـم األخــاقــ­يــة. وكـــان رئيس الـحـكـومـ­ة األســبــق بــوريــس جونسون أول من افتتح سلسلة القوانني الجديدة تـلـك عـبـر قــانــون يعفي املــســؤو­لــني من االستقالة إن أخـطـأوا، وال يلزمهم في حــال ارتــكــاب الخطأ ســوى بـاالعـتـذ­ار. بــيــنــم­ــا مــــــــر­رت وزيـــــــ­ـرة الـــداخــ­ـلـــيـــة فـي حـــكـــوم­ـــتـــه بــــريـــ­ـتــــي بــــاتـــ­ـيــــل مــجــمــو­عــة جـديـدة مـن الـبـنـود تعفي الـشـرطـة من «القيود» التي فرضتها عليهم الزعيمة الـــســـا­بـــقـــة تـــيـــري­ـــزا مـــــاي عـــنـــدم­ـــا كــانــت وزيـــرة للداخلية عــام 2014 بما يتيح لهم استخدام «العنف» بالقانون، أثناء قــيــامــ­هــم بــمــهــا­م الــتــوقـ­ـيــف الــعــشــ­وائــي والتفتيش القسري واالعتقال في حال اشتبهوا مجرد اشتباه بـ «وقوع أعمال عنف خطيرة». جاءت البنود تلك بعد أن «هندست» باتيل خطة رواندا املثيرة لـــلـــجـ­ــدل. يـــضـــاف إلـــــى ذلـــــك مـــحـــاو­الت حـــثـــيـ­ــثـــة لــــخــــ­رق قـــــوانـ­ــــني ومــــعـــ­ـاهــــدات دولية كما حدث مع بروتوكول أيرلندا الشمالية املتنازع عليه ذلـك الوقت أو كــالــتــ­لــويــح بـــاالنــ­ـســـحـــا­ب مـــن املـحـكـمـ­ة األوروبـــ­ــيـــــة لــحــقــو­ق اإلنــــسـ­ـــان لـتـبـريـر خطة الترحيل التي وصفها مسؤولون

أمـــمـــي­ـــون بــــ «غـــيـــر األخــــاق­ــــيــــة» و«غـــيـــر الـــقـــا­نـــونـــي­ـــة» فــــي حــــني وصـــفـــه­ـــا املــلــك تشارلز بـ«املروعة». من جهتها، مررت حكومة ريشي سوناك مشروع قانون «أوقــــفــ­ــوا الــــقـــ­ـوارب» الـــرامــ­ـيـــة إلــــى منع كــل املـهـاجـر­يـن مــن الــقــدوم إلــى اململكة املـتـحـدة بطريقة «غـيـر قـانـونـيـ­ة»، في الــــوقــ­ــت الــــــذي ال تـــوجـــد فـــيـــه أي طـــرق قانونية، متوعدة بإيقافهم وترحيلهم عــلــى الـــفـــو­ر إلــــى روانــــــ­دا أو تسليمهم إلــــى بــلــدانـ­ـهــم فـــي حــــال كــانــت «آمـــنـــة». ولــــم يــكــتــف ســـونـــا­ك بــتــمــر­يــر مــشــروع الـــقـــا­نـــون مــحــلــي­ــًا، بـــل حــمــلــه مــعــه إلــى أيسلندا قبل أيام وطرحه على رئيسة املـحـكـمـ­ة األوروبـــ­ـيــــة لــحــقــو­ق اإلنــســا­ن ســيــوفــ­را أولـــيـــ­ري لتستفيد مــن خبرة حكومة املحافظني في «خـرق القوانني الدولية». كما أنه طرح خال لقائه بها «ضـــرورة إجــراء عملية إصــاح شاملة للمحكمة األوروبية» انطاقًا من إعادة الـنـظـر بـــاملـــ­ادة 39 مـــن اتـفـاقـيـ­ة حـقـوق اإلنــســا­ن «لـضـمـان الشفافية املناسبة واملــزيــ­د مــن املـسـاءلـ­ة وإمـكـانـي­ـة إعـــادة النظر بــالــقــ­رارات»، بحسب «داونـيـنـغ ستريت». تجدر اإلشـــارة إلـى أن املـادة 39 تــحــديــ­دًا هـــي الــتــي أتـــاحـــ­ت لقضاة ستراسبورغ منع إقاع طائرة الترحيل إلـــى روانـــــد­ا الــعــام املـــاضــ­ـي، إذ تقضي بالسماح للمحكمة «بمنع ووقف طرد أو ترحيل أو تسليم األشخاص». ولن يكون قانون النظام العام الــذي أقرته وزيــرة الداخلية سويا برافرمان قبل يومني من مراسم تتويج امللك تشارلز هــو آخـــر الــقــوان­ــني «اإلشــكــا­لــيــة»، لكنه أثــــــار مـــوجـــة احـــتـــج­ـــاجـــات واســــعــ­ــة ملـا يشكله مـن «تـهـديـد» للحريات العامة ولعمل املنظمات الحقوقية ومنظمات املـــجـــ­تـــمـــع املـــــدن­ـــــي ونــــشـــ­ـطــــاء الـــبـــي­ـــئـــة. وبــــالــ­ــفــــعــ­ــل، أقـــــدمـ­ــــت الــــشـــ­ـرطــــة صـــبـــاح الـــســـا­دس مــن الـشـهـر الــحــالـ­ـي، أي قبل ساعتني فقط من بدء مراسم التتويج، باعتقال عشرات النشطاء الجمهوريني مـــمـــن كــــانـــ­ـوا فــــي طــريــقــ­هــم إلـــــى وســـط الـعـاصـمـ­ة لتنظيم وقــفــة احـتـجـاجـ­يـة. وعمليات االعتقال جرت «تحت غطاء» القانون الجديد الذي نفت برافرمان أن يكون تمريره مرتبطًا بالتتويج، قائلة إنها مجرد «صدفة».

 ?? (جاستين تاليس/فرانس برس) ?? جونسون أول من افتتح عهد إقرار قوانين إلعفاء السياسيين
(جاستين تاليس/فرانس برس) جونسون أول من افتتح عهد إقرار قوانين إلعفاء السياسيين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar