برونو لومير
عـــاد وزيــــر االقــتــصــاد الــفــرنــســي بـــرونـــو لــومــيــر، كي يحتل واجـهـة األحـــداث. لـم يكف املعلقون على مدى ثـاثـة أسـابـيـع عــن إبـــداء الـــرأي فــي روايــتــه الجديدة التي صدرت تحت عنوان »FUGUE AMERICAINE« ما يمكن ترجمته بـ «الشرود األميركي». لـم يكف فرنسيون عـن االحـتـفـاء بـالـوزيـر البالغ من الــعــمــر أربـــعـــة وخــمــســني عــامــا الــــذي ألــــف 13 كـتـابـا، خمسة منها إبان توليه حقيبة االقتصاد في ظل حكم الـرئـيـس إيـمـانـويـل مــاكــرون. هــو وزيـــر كــاتــب. وهما وظيفتان اجتمعتا فــي مــســؤول سـيـاسـي. تتمحور الرواية حول عازف البيانو فاديمير هوروفيز، الذي عاش بني 1903 1989و وذلـك من خال قصة أخوين قصدا هافانا في األربعينيات من القرن املاضي من أجل حضور إحدى حفاته.
رواية وسط أزمات خانقة
يتساءل البعض حول قدرته على تأليف تلك الرواية املكونة مـن 480 صفحة فـي سياق الـحـرب الروسية على أوكرانيا واألزمـــة الطاقية واالحتجاجات التي عرفتها فـرنـسـا بسبب إصـــاح الـتـقـاعـد والتضخم. تلك قضايا يرى منتقدوه أنها يفترض أن تستغرق كــل وقـتـه. غير أن مـا جعل الفرنسيني وحتى بعض األوروبـــيـــني ينقسمون حـــول الـــروايـــة الــجــديــدة، هو تضمنها مشاهد تعكس عـاقـة إبـاحـيـة بــني البطل أوسكار وصديقته جوليا. ذلك أثار الكثير من الغضب والسخرية. غــداة صــدور الكتاب بما أثــاره من ردود أفعال، كشفت وكالة فيتش للتصنيف االئتماني، عن خفض تصنيف فرنسا درجة واحـدة، مشيرة إلى أن «الجمود السياسي والحركات االجتماعية تشكان خطرا على برنامج ماكرون لإلصاح». تصنيف رد عليه لومير بشكل مقتضب بكون فرنسا قادرة على تمرير إصاحات هيكلية للباد.
انتقادات المعارضة
أثــار الكتاب ردود فعل حكومية محرجة، ونـقـل عن رئيسة وزراء فرنسا، إليزابيث بورن، قولها غاضبة: «يـجـب أن يعمل بـــدال مــن تـألـيـف مـثـل هـــذه الـكـتـب».
ورشحت أنباء تؤكد أن الرئيس إيمانويل ماكرون مــنــزعــج. ويـــدفـــع ذلــــك الــنــشــاط مـعـلـقـني وسـيـاسـيـني إلــى التساؤل حــول الطريقة التي يتمكن عبرها من إيجاد الوقت من أجـل تأليف خمسة كتب في أربعة أعوام، وفي ذروة األزمة االجتماعية وارتفاع الديون الــعــمــومــيــة إلــــي 3000 مــلــيــار يــــــورو. ويــعــتــبــرون أن ذلـك يعاكس الحملة التي يقودها الرئيس مـن أجل تجاوز ما قيل حول عزلته بسبب أزمة التقاعد، بل إن ماكرون سعى إلى إغراء املستثمرين عبر رفع شعار إعادة التصنيع. لم تتردد املعارضة في انتقاد رواية الوزير. فقد انتقد النائب البرملاني توما بورتس، ما اعـتـبـره استخفاف الحكومة بـــاألوضـــاع، فـي الوقت الــذي «ال يجد املـايـني مـا يأكلون أو مــلء ثاجاتهم أو يعانون مـن أجــل ســداد رســوم املـنـازل املستأجرة الـتـي يقطنون فـيـهـا». لــم يتخل الــوزيــر األب ألربعة أبناء عن شغفه باألدب. وهو يتطلع إلى السير على درب العديد من الدبلوماسيني الذين كانوا شغوفني باألدب. فقد تخصص فيه وأنجز رسالة حول الروائي مارسيل بروست، والتحق مثل األغلبية الساحقة من النخب الفرنسية، بمعهد العلوم السياسية واملدرسة الوطنية لإلدارة واملدرسة العليا العادية .)ENS(
العمل الدبلوماسي
التحق برونو لومير بـوزارة الشؤون الخارجية قبل 22 عاما، قبل أن يعمل بجانب رئيس الوزراء األسبق دومينيك دوفـيـلـبـان فــي عهد الـرئـيـس الــراحــل جاك شيراك بني 2002 ،2007و ليتولى بعد ذلك العديد من املناصب العليا في وزارة الشؤون األوروبية ووزارة الــفــاحــة، ويـصـبـح بـعـدهـا وزيــــرًا لـاقـتـصـاد. يعتبر العديدون أن الكتابة طبيعة ثانية فيه، إذ يرى البعض أنـه يهتم بـرأي نقاد األدب أكثر من السياسيني، هو الــذي رشحته التوقعات ألن يصبح رئيسا لـلـوزراء، بـــل إن ثــمــة مـــن رأى أنــــه يـطـمـح ألن يـصـبـح رئـيـسـا للجمهورية الفرنسية. فـي ظـل النقاش حــول كتابه الجديد، لم يتردد الوزير لومير في التأكيد أن حاجته للكتابة غير قابلة للتفاوض، منددًا بنظام أخاقي يراد فرضه، ثم يعتقد أنه عندما يؤخذ عليه توقيت إصدار الكتاب، يجب أن ينكب على كتاب آخر ألنه لن يتنازل عن الكتابة، حسب تصريحات سابقة له.