حروب تحرير شعبية خمس نجوم
أعلن أغضب الرؤساء العرب وأخطبهم وأرعدهم وأزبدهم وأقشرهم وأبرصهم، زين الدستوريني، قيس بن سعيد، رئيس تونس، حرب التحرير الشعبية على الفساد، وهو مصطلح حربي قديم منسي، يعود إلى القرن العشرين، عاله الغبار ودرسته الــدوارس، في عصر املظاهرات واالحتجاجات املدنية، والصناديق وتوكيالت تمرد وسواها من الحيل والخدع السياسية. قيل إن حرب التحرير الشعبية ظهرت في الصني قبل ألفي سنة، وبرزت في أميركا في الحرب األهلية األميركية، وفي حرب البوير، وروسيا، وفيتنام، والجزائر، وسورية. جاء مصطلح حرب التحرير الشعبية على الضد من الحرب النظامية، وتقوم فيها العصابات بغارات، تضرب وتهُرب، تكُّر وتفُّر، وتعتصم بالجبال الوعرة أو بالغابات الكثيفة واملستنقعات السبخة، أو حتى في املناطق املأهولة، وتستعيض عن قلة العدد والعتاد بالخفة وسرعة الحركة ومعرفة األرض التي تحارب فيها. قائد حـرب التحرير الشعبية التونسية املحدثة في أول غــارة أغـارهـا على الشعب والــدســتــور بـسـالح الـقـضـاء ورجـــال العسكر، وقـــوة الــقــانــون، ولـيـس بالشعب، من الـقـصـر، ولــيــس مــن الــغــابــات الـخـطـرة وال مــن املـسـتـنـقـعـات، اعـتـقـل بـعـض أعـضـاء البرملان املنتخبني، ثم صحافيا حكمه خمس سنوات على مقال ليست فيه شتائم، ثم اعتقل رئيس البرملان بتهمة وصـف رجــال األمــن (وليس الرئيس) بالطواغيت. وكـان حافظ األســد، وهـو أشـد الطغاة العرب وأسفكهم للدماء، يبيح وصـف رجال األمن بالشدة والقسوة، بل يفرح به، وتركه بواحا للمسرحيني الكوميديني، لكن قيس سعيد الغضوب، غضب واعتبره كفرا سياسيا، واعتقل رئيس البرملان وهو مفكر ومناضل قضى سنوات في السجن، منتخب مثله، وشيخ بلغ من العمر عتيا. الحروب الشعبية يشنها منتفضون ضد االحتالل والقوات الغازية، لكن في أيامنا يتشمر لها ملوك وزعـمـاء على شعوبهم بعد انـقـالبـات أطلق عليها اســم ثــورات، تمسكن فيها الزعماء حتى استمكنوا، منهم حافظ األســد وجـمـال عبد الناصر ثم عبد الفتاح السيسي، ومن قبلهم كمال أتـاتـورك، بل إن زين الدستوريني قيس بن سعيد دعـا غاضبا، وهـو يتحدث إلـى بعض املواطنني، إلـى استخدام األسلحة، عفوا األدوية الكيميائية، في تطهير الجسم املصاب بالسرطان. أول العالج عند زين الدستوريني: الكُّي بالكيميائي! وكان بشار األسد قائد ثورة سورية الشعبية امللكية قد خاض حرب تحرير استمرت أزيد من عشر سنوات، بكتائب نظامية وغير نظامية، وال تزال مستمّرة، حّرر بالده ليس من جيوش االحتالل، وإنما من شعبه. وقد أضمر مرشح الرئاسة كمال كليجدار أوغلو، في حملته االنتخابية في جولته الثانية، حرب تحرير شعبية ملكية، ضد الالجئني السوريني الهاربني من ابن مذهبه األســد، فجعل ترحيلهم شعار حملته االنتخابية، من غير إعــالن مكافأة لكل من
ا، أو يأتي بجلدة رأسه، أو يجعل أذنيه مصلومتني، حتى اآلن، ورفع من عددهم في خطابه اإلعالمي تزويرا وإلـحـادا، من ثالثة ماليني ونصف املليون إلى عشرة ماليني تخويفا للمواطنني الترك من خطرهم، ثم رفعه بعض أركان حزبه إلى 13 مليونا! األمر الذي زين ملحازبيه االعتداء على الجئني سوريني، حتى أن أحدهم قتل باألمس سوريا تطوعا وتنفال، فالكراهية حب أسود، يقوي الروابط والعصبيات السفلية، ويخشى أن يعلن حرب تحرير شعبية صريحة، ضد الجئني ال يتمتعون بحقوق الالجئني الدولية السياسية، ويتخوفون من الخروج من مآويهم، ويتجنبون النطق بالعربية ما استطاعوا، ويعملون بنصف أجور العامل التركي. إنها حرب تحرير «شعبية» علنية، وأخرى خفية في القصور الرئاسية، وثمة حرب تحليق شعبية من نوع آخر، ببناء جسور «الباليه» الراقصة، هـدًرا ألمـوال الشعب، واملدن الفضائية، مثل؛ نيوم على البحر األحمر، واملدينة اإلدارية في صحراء مصر، لتكون مدنا للمستعمرين والسائحني من بالد بعيدة