الالجئون السوريون... ورقة مساومة بيد النظام
يتمسك النظام السوري بورقة الالجئين سعيًا منه للمساومة بها من أجل تأمين شروطه، وعلى رأسها إعادة اإلعمار
لـــم تــغــب قــضــيــة الـــالجـــئـــني الـــســـوريـــني، ال ســيــمــا املــــوجــــوديــــن فــــي تـــركـــيـــا، عـن الـــواجـــهـــة اإلعـــالمـــيـــة الــســيــاســيــة خــالل اآلونـــــــــة األخــــــيــــــرة، خـــصـــوصـــًا أن هـــذه الــقــضــيــة تــحــولــت إلــــى ورقـــــة سـيـاسـيـة تـسـتـخـدمـهـا كـــل األطــــــراف الــفــاعــلــة في املـشـهـد، مـحـاولـة دفـــع الـنـظـام الـسـوري إلى إبداء «مرونة» حيال هذا امللف، الذي يـــريـــده الــنــظــام ورقــــة ضــغــط للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية من املجتمع الدولي. وقبيل الجولة الثانية مــــن االنـــتـــخـــابـــات الـــرئـــاســـيـــة الــتــركــيــة األحـــد املـقـبـل، بــني الـرئـيـس رجـــب طيب أردوغـــــــان، ومـــرشـــح تــحــالــف املــعــارضــة كــــمــــال كــــلــــجــــدار أوغــــــلــــــو، وضــــــع وزيـــــر الـــداخـــلـــيـــة الـــتـــركـــي ســلــيــمــان صــويــلــو، أمــــس األول األربـــــعـــــاء، حــجــر األســــاس لـــقـــريـــة ســكــنــيــة فــــي مــنــطــقــة جـــرابـــلـــس، الخاضعة للنفوذ التركي في ريف حلب الشمالي الـشـرقـي، فــي خـطـوة ال يمكن عزلها عن سياق االنتخابات الرئاسية، خصوصًا أن وجود الالجئني السوريني في تركيا يعد الورقة االنتخابية األهم في تركيا. وذكر الوزير عبر «تويتر» أن الخطوة تأتي في إطار مشروع العودة «الطوعية واآلمنة واملشرفة للسوريني إلى بلدهم». وكـــان وزيـــر الـخـارجـيـة الـتـركـي مـولـود جاووش أوغلو قد أكد، الثالثاء املاضي، فـــي تـصـريـحـات صـحـافـيـة، أن حكومة بــــالده أعـــــادت 550 ألـــف الجـــئ ســـوري، إلـى مناطق شمال غربي سورية. وأكد أن اللجنة املــنــوط بـهـا وضـــع «خريطة طــريــق» لتطبيع الــعــالقــات بــني دمشق وأنـقـرة وفــق نتائج االجتماع الرباعي لــوزراء خارجية تركيا وإيــران وروسيا والـــنـــظـــام الــــســــوري، الـــــذي عـــقـــد فـــي 10 مـايـو/أيـار الحالي، ستعقد اجتماعها في األيام القريبة املقبلة. ويبدو أن أنقرة تخطط إلعادة أكبر عدد مـمـكـن مـــن الــســوريــني الــالجــئــني لديها إلــى سـوريـة، بما فيها مناطق النظام، وفق جاووش أوغلو، الذي تحدث أخيرًا عـن حـاجـة القطاع الــزراعــي والصناعة
وغــيــرهــا مـــن الــقــطــاعــات لـلـيـد الـعـامـلـة التي يوفرها السوريون في تركيا. ومـن املتوقع أن تكون قضية الالجئني أولـــــــويـــــــة لـــــــدى الـــــجـــــانـــــب الـــــتـــــركـــــي فــي املباحثات مع النظام السوري الـذي ما يـــزال يـمـاطـل حـيـال هـــذا املـلـف وملفات أخرى. وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة «الـــوطـــن» الـتـابـعـة للنظام عــن مـصـادر «مــــتــــابــــعــــة»، قــــولــــهــــا إنـــــــه «مـــــــن املـــبـــكـــر الحديث عن إعداد لجنة سورية ملتابعة إعــــداد خـريـطـة طــريــق لتطوير العالقة مـــع تــركــيــا وفـــقـــًا ملـــخـــرجـــات االجــتــمــاع الــــــــــوزاري الــــربــــاعــــي األخــــيــــر بـصـيـغـتـه الوزارية». وادعت أن «دمشق لن تتنازل عـــن مــبــادئــهــا وثــوابــتــهــا، والـــتـــي تـربـط أي خــطــوة تطبيعية مــع أنــقــرة بإنهاء احــتــاللــهــا لـــأراضـــي الـــســـوريـــة، ووقـــف دعم اإلرهاب وعدم التدخل في شؤونها الداخلية». وال يدفع النظام باتجاه إعادة السوريني خـصـوصـًا مــن دول الـــجـــوار، إذ يطالب برفع العقوبات الدولية عنه، وانخراط املجتمع في إعادة اإلعمار، قبل التفكير في موضوع الالجئني الذين، كما تؤكد الــــوقــــائــــع، جــلــهــم ال يــفــكــر فــــي الـــعـــودة «الطوعية» إلـى مناطق النظام في ظل الخشية من حمالت انتقامية، فضال عن تدمير النظام مدنًا وأحياء كاملة. وقــــال مــديــر وحــــدة تـحـلـيـل الـسـيـاسـات في مركز «الحوار السوري» للدراسات، مـحـمـد ســـالـــم، فـــي حــديــث مـــع «الــعــربــي الـــــجـــــديـــــد»، إن «الـــــســـــوريـــــني يـــخـــشـــون مـــن أي تــغــيــيــرات يــمــكــن أن تـــحـــدث في تـــركـــيـــا، والـــــخـــــيـــــارات الــــيــــوم غـــــدت بـني سيئ وأســـوأ». وأعـــرب عـن اعتقاده بأن الفترة املقبلة «ربما تشهد عودة رحالت التهريب املكثفة إلــى أوروبــــا»، مضيفًا: «حــتــى اآلن كـــل الـــحـــراك الــــذي نـشـاهـده حول الالجئني ال يقدم أي حلول حقيقية ومــســتــدامــة لـلـقـضـيـة، عــلــى الــعــكــس قد يــقــوم بتعقيدها بـشـكـل أكـــبـــر». وأعـــرب سالم عن قناعته بأن «أي تفاهمات حول قـضـيـة الــالجــئــني الـــســـوريـــني ســـــواء في تركيا وغيرها مـن الـــدول ال تعني حال للموضوع»، مضيفًا: «النظام عمليًا ال يريد عودة هؤالء الالجئني، ويربط ذلك بإعادة اإلعـمـار، والالجئون ال يمكن أن يــــعــــودوا إلــــى مــنــاطــق الـــنـــظـــام تــحــديــدًا ألسباب أمنية واقتصادية ومتنوعة». من جهته، رأى املحلل السياسي التركي فــــراس رضـــــوان أوغـــلـــو، فـــي حــديــث مع «الـعـربـي الــجــديــد»، أن «هــنــاك مراجعة دولية لقراء ة مشهد الالجئني السوريني سواء في دول الجوار السوري أو أبعد مــــن ذلـــــــك». ورأى أن «كـــــل الــتــفــاهــمــات اإلقليمية والدولية ستصب في صالح إعـــــادة هــــؤالء الــالجــئــني إلــــى بـــالدهـــم»، مضيفًا: «النظام يستخدم هـذه الورقة لتحقيق مصالحه لجهة رفع العقوبات وإعــــادة اإلعـــمـــار». وبـــرأيـــه، فـــإن النظام «يــحــقــق نــجــاحــا فـــي الــتــعــامــل مـــع هــذه الـــــورقـــــة»، مــضــيــفــًا: «املــجــتــمــع الـــدولـــي سيضغط على النظام لعودة الالجئني. مسألة هـؤالء الالجئني تشهد تطورات كبيرة، وأعتقد أن النظام الـسـوري هو الكاسب األكبر».
سالم: السوريون يخشون من أي تغييرات قد تحدث في تركيا