فقراء الخليج وتركز الثروات

لعل الصورة الذهنية املرسومة عن دول الخليج الست (السعودية، الكويت، قطر، البحرين، سلطنة عمان، اإلمارات) أن هذه البقعة من العالم تعوم على ثروات مالية ونقدية ضخمة ال حصر لها، وأنها تضم أكبر عدد من املليونيرات واألثرياء في الكرة األرضية، وأن هذه الثروة متواصلة وناتجة بشكل رئيسي عن تفوق هذه الدول في إنتاج النفط والغاز، فإيرادات هذه الدول من منتجات الطاقة تبلغ أكثر من مليار دوالر يوميا، وقيمة الصادرات السعودية، في شهر واحد هو مارس/آذار املاضي، بلغت 28.29 مليار دوالر. وبسبب الثروة النفطية الضخمة وقفزات سعر النفط والغاز تدفقت األموال بغزارة على خزائن دول الخليج في السنوات املاضية، ومعها تضخمت احتياطياتها من النقد األجنبي وأرصدتها في البنوك الغربية، فدول الخليج باتت تمتلك عشرات من الصناديق السيادية الكبرى التي لديها سيولة نقدية تقترب من 3 تريليونات دوالر، وتستثمر دول الخليج نحو 250 مليار دوالر في السندات األميركية. ورغم امتالك كل تلك الثروات الهائلة إال أن الواقع يشير إلى تنام في أعداد الفقراء داخل دول الخليج رغم تضييق بعض حكوماتها على العمالة العربية واألجنبية الوافدة والتوسع في سياسة توطني الوظائف واإلنفاق بشكل كبير على البنية التحتية. فطبقا لتقرير صادر يوم األربعاء املاضي عن لجنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا (اإلسكوا) تحت عنوان 3.3« ماليني مواطن في بلدان الخليج في براثن الفقر»، فإنه رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها هذه الدول للحد من الفقر وتعزيز الطبقة الوسطى خالل العقود املاضية، ال يزال هناك 3.3 ماليني مواطن يعيشون في فقر يطاول 1 من كل 7 مواطنني في السعودية، و1 من كل 10 في عمان، و1 من كل 13 في البحرين. وفي املقابل، تقل معدالت الفقر في قطر والكويت واإلمارات عن .%2 مكافحة الفقر في الخليج والحد من تلك الظاهرة الخطيرة التي قد تؤثر على األوضاع االجتماعية السياسية املستقرة تحتاج إلى خطوات عدة منها التوزيع العادل للثروات، وعدم تركزها في يد عدد محدود من السكان، وتحقيق العدالة االجتماعية وإطالق الحريات االقتصادية، وتنويع أنشطة االقتصاد وعدم تركزه على النفط والغاز ودعم القطاع الخاص املوفر األول لفرص العمل، وإصالح نظام الدعم بحيث يوجه للفئات الفقيرة وذات الدخل املنخفض. كما أن األمر يتطلب استرجاع جزء من األموال الخليجية املتراكمة في البنوك الغربية إلقامة مشروعات يتم من خاللها خلق فرص تشغيل وهو ما يساهم في الحد من الفقر.