الحرب تعيد مصارف السودان للنظام اليدوي
أسفرت الحرب في السودان عن العودة بالنظام المصرفي نصف قرن للوراء، بعد أن قرر المصرف المركزي التعامل بالنظام اليدوي في بعض الخدمات المصرفية
اضــــطــــرت الـــســـلـــطـــات الـــســـودانـــيـــة إلـــــــــى إعـــــــــــان خـــــطـــــة طـــــــــــــوارئ فـــي القطاع املصرفي من أجل مواجهة تــــداعــــيــــات الــــحــــرب املـــتـــواصـــلـــة مـــنـــذ نـــحـــو 8 أسابيع، وذلك بهدف تواصل تقديم الخدمات املصرفية للمواطنني وصرف الرواتب والدفع باستمرار الحد األدنـــى مـن املعامات املالية لتسيير معيشة املواطنني. وأسفرت الحرب في السودان عن العودة بالنظام املصرفي خمسني عــامــا لـــلـــوراء، بــعــد أن قـــرر املـــصـــرف املــركــزي التعامل بالنظام اليدوي في بعض املعامات املـــالـــيـــة لــتــقــديــم الـــحـــد األدنــــــى مـــن الــخــدمــات املصرفية. وقرر محافظ بنك السودان املركزي بـــرعـــي الـــصـــديـــق الـــلـــجـــوء إلــــى خــطــة طــــوارئ تشمل أساليب يدوية وتسهيات مصرفية في ظل العقبات التي تواجه القطاع تكنولوجيًا بــســبــب تــــداعــــيــــات االشـــتـــبـــاكـــات الــعــســكــريــة املتواصلة بني الجيش وقوات الدعم السريع. وطـــــاول الــقــطــاع املــصــرفــي عـمـلـيـات تـخـريـب لكثير من مقار املصارف وفروعها، األمر الذي فاقم من أزمات السودانيني. ورصـــــدت الــســلــطــات نــهــب أكــثــر مـــن 25 فـرعـا للمصارف معظمها في العاصمة الخرطوم، عـــقـــب انـــــــدالع الــــصــــراع بــــني الـــجـــيـــش وقـــــوات الــــدعــــم الــــســــريــــع. ويـــشـــمـــل الــــنــــظــــام الــــيــــدوي استخدام املصرف املركزي نظام الشيفرة في التحويات، بجانب مقاصة يدوية لتسهيل تــعــامــل فــــروع املـــصـــارف مـــع املـــركـــزي لـتـبـادل الشيكات، بسبب تعطل النظام التقني. ووعد املـصـرف املـركـزي باستمرار تقديم املصارف الـخـدمـات املـصـرفـيـة لـلـمـواطـنـني، ولكنها لن تكون بنفس السرعة إذ تأخذ بعض الخدمات عـــدة أيـــــام. وفـــي هـــذا الــســيــاق، قـــال املـصـرفـي السوداني توفيق عباس، لـ«العربي الجديد»،
إن القرار ال يعدو كونه استساما لألمر الواقع الذي خلفته الحرب. وأضاف: «ال أعتقد أن هذا يجدي نفعا في تقديم خدمات مصرفية جيدة للمواطنني، الذين بدأوا فى سحب مدخراتهم رغـــــم طـــمـــأنـــة الـــجـــهـــات املــخــتــصــة بـــأنـــهـــا فـي مـــأمـــن، ولـــذلـــك ســتــدخــل املـــصـــارف فـــى دائــــرة اإلفــــاس لــعــدم رغــبــة الـجـمـهـور فــي التعامل مـع املــصــارف». وقـــال إن فـقـدان املــواطــن الثقة باملصارف سيعرضها ملصاعب مالية كبيرة قـد تــؤدي إلــى إغـاقـهـا، مـا يعنى انهيار أهم ركـــن مــن أركــــان االقــتــصــاد الــســودانــي املــتــأزم أصا قبل أن نواجه كارثة الحرب وتداعياتها. أمـــا االقـــتـــصـــادي الـــســـودانـــي بــابــكــر إســحــاق، فيقول إن خطة الطوارئ للمصارف مقصود بـهـا تنشيط عملية الـتـمـويـل الـــزراعـــي حتى ال يفشل املــوســم، ولـكـن على املـسـتـوى الـعـام، لـــن تــجــدي نـفـعـا فـــي ظـــل انــهــيــار تـــام للنظام املصرفي الذي يحتاج إلى فترة طويلة للعودة إلى العمل بشكل طبيعي. وأضــــاف أن جـمـيـع الــســودانــيــني يـعـلـمـون أن الــنــظــام املــصــرفــي يــعــانــى مـــن عــــدة مـشـكـات تقنية هيكلية وتقليدية، األمر الذي حرمه من ميزات كثيرة في التعامل مع األنظمة العاملية، وزاد األمــــــر ســــــوءا بـــعـــد انـــــــدالع الـــصـــراعـــات املـــســـلـــحـــة. وتــــابــــع: «ومــــــا يـــــدل عـــلـــى ذلـــــك هـو ســـيـــطـــرة الــــســــوق املــــــوازيــــــة عـــلـــى تـــحـــويـــات املغتربني حتى في ظل ثبات أسعار العمات األجـــنـــبـــيـــة، وذلـــــك نـتـيـجـة لــتــعــقــيــدات الـعـمـل املـــصـــرفـــي وبـــيـــروقـــراطـــيـــتـــه فـــي الــتــعــامــل مع
رصدت السلطات السودانية نـهـب أكـثـر مــن 25 فرعا للمصارف معظمها في العاصمة الخرطوم عقب انــدالع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع. الجمهور». كما أن القطاع ظل لسنوات يعاني من ضعف في الشبكات الرابطة بني الواليات وفروع املصارف، األمر الذي جعل التداول في العملة السودانية أيضا يجرى عبر صرافات خـاصـة لسرعتها فــي تـحـويـات النقد داخــل البلد الواحد، حسب إسحاق. وتـوقـفـت املــصــارف الـسـودانـيـة فـي العاصمة الـخـرطـوم عـن الـعـمـل، وتــأثــرت بـذلـك فروعها فـي الــواليــات األخــــرى، كما توقفت الخدمات املــصــرفــيــة كـالـتـمـويـل والـــتـــجـــارة الــخــارجــيــة. ويقول الخبير االقتصادي أحمد خليل: «إذا تمكنت املـصـارف من صـرف رواتــب العاملني وتشغيل الخدمات املصرفية وخاصة عودة مــقــاصــة الــشــيــكــات املــصــرفــيــة والــتــحــويــات الــبــنــكــيــة مــــن بـــنـــك إلـــــى آخــــــر، فـــذلـــك ســيــكــون إنــــجــــازا». ولــكــنــه يـــقـــول: «ذلــــك لـــن يــحــدث في القريب الـعـاجـل». وسبق أن أكـد وزيــر املالية جـبـريـل إبــراهــيــم صـــرف رواتــــب الـعـامـلـني في الــــدولــــة لــشــهــر إبـــريـــل/نـــيـــســـان املـــاضـــي عبر فـــروع بنك املــركــزي بــالــواليــات، الـتـي ستقوم بسداد التحويات الجارية بنفس قيمتها في شهر مارس/ آذار املاضي، على أن يقوم والة الـواليـات بصرف رواتــب العاملني بالواليات لشهر إبريل. كما وجه بنك السودان املركزي فروعه بالواليات بسداد التحويات الجارية للواليات لصرف رواتب العاملني لشهر إبريل املــاضــي، اسـتـجـابـة واســتــنــادا لـخـطـاب وزيــر املــالــيــة، بــجــانــب تــأمــني الــســحــوبــات الـنـقـديـة لفروع املصارف التجارية بالواليات. واعـتـمـد محافظ بنك الــســودان املــركــزي على خطة الـطـوارئ للتعامل بالنظام الـيـدوي في فروع بنك السودان املركزي بالواليات، ووجه املحافظ بتعميم خطة الــطــوارئ على جميع فروع بنك السودان املركزي إيذانا ببدء العمل بالنظام اليدوي ابتداء من األحد املاضي، عبر فريق عمل لتقديم الدعم الفني وحل املشاكل الــتــي تـصـاحـب تطبيق الــنــظــام. وبـــني الــقــرار املذيل باسم مدير إدارة الحسابات العمومية والشؤون املالية املكلف، تماضر محمد حسني، أنه نتيجة لتأثر خدمات االتصال والخدمات املصرفية اإللكترونية بسبب الحرب، وحتى ال يتوقف العمل في الفروع، نوجه مديري فروع بنك السودان املركزي للعمل بالنظام اليدوي لـحـني إشــعــار آخـــر، وذلـــك بـاعـتـمـاد األرصـــدة مـــن آخــــر مـــوقـــف تـــم اســـتـــخـــراجـــه مـــن الــنــظــام املـصـرفـي. ويـتـجـرى القفل يـدويـا بنهاية كل يـوم واعتماد الرصيد كرصيد افتتاح لليوم الـتـالـي. وإلجــــراء التحويات مـا بـني الـفـروع، يجرى استخدام شيفرة حسب النظام القديم لضمان سامة املعامات املالية.