أنقاض سيناء ثروة لحيتان الحديد في مصر
تقارير عربية
في وقت تتواصل فيه معاناة آالف املهجرين مـــــن مــــــدن رفــــــح والــــشــــيــــخ زويـــــــد والـــعـــريـــش بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، نتيجة الــقــرار الـعـسـكـري بــإزالــة مـنـازلـهـم، فــي أتــون الحرب على اإلرهــاب، يستغل بعض التجار هـــذه األوضـــــاع فــي تحقيق مـكـاسـب كـبـيـرة، مــن ضمنها االســتــفــادة مــن حـديـد التسليح الــــذي كـــان فـــي املـــنـــازل املـــدمـــرة، ونـقـلـهـا إلـى مــصــانــع الــحــديــد إلعـــــادة تـــدويـــرهـــا فـــي ظل ارتــفــاع أســعــاره إذ قفز ألكـثـر مــن %100 في غضون عام. وأفادت مصادر قبلية لـ «العربي الــــجــــديــــد» أنـــــه عـــلـــى مــــــدار األيـــــــام املـــاضـــيـــة، ســمــحــت قـــــوات الــجــيــش املــــصــــري، لــشــركــات
مــتــنــفــذة، بـــالـــدخـــول إلــــى املـــنـــاطـــق املــهــجــرة، وســحــب الــحــديــد مـــن األنـــقـــاض، وتحميلها على شاحنات، وخروجها في قوافل طويلة، فــــي اتــــجــــاه مـــصـــانـــع غـــــرب قــــنــــاة الـــســـويـــس (شمال)، فيما تابع املهجرون سرقة أنقاض
شركات متنفذة تدخل المناطق المهجرة وتسحب الخردة من األنقاض
مــنــازلــهــم دون الـــقـــدرة عــلــى فــعــل أي شـــيء، نظرا إلى حماية القوافل بقوات من الجيش، حيث أوصلتها إلـى قناة السويس، لضمان عــدم تعرضها ألي أذى مـن املهجرين الذين تشتتوا داخل سيناء وخارجها.
مقابل مالي كبير
أطــلــعــت املــــصــــادر الــقــبــلــيــة مـــراســـل «الــعــربــي الــــجــــديــــد» عـــلـــى مـــقـــطـــع مــــصــــور، يـــثـــبـــت نـقـل الحديد مـن مدينة رفـــح، وذلـــك خــال سيرها على الطريق الدولي، الرابط بني رفح وصوال إلى قناة السويس، فيما أشارت املصادر إلى أن ما يجري يتم بمعرفة اتحاد قبائل سيناء الـذي يديره إبراهيم العرجاني رجل األعمال املـقـرب مـن املـخـابـرات املـصـريـة، حيث تـم بيع الـحـديـد لـشـركـات الـصـلـب والــحــديــد، بمقابل مـالـي كـبـيـر، سيتم مــن خـالـه تغطية نفقات املــجــمــوعــات الـقـبـلـيـة الـــتـــي ســـانـــدت الـجـيـش املصري في حربه ضد تنظيم داعش اإلرهابي عــلــى مـــــدار الـــســـنـــوات املـــاضـــيـــة. وهـــجـــر آالف األهالي من مدينة رفح وقراها، وقرى الشيخ زويــد ومناطق متفرقة مـن مدينتي العريش وبــــئــــر الـــعـــبـــد، فــــي ظــــل حــــــرب الـــجـــيـــش عـلـى تنظيم داعش التي بدأت في عام .2013 ومنذ الــتــهــجــيــر، لـــم يــســمــح لـجـمـيـع ســـكـــان مـديـنـة رفــــح بـــالـــعـــودة إلــيــهــا، وكـــذلـــك بــعــض قـــراهـــا، رغم املطالبات املتكررة من األهالي بضرورة العودة إلى مناطقهم بعد انتهاء الحرب على اإلرهـاب. وأزال الجيش املصري مئات املنازل في مدينة رفح، لكنه صرف تعويضات مالية لجزء من أصحابها، في إشـارة إلى استحالة عودتهم إلـى تلك املناطق التي هجروا منها مــهــمــا تـــغـــيـــرت الــــظــــروف أو األســــبــــاب خـــال الــســنــوات املـقـبـلـة، فيما يبقى مصير مدينة «رفـــح الــجــديــدة» مــجــهــوال، مــن حـيـث الفئات التي ستقطنها خال الفترة املقبلة، خصوصًا في ظل توسيعها وزيــادة أعـداد املباني التي جرى إنشاؤها فيها خال السنوات املاضية.
السرقة ممتدة
من جهته، قـال صاحب منزل في مدينة رفح مـحـمـد أبــــو حـــــاوة، لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» إن املقاولني الـذيـن حـــازوا مناقصات االستفادة من ركام مدينة رفح، تجاوزوا حدودهم بسرقة الحديد، واألبواب، واملقتنيات التي كانت بجوار املنازل املهدمة، وهذا ما رأيناه في الشاحنات التي نقلت الحديد من رفح إلى مدن مصرية أخــــرى غـــرب قــنــاة الــســويــس. وأضـــــاف أنـــه ال يحق ألي جهة كانت أن تتصرف بممتلكاتنا، خصوصا أن جـــزءًا مـن املهجرين لـم يحصل حتى اليوم على التعويضات املالية من الجهات الحكومية، في ظل املماطلة غير املـبـررة منذ سنوات، ما زاد من معاناة املواطنني، تزامنا مع عدم السماح لهم بالتصرف في بقايا منازلهم، وعوائد الركام والحديد. وأوضح أن ركام املنازل مـن حـق أصحابها ولـيـس جـهـات أو شركات خاصة، تستفيد من عاقاتها مع الجيش أو املــخــابــرات وتــأخــذ األذونــــــات لــدخــول مدينة رفح بصفتها منطقة عسكرية مغلقة، يحظر على املدنيني دخولها، رغم أن فيها منازلهم وأراضيهم، مشيرا إلى أنه في بعض املناطق تمت سرقة ممتلكات املواطنني من قبل هذه الشركات، قبل هدم املنازل، وعلى مرأى ومسمع قــوات الجيش، مـا يشير إلـى أننا أمــام سرقة منظمة وتحت مظلة األمــن، وفـي ذلـك تجاوز كبير للقانون الـــذي يضمن للمواطن حفاظ الدولة على ممتلكاته ال املساعدة على نهبها.
احتجاج تجار الخردة
الافت في هذه القضية، أن هناك قرارا حكوميا وأمنيا يحظر على تـجـار الحديد املستعمل بشتى أشكاله وأنواعه والتي تسمى بـ «الخردة» تصديرها ملصانع الحديد خارج سيناء، بحجة أن جزءًا منها تمت سرقته من قبل مجموعات تتخصص في سرقة ممتلكات املواطنني، في مناطق متفرقة مـن سيناء. وتستورد شركة أبناء سيناء التابعة للعرجاني الحديد الخردة أيضا مـن قطاع غـزة عبر معبر رفـح وتسهل وصوله إلى مصانع الحديد والصلب في مصر، بينما ال يسمح ألهالي سيناء بتصدير الحديد املستعمل لذات املصانع. وفي التعقيب على ذلك، قال الناشط السيناوي أشرف الشوربجي، عبر صفحته على «فيسبوك»: «فعا تجار الخردة لهم حق االعتراض على قرار وقفهم، بجد قرار مجحف لفئة ليست قليلة، أما التجار فيرون أكثر من 40 سيارة حديد خردة تخرج لصالح شركة واحدة تحمل أكثر من 2000 طن خردة يقدر ثمنها بحوالي 8 مايني جنيه وهــم ال يستطيعون إخراج عربيتي خردة ال تتجاوز حمولتهما 10 أطنان يصبح حراما». وأضاف أن «الحجة التي ساقها بعض الناس للتأثير على صاحب قرار منع خروج الخردة هي وجود سرقات وهناك تساؤالت حول هذا امللف، فهل قــرار منع الـخـردة أوقــف سـرقـات؟ وهـل القرار له أي حجة قانونية في بلد يحكمه القانون؟ وأخيًرا من الذي يتحمل مسؤولية تعطيل أرزاق الناس بهذه السهولة؟