االقتراض االجتماعي أوًال
ارتـــفـــاع كـبـيـر شــهــده الــنــمــو االئـتـمـانـي بالقطاع املصرفي السعودي خال عام ،2022 بارتفاع القروض بنسبة %14.4 عـلـى أســــاس ســنــوي، مــدفــوعــًا بالطلب عــلــى الـــقـــروض الـشـخـصـيـة واألنــشــطــة العقارية، بحسب بيانات رسمية، ومع ذلك ظل «االقتراض االجتماعي» الخيار األول ملــواطــنــي املـمـلـكـة. فـالـسـعـوديـون يقترضون من املؤسسات املالية الرسمية مثل املصارف وشركات بطاقات االئتمان بنسبة ،%32 بينما يقترضون من األقارب بنسبة ،%36 حسب تقرير نشرته شركة BEZALEL DATA للبيانات الدولية. وبــني داللــة هــذه املـفـارقـة على تفضيل مــواطــنــي املــمــلــكــة عــــدم االقــــتــــراض من املــــصــــارف وبــــني أرقــــــام نــمــو االئــتــمــان بالقطاع املصرفي يمكن قــراءة ارتفاع مـنـسـوب الـثـقـة فـــي الــقــطــاع املـصـرفـي، مـــــع بــــقــــاء «االقـــــــتـــــــراض االجـــتـــمـــاعـــي» خيارًا أول بالنسبة للسعوديني، إذ ال تــزال فـوائـد املـصـارف دافـعـًا نحو هذه األولوية، والتي تؤثر على نمو القروض الشخصية ويمثل ارتفاع أسعارها قيدًا عـلـى تـمـويـل املــشــاريــع. ويـشـيـر تقرير نـشـره «إكسباتيك»، فـي 9 مـايـو/ أيـار الــــجــــاري، إلــــى أن مــوقــف قــطــاع واســـع مـــن الــســعــوديــني مـــن فـــوائـــد املـــصـــارف باعتبارها «مـحـظـورة ديـنـيـًا» يشجع على زيــادة نسبة االقـتـراض من خارج القطاع املصرفي، و«هو ما يجعل بعض الــســعــوديــني يـفـضـلـون االقــــتــــراض من أقاربهم أو أصدقائهم أو جهات إسامية موثوقة»، بحسب املوقع الفرنسي.
تقليل تكلفة االقتراض
يـــــرى الـــخـــبـــيـــر االقــــتــــصــــادي مـصـطـفـى شاهني أن ظاهرة االعتماد على الظهير االجتماعي في االقتراض ليست سلبية بـــالـــضـــرورة، إذ إنـــهـــا تــقــلــل مـــن تكلفة االقتراض، وهو ما يستفيد منه مايني السعوديني، خاصة أن املصارف تحصل فوائد من اإلقراض في اململكة، شأنها في ذلك شأن باقي دول العالم، حسبما صرح لـ«العربي الجديد». ويشير شاهني إلى أن االقتراض من األقارب يأتي في سياق اجتماعي منتشر في العالم العربي كله، وليس السعودية فقط، مشيرًا، في الوقت ذاتــه، إلـى أن نظام اإلقـــراض السعودي والخليجي به ميزة يتفوق بها عن باقي دول العالم العربي، وهـي أن الحكومة تـعـلـن فـــي كـثـيـر مـــن املــنــاســبــات إعــفــاء املواطنني من ديونهم البنكية في إطار «مكرمات ملكية». ومن شأن ذلك تشجيع مايني املواطنني في دول الخليج على االقتراض بأريحية من املصارف الوطنية، ما جعل نسبة االقتراض من املصارف كبيرة أيـضـًا مـقـارنـة بعديد مـن الــدول العربية األخرى، بحسب شاهني، مشيرًا إلى استمرار برامج قروض اإلسكان في دول الخليج، وكثير منها قروض حسنة با فـوائـد، ولــذا فـإن دور الحكومات ال يزال مميزًا في خدمة املواطنني، في تلك الدول، خاصة بالسعودية.
نمو القطاع المصرفي
مع ارتفاع نسبة االقتراض االجتماعي، ارتفعت أيضًا نسبة االقتراض البنكي، ما أدى إلى تسجيل ارتفاع لصافي الدخل اإلجمالي ألكبر 10 بنوك سعودية بنسبة %28.4 على أساس سنوي، بفضل ارتفاع صافي هامش الفائدة وصافي الرسوم والعموالت والدخل من التداول والصرف األجنبي، وفقًا لبيانات صادرة عن شركة «ألـــفـــاريـــز آنــــد مــــارســــال» االســتــشــاريــة الـدولـيـة. كما تحسنت كـفـاءة التشغيل للبنوك العشرة إلى %37.7 في عام ،2022 مع تحسن كفاءة التكلفة لثمانية بنوك منها، بحسب البيانات ذاتها. وانخفضت مخصصات خسائر التمويل في املصارف السعودية بنسبة %22.6 على أسـاس
سنوي، مع تحسن مستويات التغطية وصافي نسبة القروض. وظل رأس مال املـــصـــارف الـعـشـرة قــويــا ومـسـتـقـرا، مع ارتـفـاع نسبة رأس املــال مـن %18.3 في عام 2021 إلى %18.6 في عام ،2022 كما زادت نسبة رافد رأس املال من %16.8 إلى %17.1 في نفس الفترة.
نمو المصارف المفتوحة
إضــافــة لــذلــك، تشير بـيـانـات مجموعة بـــوســـطـــن االســــتــــشــــاريــــة BCG إلـــــى أن تــفــضــيــل الـــســـعـــوديـــني لــــاقــــتــــراض مـن خــــارج الــقــطــاع املــصــرفــي يـعـكـس أيضًا نــمــوًا سـريـعـًا فــي التكنولوجيا املالية واالبــــتــــكــــار فــــي الــــخــــدمــــات املـــالـــيـــة فـي املــمــلــكــة، عــبــر االقــــتــــراض مـــن املــصــارف املفتوحة )OPEN BANKING( بدال من تلك التقليدية. ويسمح نظام املصارف املفتوحة للجهات الخارجية بالوصول إلــــى نــظــم وبـــيـــانـــات املــــصــــارف إلنــشــاء منتجات وخدمات جديدة. وأعلن البنك املركزي السعودي عام 2022 إطاق إطار عمل لها ضمن أهداف رؤية ،2030 ومنها «جــعــل املـمـلـكـة مـــركـــزًا إقـلـيـمـيـًا وعـاملـيـًا البتكار التكنولوجيا املالية». كـمـا يمكن للبنوك املـفـتـوحـة مساعدة املقترضني بالحصول على صورة أكثر دقـــة عـــن الـــوضـــع مـالـيـتـهـم قــبــل تحمل ديون جديدة، عبر ربط شبكة حساباتها البنكية التقليدية ببعضها البعض، حسبما أورد تقرير ملوقع «إنفستوبيديا» في 4 إبريل/ نيسان املاضي. ودفعت هذه املعطيات املصارف التقليدية إلى توفير خدمات أفضل وأسعار فائدة أقل على االقـــتـــراض ملــحــاولــة جـــذب املـقـتـرضـني، ســواء األفـــراد أو الشركات، خاصة تلك الناشئة منها، ما خلق منافسة تصب فـي صـالـح املـواطـنـني، وتحسني كفاءة الخدمات املالية وزيـادة الشمول املالي وتحفيز الـنـشـاط االسـتـثـمـاري، حسب تقرير ملعهد الشرق األوسط.