Al Araby Al Jadeed

مقاربة عربية للحّل السوري ضمن السياق األممي

- رانيا مصطفى

حـضـر الــرئــيـ­ـس الـــســـو­ري، بــشــار األســـد، قمة جدة األسبوع املاضي، بعد انقطاع 12 عامًا، منذ قرار تجميد مقعد سورية فـــي جــامــعــ­ة الــــــدو­ل الــعــربـ­ـيــة فـــي .2011 ليس هـذا الحضور مجانيًا كما يتوهم بـعـضـهـم، أو كـمـا يــســوقــ­ه إعــــام الـنـظـام الـــــســ­ـــوري عـــــــود­ة الـــــعــ­ـــرب إلــــــى ســــوريــ­ــة، واعــتــرا­فــًا بـالـهـزيـ­مـة وبـانـتـصـ­ار النظام وحــلــفــ­ه؛ بــل يــأتــي ضـمـن مــقــاربـ­ـٍة عـربـيـٍة للحل السوري، تقودها السعودية التي اســتــعــ­ادت عــاقــاتـ­ـهــا الــدبــلـ­ـومــاســي­ــة مع دمــشــق لــهــذا الـــغـــر­ض. ال تــأتــي املــقــار­بــة بـجـديـد، بـل تسير ضمن الـطـرح األممي لـــلـــحـ­ــل الــــــسـ­ـــــوري وفــــــق مــــبــــ­دأ الـــخـــط­ـــوة مقابل خـطـوة، وصـــوال إلــى تطبيق قـرار مجلس األمــن .2254 فقد تعهدت دمشق بالتزام مخرجات اجتماع عمان املنعقد فــي األول مــن مــايــو/ أيـــار الـحـالـي، الــذي حـضـره وزراء خـارجـيـة األردن والــعــرا­ق والـــســـ­عـــوديـــ­ة ومـــصـــر وســــوريـ­ـــة، مـقـابـل عودة مقعدها إلى الجامعة، واستئناف حضورها الجتماعاته­ا الـدوريـة. وبناء عـلـيـه، جـــاء الــقــرار فــي مـقـر الـجـامـعـ­ة في القاهرة بحضور وزراء الخارجية العرب، بـإعـادة مقعد سـوريـة. وتـؤكـد مخرجات لــقــاء عــمــان نــصــًا عـلـى «اتـــخـــا­ذ خـطـوات عملية للتدرج نحو حل األزمة وفق مبدأ الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس األمن .»2254 وتشكلت لجنة اتـــصـــا­ل وزاريـــــ­ة مـــن األردن والـسـعـود­يـة والــعــرا­ق ولـبـنـان ومـصـر واألمـــن الـعـام، للمتابعة وتقديم تقارير دوريــة ملجلس الـجـامـعـ­ة؛ مــا يعني أن املـقـاربـ­ة العربية تـــســـيـ­ــر ضـــمـــن الــــســـ­ـيــــاق األمـــــم­ـــــي لــلــحــل فـــي ســـوريـــ­ة. ال رؤيــــة أمـيـركـيـ­ة متكاملة

لــلــحــل الــــســـ­ـوري، غــيــر مـــا يـــطـــرح أمـمـيـًا؛ لــكــن الـعـقـوبـ­ات املـتـاحـق­ـة عـلـى ســوريــة، وفي مقدمها قانون قيصر، تمنع إعادة تدوير النظام، «إال إذا غير سلوكه». وهذا يعني أن املقاربة العربية للحل السوري ال تــــتــــ­عــــارض مـــــع مــــصــــ­الــــح واشــــنــ­ــطــــن، رغــــم الــتــصــ­ريــحــات األمــيــر­كــيــة الــرافــض­ــة للتطبيع الـعـربـي. ســـرع الـكـونـغـ­رس من عملية التصويت على مشروع مكافحة التطبيع مع نظام األسد، قبل انعقاد قمة جدة بيوم، في رسالة واضحة إلى زعماء العرب، بعدم املغاالة في إعادة العاقات مع النظام السوري. ويـــــشــ­ـــدد املـــــشـ­ــــروع الـــــــذ­ي ســـيـــرس­ـــل إلـــى مجلس الشيوخ للتصديق، ثم إلى مكتب الرئيس بايدن ليصبح نـافـذًا، على عدم اخـــتـــر­اق األطــــــ­راف الــعــربـ­ـيــة املــطــبـ­ـعــة مع نــظــام األســــد قـــانـــو­ن قـيـصـر الــــذي جــرى تمديد العمل به حتى ،2032 وعلى تجارة املــخــدر­ات، عبر آلية مراقبة دوريـــة حول الـتـحـركـ­ات الدبلوماسي­ة لتلك األطـــراف مــــع الــــنـــ­ـظــــام، واالنــــت­ــــهــــا­كــــات الــحــقــ­وقــيــة والجرائم التي يرتكبها النظام وروسيا وإيـــــــ­ــران فــــي ســـــوريـ­ــــة، ويـــــشــ­ـــدد الـــرقـــ­ابـــة عــلــى عـــدم اســتــغــ­ال الــنــظــ­ام املــســاع­ــدات اإلنـــســ­ـانـــيـــ­ة، وعـــلـــى عــمــل األمـــــم املــتــحـ­ـدة فــــي ســـــوريـ­ــــة، وتــــقـــ­ـريــــر حــــــول مــنــظــم­ــات «األمانة السورية للتنمية» التي تشرف عــلــيــه­ــا أســـمـــا­ء األســـــد والــــهــ­ــال األحــمــر الــســوري إن كـانـت مستحقة للعقوبات. هـــذا يعني أن مـسـاعـي الــريــاض لــم تــأت بــالــتــ­نــســيــق مــــع واشـــنـــ­طـــن، لـــكـــنـ­ــهـــا، فـي الوقت نفسه، ال تتعارض مع مصالحها، وبـــاملــ­ـقـــابـــ­ل يـــبـــدو أن الــــوالي­ــــات املــتــحـ­ـدة أعطت الرياض ضـوءًا برتقاليًا لتحريك املـيـاه الــراكــد­ة فـي امللف الــســوري، لكنها أرســـلـــ­ت رســـائـــ­ل قــويــة إلـيـهـا وإلــــى بقية

ال تقبل بنية النظام السوري تقديم التنازالت، ألنها ستعني انهياره

العواصم العربية لضبط سلوكها تجاه نــظــام األســــد، وأال يـتـجـاوز األمـــر حــدود الـــعـــا­قـــات الــدبــلـ­ـومــاســي­ــة إلقـــنـــ­اع األســـد بتقديم خطوة مقابلة، وهذه الخطوة، إن حصلت، سيجرى تقييمها وقبولها في واشنطن، وليس في العواصم العربية. هل ستنجح املساعي العربية في إقناع النظام السوري لتقديم الخطوة التالية؟ يخلو خطاب األسد في قمة جدة من أية إشــارات إيجابية بشأن ما طلب منه في لقاء عمان وفي الزيارات العربية لدمشق وبـــالـــ­عـــكـــس، بــــــدءًا بـــإيـــص­ـــال املـــســـ­اعـــدات اإلنـسـانـ­يـة إلـــى محتاجيها فــي سـوريـة، ومـــــرورًا بـــإعـــا­دة الــاجــئـ­ـن والــكــشـ­ـف عن مــصــيــر املـــفـــ­قـــوديـــ­ن ومـــكـــا­فـــحـــة االتـــجــ­ـار الـسـوري اإلقليمي بالكبتاغون، وإعــادة بناء مؤسسات الدولة السورية، ووصوال إلـــى حـكـومـة انـتـقـالـ­يـة ودســـتـــ­ور جـديـد، وفـــــق الـــــقــ­ـــرارات األمـــمــ­ـيـــة؛ بــــل ويـــتـــح­ـــدى الـقـادة املجتمعن بـاإلشـارة إلـى تمسكه بـــاألحــ­ـضـــان اإليــــرا­نــــيــــ­ة الـــعـــا­بـــرة مــقــابــ­ل انتماء للعروبة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar