مصر: تبدد التفاؤل بالجلسة االفتتاحية لـ«الحوار الوطني»
تراجع تفاؤل مشاركين كثر في «الحوار الوطني» في مصر إذ تحول إلى جلسة يتم تبادل األحاديث فيها، ال مناقشة الملفات الضرورية
ســــرعــــان مــــا تـــبـــدد الـــتـــفـــاؤل الــــــذي خـلـفـتـه الـجـلـسـة االفـتـتـاحـيـة لــلــحــوار الــوطــنــي في مصر، في 3 مايو/أيار الحالي، بعد كلمتن وصــفــتــا وقــتــهــا بــــ«الـــنـــاريـــتـــن»، إحــداهــمــا لــــأمــــن الـــــعـــــام الــــســــابــــق لـــجـــامـــعـــة الــــــدول الــعــربــيــة، وزيــــر الــخــارجــيــة الــســابــق عـمـرو موسى، واألخرى للسياسي حسام بدراوي، مستشار الحوار الوطني. وبعد أسبوعن من الجلسات على صعيد املـحـاور الثاثة (الـــســـيـــاســـي واالقــــتــــصــــادي واملــجــتــمــعــي)، بــــدا األمــــــر، بــحــســب ســيــاســيــن وحــزبــيــن، «مـكـلـمـة» (جـلـسـة أحـــاديـــث) ولــيــس حـــوارًا كــــان مـخـطـطــا لـــه أن يــضــع حـــلـــوال لــأزمــة السياسية واالقـتـصـاديـة، وحـالـة االنغاق التي تفرض نفسها على املشهد. وحـــول مـجـريـات هـــذا املــلــف، يشير الناشط الحقوقي جمال عيد، فـي حديث لـ«العربي الـجـديـد»، إلــى أن «رأيـــي أن الــحــوار الوطني خطوة شكلية، مثل االستراتيجية الوطنية لحقوق اإلنسان، أو لجنة العفو الرئاسي، أو قرار وقف حالة الطوارئ. وهي كلها خطوات شكلية ملحاولة إرضــاء الـخـارج، في حن أن الداخل يتم قمعه». ويضيف أنــه «فـكـرة أن البعض يـقـدم نفسه عـــلـــى أنــــــه مـــضـــطـــر لـــلـــمـــشـــاركـــة فــــي الــــحــــوار مــــن أجـــــل مـــحـــاولـــة اإلفــــــــراج عــــن املــعــتــقــلــن، فــي الحقيقة أنـــك ال تـسـاهـم فــي اإلفـــــراج عن أحــد، لكنك تـحـاول حماية نفسك أو تحاول االستفادة بقربك من الدولة، ألن من يضغط على نفسه هو الشخص املصمم على كشف هذا الزيف حتى ولو تعرض لبطش الدولة». مــــن جـــهـــتـــه، يــــقــــول عـــضـــو الـــحـــركـــة املـــدنـــيـــة الديمقراطية، رئيس حزب الدستور السابق، عـــاء الــخــيــام لـــ «الــعــربــي الـــجـــديـــد»: «قــــراري مــن الــبــدايــة هــو رفـــض املــشــاركــة فــي الـحـوار الوطني بهذا الشكل، ألنـه ابتعد عـن املسار الذي اتفقنا عليه في بيان 8 مايو/أيار ،2022 وبعد مرور أسبوعن تحول الحوار الوطني إلى مكلمة، وال يوجد حوار سياسي بمعنى وجــود أطــراف مختلفة في اآلراء يتناقشون مـــعـــا، أحـــدهـــم لـــديـــه الــســلــطــة والــــقــــدرة على التغيير إذا اقتنع بــــاآلراء. مـا يـحـدث مجرد مكلمة فـي مشهد حـزيـن ال يمكنك أن تفرق فيه بن املعارضة واملــواالة، بل مجرد تأدية ألدوار مـــحـــددة، كــل شـخـص يــقــرأ ورقـــة ملـدة 4 دقــائــق لتسجيل املـــواقـــف، ولــيــس بـهـا أي نقاش أو رؤيـة سياسية أو حـوار يثار حول األفكار املطروحة». ويضيف الـخـيـام أن «األمـــر أصـبـح شكليا،
والــجــمــيــع يـــــؤدي بـــه أدوارا لــكــن ال تـأثـيـر حــقــيــقــيــا لـــلـــمـــعـــارضـــة، بــــل مــــجــــرد عـــنـــوان بمشاركة املعارضة في الحوار، حتى عندما أتــابــع اإلعــــام الــرســمــي لــلــدولــة ال أجـــد أي ذكر للمعارضة، إنما مجرد كيانات وهمية ال يـعـلـم عـنـهـم املــصــريــون شــيــئــا». ويـتـابـع الــخــيــام: «لــيــس هــكــذا يــكــون الـــحـــوار الـــذي وضعنا له بعض الشروط والضمانات في بيان 8 مايو، فالحوار يجب أن يكون جديا وبــن طـرفـن مختلفن حــول نقطة واحــدة للخروج بحلول محددة، لكن ما يحدث اآلن عبارة عن ناظر مدرسة يعطي الكلمة لكل تلميذ لقراء ة نص مكتوب». بــــــــدوره، يــعــتــبــر املـــتـــحـــدث اإلعــــامــــي بــاســم الـــحـــركـــة املــــدنــــيــــة، املــــقــــرر املـــســـاعـــد لـلـجـنـة األحـزاب السياسية بأمانة الحوار الوطني، خـالـد داود، فـي حـديـث لــ«الـعـربـي الجديد» أنـــه «بـعـد فـتـرة طـويـلـة مــن املـنـع فــي املـجـال الـــعـــام، كــــان الـــحـــوار الــوطــنــي فــرصــة جـيـدة لـلـتـعـبـيـر عــــن أفـــكـــارنـــا ومـــواقـــفــنـــا ورؤانـــــــا، والــطــريــقــة الــتــي تـــم تـنـظـيـم الـجـلـسـات بـهـا، أن كا من املشاركن ألقى كلمته، وحاولنا
عالء الخيام: ال تأثير حقيقيًا للمعارضة في الحوار الوطني
أن ننبه املـشـاركـن ألن تـكـون كلماتهم بها رؤى وأطروحات سياسية وليست تسجيا لــلــمــواقــف. ومــــن املــفــتــرض أن يـــقـــوم كـــل من املـقـرر واملـقـرر املساعد بكل لجنة، بصياغة أهم األفكار والتوصيات ورفعها إلى مجلس األمــــنــــاء الـــــذي بــــــدوره يــرفــعــهــا إلــــى رئــاســة الجمهورية بما أنها الجهة الداعية للحوار». ويـــــوضـــــح داود أنــــــه «بـــالـــنـــســـبـــة لــلــنــظــام االنــتــخــابــي لـــم يـــحـــدث تــحــريــك لــلــمــواقــف، فـــأحـــزاب املــــــواالة تـتـمـسـك بــنــظــام الـقـائـمـة املـطـلـقـة وتــرفــض نــظــام الـقـائـمـة النسبية، بينما تـطـالـب أحــــزاب املــعــارضــة بالقائمة الــنــســبــيــة فـــي االنـــتـــخـــابـــات، فــهــنــاك إدراك بــصــعــوبــة الـــوضـــع فـــي الـــحـــالـــة الــحــالــيــة». ويــضــيــف أنــــه «بــالــنــســبــة ملــلــف املـعـتـقـلـن، فـهـنـاك اتــفــاق فــي الــحــركــة املــدنــيــة عـلـى أن كـــل شــخــص يـــبـــدأ حــديــثــه يــجــب أن يشير إلى ملف سجناء الـرأي واملطالبة باإلفراج عنهم، وتـم االلـتـزام بهذا الـقـرار من غالبية املــشــاركــن بنسبة تـصـل إلـــى 80 فــي املـائـة على األقل، لدرجة أن إدارة الحوار أخبرونا بأن رسالتنا وصلت بوضوح». ويؤكد داود أن «ال أحد يتخيل أن املمارسات األمنية يمكن أن تتغير بـن ليلة وضحاها بسبب إطـاق الحوار الوطني، حتى تجربة السنة األخـيـرة لم تثبت ذلــك، فنحن نشارك على أمل تغيير املمارسات، ونطالب الجهات الــداعــيــة لــلــحــوار لــيــس فــقــط بـــإطـــاق ســـراح الـسـجـنـاء، ولــكــن بـتـوقـف املــمــارســة نفسها، والتوقف عن القبض على املواطنن بسبب التعبير عن آرائهم».