Al Araby Al Jadeed

الجزائر... إعادة اكتشاف

- عثمان لحياني

قريبة في الجغرافيا لكنها ظلت بعيدة عن التماس السياسي واالقتصادي للجزائر. لعقود أغفلت الجزائر البرتغال، كما أغفلت دوال أخرى في جوارها القريب، العربي واألفريقي واملتوسطي، وكان يمكن أن تستفيد من تجربة أو تعزز دعامة اقتصادية وسياسية. ما يمكن أن توصف به زيارة الرئيس الجزائري عبد املجيد تبون األخيرة إلى لشبونة هو إعادة اكتشاف جزائرية لبلد اسمه البرتغال، تتقاطع الكثير من ظروفه السياسية وتشكل بنية الحكم فيه مع الحالة الجزائرية. يضاف إلى ذلك إمكانية وافرة الستجالب تجربة البرتغال في تركيز اقتصاد على قاعدة بعض القطاعات االقتصادية الحيوية التي تحتاجها الجزائر في تحوالت اقتصادها املحلي. ليس بالضرورة ربط تحويل واهتمام الجزائر بالبرتغال بأنهما التفاف على األزمة مع إسبانيا. ال يبدو األمر تكتيكًا سياسيًا ظرفيًا، بقدر ما يظهر بوضوح أنه ضمن استراتيجية وتصور يعيدان ترتيب خريطة عالقات الجزائر وشراكاتها اإلقليمية، وإحياء عالقات مع كثير من الدول التي غيبت في السابق عن دائرة االهتمام الجزائرية، أو ظلت هذه الدول بعيدة عن املخيال السياسي واالقتصادي واالجتماعي للجزائريني، أو مراجعة أبعاد عالقات أخرى مع دول جوار أخرى للبحث عن مداخل مغايرة. الدليل على ذلك هو أن الجزائر كانت قبل ذلك قد أعادت اكتشاف بلد عربي في خاصرتها الجنوبية، بعد تناس نسبي دام عقودًا، إلى حد أن بلدين عربيني ومغاربيني، كالجزائر وموريتانيا، لم يكن بينهما ممر بري حتى نهاية عام .2018 ومثل البرتغال، تحتاج نواكشوط زيارة من الرئيس الجزائري، فمنذ أكثر من عقدين لم يقم أي رئيس جزائري بزيارة إلى موريتانيا. السنغال هي األخرى دولة كان رالي الجزائر داكار هو أكثر ما يربط البلدين، لكنها باتت اآلن في موقع اهتمام جزائري، خصوصًا اقتصاديًا وتجاريًا، إضافة إلى أهميتها السياسية أفريقيًا. بلدان في الجوار ال يزاالن بحاجة إلى إعادة اكتشاف جزائري بمعنى مغاير؛ مالي التي تتوفر إليها منافذ دينية وقبلية يمكن أن تساعد في توطني السلم، وفرص اقتصادية كبيرة على الرغم من تعقيدات الوضع األمني وتداخل املصالح الدولية، وليبيا التي تؤكد كل الوقائع السياسية واالقتصادي­ة أن االقتراب الجزائري السياسي واالقتصادي إلى هذا البلد الشقيق ما زال بطيئًا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar