تونس: هل انتصرت الشعب ـوية بالكامل؟
تكثر التساؤالت في تونس عما إذا كانت الشعبوية قد انتصرت نهائيًا، وإذا كان الديمقراطيون فشلوا في إيصال صوتهم، في ظل استمرار الرئيس قيس سعيد بالهروب إلى األمام والسير في طريقه منفردًا
ال يزال املشهد التونسي يراوح مكانه، حيث تــســتــبــســل املـــعـــارضـــة فــــي إيــــصــــال صــوتــهــا والدفاع عن موقفها، على الرغم من الضربات املتتالية التي تلقتها، من اعتقاالت وسجن لــقــيــاداتــهــا وتــوســيــع دائـــــرة تـكـمـيـم األفـــــواه ونشر الـخـوف. فـي املقابل، يـواصـل الرئيس الــتــونــســي قــيــس ســعــيــد هـــروبـــه إلــــى األمــــام وتصميمه عـلـى الـسـيـر فــي طـريـقـه مـنـفـردًا، غـــيـــر عـــابـــئ بــــأحــــد، وخـــصـــوصـــًا بـالـحـقـيـقـة االقتصادية واالجتماعية. ويـــــتـــــســـــاءل تــــونــــســــيــــون الــــــيــــــوم: هـــــل خــســر الديمقراطيون التونسيون معركتهم نهائيًا؟ وهل تمكنت الشعبوية من كل مفاصل الحكم واستتب لها األمر؟ أين أخفقت وتخفق النخب السياسية وغير السياسية التونسية؟ وما مجال تحركها املتاح اليوم، وأفقه؟ مساء السبت املاضي، كانت «جبهة الخاص الـــوطـــنـــي» املـــعـــارضـــة كـــالـــعـــادة فـــي الـــشـــارع، تطالب بـإطـاق ســـراح املعتقلن واسـتـعـادة الشرعية والديمقراطية. وصباح اليوم ذاته، كـــان مــركــز الــــدراســــات االســتــراتــيــجــيــة حــول املغرب العربي، يقدم كتاب الباحث التونسي أيمن البوغانمي: «الشعب يريد، عندما تأكل الديمقراطية نفسها». مشهد يلخص وضع تونس اليوم. يـــقـــول الـــبـــوغـــانـــمـــي، فــــي حــــديــــث لــــ «الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، إن «تـــونـــس تـعـيـش الـــيـــوم لحظة انتكاسة الديمقراطية لفشل التجربة األولى»، مـــوضـــحـــًا أنـــــه «فـــــي أكــــثــــر الــــــــدول الــــتــــي تـمـر بتجربة ديمقراطية، تحصل انتكاسات، قد تكون صغيرة ومحدودة، أو كبيرة، أو كارثية أحيانًا، ونحن لألسف في تونس أقرب نحو االحتمال األســـوأ وهــو االنتكاسة الخطيرة، ونأمل أال يحدث ذلك وأن أكون مخطئًا». وعلى الرغم من االنتكاسة الواضحة وصعود الـشـعـبـويـة وتـــراجـــع الـتـجـربـة الـديـمـقـراطـيـة في تونس، وعلى الرغم من ضـرب الحريات وتـوسـع االعـتـقـاالت، ال تــزال بعض األحــزاب والنخب لم تحسم أمرها وتراوح مكانها في نفس الحسابات السياسية واأليديولوجية. وحـول ذلك يقول البوغانمي: «هناك إشكال لــــدى الــنــخــب فـــي فــهــم الــديــمــقــراطــيــة، حيث يعتقد البعض أنها مجردة وهـي مجموعة مـــثـــل، ولــــم نـفـهـم أن الــديــمــقــراطــيــة مـمـارسـة وواقــــــــع، والـــعـــاقـــة بــــن الــــواقــــع واملــــثــــل هـي املــراهــنــة عـلـى اآللـــيـــات الـديـمـقـراطـيـة لبلوغ املثل وليست املراهنة على آلية ديكتاتورية». ويـلـفـت إلـــى أن «هــنــاك حـتـى مــن يـقـول إن ال إشــكــال فــي ديـكـتـاتـوريـة مـؤقـتـة ملـــدة معينة حـــتـــى نـــصـــل إلـــــى الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة املــســتــقــرة، وهــــذا غــيــر مــمــكــن، فـــإن كــانــت الـديـمـقـراطـيـة هــــي الـــغـــايـــة، والـــوســـيـــلـــة غـــيـــر ديــمــقــراطــيــة، فـــهـــذا نــــوع مـــن االنــــحــــراف الــخــطــيــر الـــــذي ال