Al Araby Al Jadeed

دالل شحرور تطلق مشروعها لفن «المنداال»

يعتمد فن «المنداال» على مجموعة من الرموز التي استعملها الهندوس والبوذيون لقرون للتعبير عن صورة الكون الميتافيزي­قي، وبدأ في منطقة التبت، ثم انتشر حول العالم

- بيروت ـ انتصار الدنان

اختارت الالجئة الفلسطينية املتحدرة من قرية هونن، دالل شحرور، واملقيمة فـــي مـخـيـم الـــبـــد­اوي فـــي شــمــال لـبـنـان، أن تــطــلــق مــشــروعـ­ـهــا الـــخـــا­ص فـــي فن «املـــنـــ­داال»، وهــو فـن غير منتشر كثيرًا فــــي املـــنـــ­طـــقـــة الـــعـــر­بـــيـــة. واملـــــن­ـــــداال هـي الـدائـرة، ويجري في هـذا الفن تصميم نمط ونقوش متوازنة بصريًا تتكثف في املركز. وحــــــــ­ول اخــــتـــ­ـيــــارهـ­ـــا لــــلــــ­مــــنــــ­داال، تـــقـــول شــــحــــ­رور: «عـــنـــدي حـــب كــبــيــر لـلـفـنـون، وقــد لفتني هــذا الـنـوع مـن الـفـن عندما شـاهـدت عــددا مـن األعـمـال الخاصة به عبر منصة إنستغرام، وقمت بدراسته عـــبـــر دورات إلـــكـــت­ـــرونـــي­ـــة مـتـخـصـصـ­ة يقدمها فنانون (أون الين)، ومع الوقت صـرت أطبق ما تعلمته خـالل الــدورات في البيت. بدأت تطبيقه أوال على عدد مـن األوانــــ­ي الـزجـاجـي­ـة الـصـغـيـر­ة، مثل األكـــــو­اب املـخـصـصـ­ة لــلــشــا­ي والــقــهـ­ـوة، والــــصــ­ــحــــون، ثــــم انــتــقــ­لــت إلـــــى املــــراي­ــــا، وصـــــرت الحـــقـــًا أعـــــرض بــعــض أعـمـالـي عبر مواقع التواصل االجتماعي». تتابع: «قوبل ما كنت أعرضه بإعجاب مـــــن قــــبــــ­ل عـــــــدد كـــبـــيـ­ــر مـــــن املـــتـــ­ابـــعـــن، وصــــاروا يطلبون مني أن أشتغل لهم أوانــــي مـزخـرفـة بـفـن املـــنـــ­داال، وبالفعل بدأت ألبي العديد من الطلبات، وشعرت أن الــفــرصـ­ـة واتــتــنـ­ـي ألطــلــق مـشـروعـي الخاص الذي كنت أحلم به منذ سنوات، والـــــذي أسـتـفـيـد مــنــه مــالــيــًا ومـعـنـويـًا، فبسبب الـظـروف االقتصادية الصعبة الـــتـــي يــمــر بــهــا لــبــنــا­ن خــــالل الــســنــ­وات األخـــيــ­ـرة، نـحـتـاج كـالجـئـن إلـــى العمل لـتـوفـيـر نـفـقـات املـعـيـشـ­ة. كـــان ال بــد أن أفكر في طريقة تجعلني امـرأة منتجة، واستطعت أن أتخطى الظروف الصعبة عـبـر الـعـمـل عـلـى مـشـروعـي املـتـواضـ­ع، والـــــذي عـــزز ثـقـتـي بـنـفـسـي، وأعــطــان­ــي دعمًا ماديًا ومعنويًا كبيرًا». تـضـيـف شـــحـــرو­ر: «أشــجــع كــل الـنـسـاء على اكـتـشـاف مـهـاراتـه­ـن وهـوايـاتـ­هـن، والـــعـــ­مـــل عـــلـــى تـــعـــزي­ـــز تـــلـــك الـــهـــو­ايـــات واملــــهـ­ـــارات عــبــر الــــدراس­ــــة، وأن يــبــدأن فــــور إتـــقـــا­ن هـــوايـــ­اتـــهـــن فـــي الــتــســ­ويــق لها، ألن الهوايات تساعد كل امـرأة في تعزيز ثقتها بنفسها، وتجعلها تشعر بأهميتها فـي املجتمع. على الصعيد الشخصي، أعطاني هذا املشروع الكثير من الثقة، ودعمني على كل األصعدة، وصــــــــ­ـرت أفـــــكــ­ـــر فـــــي كـــيـــفـ­ــيـــة مـــســـاع­ـــدة أخريات ليستفدن من هـذا الفن مثلي، والـــفـــ­كـــرة الــتــي تــوصــلــ­ت إلــيــهــ­ا تتمثل فـي أن أقـيـم دورات خـاصـة للنساء في فن املنداال في املستقبل القريب، وبهذه الـطـريـقـ­ة أكـــون قــد سـاهـمـت فــي تمكن مزيد من النساء». لـم تتابع دالل دراسـتـهـا الجامعية، إذ توقفت عن التعليم بعد حصولها على الــشــهــ­ادة الــثــانـ­ـويــة بـسـبـب الـــحـــر­ب، ثم تـــزوجـــ­ت، وانــتــقـ­ـلــت لـلـعـيـش فـــي مخيم البداوي. تقول: «كنت أعيش سابقا في مخيم تل الزعتر ببيروت، وبعد سقوط املــخــيـ­ـم فـــي ســنــة ،1976 وكــنــت حينها فـــي الـــســـا­دســـة مـــن عـــمـــري، انــتــقــ­لــت مع الـعـائـلـ­ة للعيش فــي بـيـت جــــدي، وكــان في منطقة الـدامـور بقضاء الشوف في محافظة جبل لبنان، وسكنا هناك ملدة قــصــيــر­ة، ثـــم انـتـقـلـن­ـا لـلـعـيـش فـــي بيت أطفال الصمود، وهي مؤسسة أنشئت فـي منطقة بير حسن، لتوفير الرعاية ألبـــــنـ­ــــاء شـــــهـــ­ــداء تـــــل الــــزعــ­ــتــــر والـــــثـ­ــــورة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة، وهـــنـــا­ك بــــدأت مسيرتي الفنية، فاملؤسسة اشتغلت على تنمية مهاراتنا كأطفال، وكنا نقوم بأنشطة لـصـقـل شـخـصـيـتـ­نـا، كـمـا تــدربــنـ­ـا على أنواع عدة من الفنون، وهذا كله أثر في شخصيتي». تـــتـــاب­ـــع: «عـــشـــت فـــي بـــيـــرو­ت ألنـــنـــ­ي من أبناء الشهداء، وعندما كبرت تزوجت وانـتـقـلـ­ت للعيش فــي مـخـيـم الـــبـــد­اوي، والتحقت ببيت أطفال الصمود للعمل فــي الـشـق االجـتـمـا­عـي، ألنـنـي كـنـت من بنات املؤسسة، وفي عام ،2019 حصلت أزمة، فتركت املؤسسة، وبعدها افتتحت ناد للسيدات في مخيم البداوي، وكنت أفكر حينها بشيء يشبهني، وأن تكون هـــنـــاك مـــســـاح­ـــة ريـــاضـــ­يـــة لــلــنــس­ــاء فـي املخيم. اشتريت املعدات، وكنت املدربة،

ومــنــذ ثـــالث ســـنـــوا­ت أواصـــــل الــتــدري­ــب فـــي الــــنـــ­ـادي الـــــذي يـــوفـــر دعـــمـــًا نفسيًا وإرشـاديـًا لــرواده أيضًا، ويشهد إقباال جيدًا من سيدات املخيم». تـــواصـــ­ل: «الحـــقـــًا، وجـــدت أن لـــدي وقتًا يـجـب أن اســتــثــ­مــره، وألنـــنــ­ـي أمــيــل إلـى الــفــنــ­ون، كـنـت أدرب فــرقــة عـلـى الـدبـكـة واألغاني التراثية، ثم بدأت العمل على املــنــدا­ال، وكـنـت أول امـــرأة تتعرف على هـــذا الــفــن، وقـــد أحـبـبـت أن أدخــــل عليه الـــتـــر­اث الفلسطيني، وخــطــر بـبـالـي أن أعــمــل (الـقـطـبـة الفلسطينية)، ورســـوم تــــخــــ­ص فـــلـــسـ­ــطـــن، لــــتــــ­كــــون قــضــيــت­ــنــا حاضرة في كل الفنون، حتى وإن كان هذا الفن هنديًا». وتختم شحرور: «عملت في بيت أطفال الــــصـــ­ـمــــود ملــــــدة عـــشـــري­ـــن ســـنـــة عــامــلــ­ة اجــتــمــ­اعــيــة، وأنـــــا الـــيـــو­م مــتــطــو­عــة في الوسط املجتمعي في مخيم الـبـداوي، وأديــــــ­ـر حــمــلــة (مـــمـــنـ­ــوع حـــــدا يـــجـــوع)، وهي حملة ملساعدة العائالت املتعففة، وعـلـى مـــدار السنة تأتينا املـسـاعـد­ات، ونــقــدمـ­ـهــا لــلــعــا­ئــالت الــتــي تـحـتـاجـه­ـا، وهــذه الحملة قائمة فـي كـل املخيمات الفلسطينية تقريبًا».

 ?? (العربي الجديد) ?? تنقش دالل على الكثير من األدوات
(العربي الجديد) تنقش دالل على الكثير من األدوات
 ?? (العربي الجديد) ?? دالل شحرور خالل النقش بفن المنداال
(العربي الجديد) دالل شحرور خالل النقش بفن المنداال

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar