Al Araby Al Jadeed

سماح مصطفى... فلكلور فلسطين بـ«البناء الحي»

- رام اهلل ـ بديعة زيدان

لم تكن سماح مصطفى الفنانة األولى التي تستعيد فــي غـنـائـهـا الـــتـــر­اث الفلسطيني بتنويعاته وثـرائـه، لكن األكيد أنها قدمت جـــديـــدًا عــلــى مــســتــو­ى الــنــبــ­ش، والــتــطـ­ـويــر لجهة األسـلـوب واألداء والتقديم، وهــو ما انعكس جليًا في عرضها الغنائي األخير فـــي قـــاعـــة مــؤســســ­ة عــبــد املــحــسـ­ـن الــقــطــ­ان في مدينة رام الله. قدمت مصطفى عرضًا بطريقة «البناء الحي» ‪،)Live Looping(‬ قد يكون األول مـن نوعه فـي فلسطني. ويقوم الــــعـــ­ـرض عـــلـــى بـــنـــاء األغـــنــ­ـيـــة صـــوتـــًا فـــوق صــوت حتى تـخـرج مكتملة، بحيث يتابع الــجــمــ­هــور املـتـلـقـ­ي عـمـلـيـة والدتــــه­ــــا، وقـبـل ذلـك مراحل تكوينها، ما جعل من العرض تجربة خاصة ليس فقط ملقدمته، بـل لكل فرد من الحضور. واشتمل العرض على أغنيات من ألبومها األول «بــــلــــ­ور» )2021( إلــــى جـــانـــب بعض األعـــــم­ـــــال الـــفـــل­ـــكـــلــ­ـوريـــة املــــــج­ــــــددة واملـــــع­ـــــاد توزيعها، باإلضافة إلى لوحات موسيقية خــالــيــ­ة مـــن الـــكـــا­لم مــعــتــم­ــدة عــلــى الــصــوت كــــــأدا­ة تــعــبــي­ــريــة، بـــاالتــ­ـكـــاء عــلــى «الــلــوبـ­ـر» وهــــو آلــــة مـوسـيـقـي­ـة رقــمــيــ­ة تــســتــخ­ــدم في التسجيالت الصوتية آلالت موسيقية، أو مــقــاطــ­ع صــوتــيــ­ة مـسـجـلـة، أو يــتــم بـنـاؤهـا خــــــالل الـــــعــ­ـــرض، إضـــــافـ­ــــة إلــــــى الــــالبـ­ـــتــــوب، وآالت إيقاعية إلكترونية، وبطبيعة الحال مايكروفون لتقديم األصوات الحية. وبـــعـــد­مـــا قـــدمـــت مــقــطــو­عــة «حــــلــــ­م»، ذهـبـت سماح إلى «تابو»، وهي مقطوعة موسيقية اعتمدت كما سابقتها الصوت ال الغناء، في محاولة هـذه املــرة القتحام عوالم مسكوت عنها مجتمعيًا، بوعي الفنانة واملعالجة املوسيقية املتملكة ألدواتها تمامًا. وبهذا األسلوب الخاص كانت أغنية «بنت العرب»، وهي عن كلمات فتحية الخطيب، مــن وحـــي الـــتـــر­اث املـوسـيـق­ـي الفلسطيني، خاصة في قريتها كفركنا واملناطق املحيطة بــهــا فـــي الــجــلــ­يــل املــحــتـ­ـل مــنــذ عــــام ،1948 ويقول مطلعها: «وإحنا بنات العرب احنا من الوطن طلينا ما نلبس إال الحرير فخر ألهلينا»، وهي تعبر كما أشارت صاحبتها عــن الـنـسـاء فــي فلسطني واملـنـطـق­ـة، تفكيرًا وإحـــســـ­اســـًا، وهــــو مـــا انــعــكــ­س غـــنـــاء وأداء وموسيقى إضافة إلى الكلمات. ومـــن أغـنـيـات ألــبــوم «بـــلـــور» الــتــي تقدمها للمرة األولــى في رام الله، بسبب تداعيات فـــيـــرو­س كــــورونـ­ـــا عــنــد إصــــــــ­داره، حــضــرت تحاول مد الجسور بين األغنية الفلكلورية وجيل الشباب أغــنــيــ­ة «مــــن جــــوا صـــــوت»، الــتــي وصفتها صاحبتها بـالـعـزيـ­زة عـلـيـهـا. ومـــن الــتــراث املوسيقي الفلسطيني مصطفى أغنيات من قبيل: «ليا ولـيـا»، وهـي من األغنيات التي تحمل الكثير من النوستالجي­ا خصوصًا للمهجرين من ديارهم في الذكرى الخامسة والـــســـ­بـــعـــني لــلــنــك­ــبــة. كـــمـــا أدت أغـــنـــي­ـــة «ال تطلعي»، وهـي من األغنيات التي ترافقها في كل حفالتها، وهي أغنية راجت بصوت أكثر من مغنية قبلها. ومــــن الـــتـــر­اث «الـــكـــن­ـــاوي» نـسـبـة لـقـريـتـه­ـا، أبـــــدعـ­ــــت فـــــي أدائــــــ­هــــــا ألغــــنــ­ــيــــة «قــــــزيـ­ـــــت لــك مــحــرمــ­ة»، وكــانــت تسمعها وهـــي صغيرة في أعـراس القرية، وحني كبرت علمت أنها تعني «أرسلت لك منديال»، وهي أغنية على لسان شاب ملحبوبته. وكــــشـــ­ـفــــت ســـــمـــ­ــاح مـــصـــطـ­ــفـــى لـــــ«الــــعـــ­ـربــــي الجديد» أنها، وقبل إطـالق هـذا النمط من الـغـنـاء الـــذي يــــزاوج بــني الــتــراث املوسيقي والغنائي الفلسطيني وبني نمط موسيقي حديث بل وإلكتروني رقمي، استمزجت آراء أسرتها واملحيطني بها بـعـروض منزلية، مــســتــذ­كــرة أنــهــا آثـــــارت انــقــســ­امــًا ذات مـــرة حني قدمت «الروزانا» بطريقة مغايرة للتي اعتاد الناس على سماعها، لكن مع الوقت بدأ الجمهور يتقبل هذا النمط، خاصة أنها تحافظ على روح األغنية األصلية، وتعمل عـــلـــى تـــجـــدي­ـــدهـــا عـــلـــى مـــســـتـ­ــوى الـــتـــو­زيـــع املوسيقي، واللحن، مع تغيير متفاوت في الكلمات. وأشارت الفنانة الفلسطينية إلى أن مـــا تــقــدمــ­ه كـفـيـل بــــأن يــمــد جـــســـورًا بني األغــنــي­ــة الــفــلــ­كــلــوريـ­ـة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة وجـيـل الشباب، مشيرة إلى أن التراث املوسيقي في فلسطني واملنطقة ذو قيمة عالية وال يجب أن يندثر، بل ال بد أن يكون له الحيز الذي يـسـتـحـق فـــي فـلـسـطـني واملــنــط­ــقــة الـعـربـيـ­ة، بـل والـعـالـم، ولربما هـذا يتأتى عبر بوابة التجديد في املوسيقى والكلمات وطريقة األداء أيضًا.

 ?? (العربي الجديد) ?? سماح مصطفى خالل حفلها في رام اهلل
(العربي الجديد) سماح مصطفى خالل حفلها في رام اهلل

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar