Al Araby Al Jadeed

نخبة وجيوش وجنراالت وبيانو ومنافع

- عبد الحكيم حيدر

هـل افتضح أمــر مـا كنا نظنه الـكـابـوس فصار حقيقة ال تثير الخجل، ال فـي أمر النخبة فقط، بل أيضا في من كنا نسميه الشعب، أي شعب كان، فانتهى أمر ذلك الشعب بعدما أصبح كالحطب لنار جنراالت الجيوش، بعدما كـان، في ما مضى، موضع الغناء واألفـام والتمثيليا­ت من املحيط إلى الخليج، وبعد ما سكتت النخبة تماما أو أصبحت غير موجودة، إال في هامش بورصات املال أو بجوار كتف عبد الحليم قنديل خلف الجيوش الزاحفة ضد شعوبها، حتى آخر قطرة دم من دماء قوى الشعب العاملة، سواء كان الشعب في تونس أو الخرطوم أو أم درمان أو جامعة الدول العربية أو سورية «املمانعة»، فهل أصبحت الجامعة، من أسبوع، عربية تماما، وخصوصا بعد ما اتحدت كل األعـام واملدافع ووجهات نظر النخب العربية على الــضــرور­ة املـاسـة لـعـودة سـوريـة إلــى لحمة جامعة الـــدول العربية، كـي تهتز املنابر بالنداءات والشعارات واملدافع، إن لزم األمر. ويا حبذا لو ساق عبد الحليم قنديل دبابة من قناة اكسترا رأسا إلى تل أبيب، بعدما أعيدت الكرامة تامة إلى الدولة القومية من املحيط إلى الخليج، وصار لخليفة حفتر ورثة «في جمع خردة الحروب» في الشرق الليبي العروبي جدا تحت إدارة املخابرات املصرية وعروبة القبائل املحاربة واملتعاونة وصارت سيناء أيضا عربية األرومة من رفح حتى نفق أحمد حلمي، وأحكمت دبابات الجنرال عبد الفتاح البرهان تماما على الخرطوم وغرب السودان تماما، سواء وهو بالشال األبيض أو وهو بالزي العسكري، وحضر إلى املشهد بعصاه والتي تشبه تماما «عصا البشير» وهو يتراقص بها أمام الحرس الجمهوري أو في وديان قبائل الشرق السوداني أو الغرب أو الشمال أو الجنوب. وال مانع من مبادلة «ذهب حميدتي» بعصابات فاغنر، وال مانع أيضا من أن يرتدي الرئيس التونسي العقال العربي في جدة، وينسى تماما الفقه الدستوري الذي تخصص فيه، ويتحدث حتى بلغة حمير القديمة، طاملا أبو الغيط يسند الجامعة بظهره بعدما تنازل عن كل مخصصاته املالية للموظفني البسطاء في الجامعة. املهم أن نبدأ مرحلة جديدة في الغناء واللحن والتمثيلية والفيلم السينمائي والصورة الغنائية على سبيل «عواد باع أرضه» أو األغنية الوطنية «يا صحرا ملهندس جاي». وال مانع أبــدا من الجزء الثاني لفيلم «األرض» بشرط أن تسند البطولة رأســا إلى محمد رمضان، كي يمسح من تاريخه الفني السنج واملطاوي ويبدأ في تلك املرحلة الوطنية الفنية الجديدة للجامعة العربية، ويستمع جيدا ملقوالت عبد الحليم قنديل وعلي الـديـن هــال بعد حصوله على جـائـزة النيل بعد أيــام هـو ويحيى الفخراني وأشرف زكي واملستشار عبد املجيد محمود. ومـن أراد أن يعرف ويستزيد عليه اإلنصات جيدا لحلقات «الـحـوار الوطني». هذا إن كان صاحب بصيرة، أما إن كان أعمى البصيرة، والعياذ بالله، فعليه أن يتزود بأغاني «بعرور» أو يتابع أعمال الخيرات في قنوات املشايخ، مثل حفر بئر أو زرع فسيلة نخل أو تربية يتيم. أما من يريد أن يزايد على أمته العربيةّ فعليه أن يتأمل ما فعلته الثورات العربية من خراب في الشام أو في اليمن، أو أن يتأمل ما حدث للغة العربية نفسها في مدارس مصر الجديدة واملهندسني واإلسكندري­ة وسانت فاتيما. نحن أمام أفق عربي جديد، وسوف ال يخاف املسافر فيه من الخرطوم إلى أم درمان إال من الذئب على غنمه، وخصوصا بعد أن يمزق حفتر جـواز سفره الليبي أمام منصة برملان الشرق، ويطمئن الشعب تماما إلى اختيارات نخبته، وتـوزع الجوائز على الفائزين في القاعات، ويجري اختيار األطباء واملهندسني وعلماء النفس واللغة والهرومنطي­قا تحت إشراف الجنراالت الذين يعرفون في كل شيء، والشعب ال يتكلم إال فقط في ما يعرفه، ألن الحقيقة غائبة عنه تماما، وما عليه سوى طاعة األمر، حتى أمر التمثيليات التي يجري طبخها بمعرفة املخابرات وما لديها من أسرار غائبة عن الجميع، حتى املمثلني يتم ترشيحهم لــأدوار بمعرفة الجيوش، وما النخبة سوى «شغيلة» داخل األجهزة العارفة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar