Al Araby Al Jadeed

مصر بين صندوق النقد وكريدي سويس

- مصطفى عبد السالم

نحن أمام مشهد معقد في مصر، فهناك فجوة تمويلية وشح شديد في النقد األجنبي حتى في السوق السوداء، وتشهد سوق الصرف أزمة دوالر متفاقمة منذ شهور، والخزانة العامة مطالبة بسداد ملياري دوالر هذا الشهر تمثل قيمة أعباء الدين الخارجي، وهناك تأخر في وصول االستثمارا­ت األجنبية وأموال الصناديق الخليجية، وتأخر كذلك في عودة األموال الساخنة التي استخدمها البنك املركزي ولسنوات في الدفاع عن الجنيه املصري، ولدى األسواق مخاوف من حدوث خفض جديد في تصنيف مصر، وقلق من االنزالق نحو دوامة القروض، واإلفراط في بيع أصول الدولة. في ظل هذا املشهد يخرج علينا وزير التموين علي املصيلحي بتصريح يعترف فيه بالتأخر في سداد مستحقات القمح للموردين الخارجيني، ويقول إن الدولة تؤخر سداد مدفوعات مشترياتها الكبيرة من القمح لشهور في بعض الحاالت حتى ال تضغط على البنك املركزي. صاحب هذا التصريح خروج «كريدي سويس»، وهو أكبر بنك سويسري، بتقرير صادم منذ أيام يتوقع فيه زيادة سعر الدوالر إلى 45 جنيها خالل مدة زمنية قصيرة هي 3 شهور، أي بتراجع %30 عن السعر الحالي املتداول في السوق. علما بأن البنك توقع في بداية مارس/آذار املاضي اتجاه الجنيه إلى مزيد من الهبوط، ليصل إلى 35 جنيها مقابل الدوالر، خالل الربع الثاني من العام الحالي « إبريل – يونيو ،»2023 وهو ما حدث بالفعل داخل السوق املوازية. أمام هذا املشهد هناك ضغوط شديدة أخرى على صانع القرار منها ما يتعلق بقرب وصول بعثة صندوق النقد الدولي للقاهرة إلجراء مراجعة دورية للبرنامج املصري تمهيدا لإلفراج عن شريحة جديدة من قرض بقيمة 3 مليارات دوالر. علما بأن الصندوق أجل إرسال بعثته من مارس حتى يوليو للتأكد من التزام الحكومة املصرية بالتعهدات التي قطعتها على نفسها ومنها مرونة أكبر لسعر الصرف وخضوع قيمة الجنيه للعرض والطلب وليس التدخل اإلداري من قبل البنك املركزي، واإلسراع في برنامج بيع أصول الدولة، وتخفيف وجود الدولة واألجهزة السيادية التابعة لها في األنشطة االقتصادية. املشهد معقد، والحكومة تحاول من ناحيتها إيجاد حلول ملواجهة تلك التحديات الصعبة قبل نفاد الوقت، ولذا تحاول اإلسراع في بيع أصول الدولة وطرح 32 شركة للبيع إما من خالل البورصة أو على مستثمر استراتيجي، بهدف حصد ملياري دوالر هذا الشهر قيمة أعباء الدين الخارجي، و5 مليارات أخرى خالل العام املالي املقبل، لكن هل ال يزال في الوقت متسع لتلك املحاوالت البطيئة والتي ال تأخذ في االعتبار التطورات املتالحقة؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar