تعهدات إنسانية كبيرة للسودان بمؤتمر باريس
أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على محلية مليط
خاطر: المجتمع الدارفوري أظهر رغبة في عدم تمدد الصراع
إدريـس، وقوى تجمع التحرير بقيادة عضو مجلس السيادة الطاهر حجر. وفي 12 إبريل الـــحـــالـــي، بــــدأت تــتــوتــر األوضــــــاع عــلــى نحو متسارع بحشد عسكري كبير للقوة املشتركة لـحـركـات الـكـفـاح املسلح الـتـي كـانـت تكونت من الحركات املسلحة في دارفور عقب اندالع الصراع واملعنية بحماية املدنيني في اإلقليم، تـلـي فـيـه إعـــالن صـحـافـي، كشفت فـيـه الـقـوة املشتركة تخليها عـن الحياد، والــدخــول في
معارك مباشرة مع «الدعم السريع» والقتال إلـــى جــانــب الــجــيــش. وذكــــر اإلعـــــالن الــصــادر عن هيئة القيادة والسيطرة للقوة املشتركة لحركات الكفاح املسلحة، أن قواتهم ستبدأ بالتحرك لفتح الطرق واملعابر لضمان وصول املــســاعــدات اإلنـسـانـيـة للنازحني واملتأثرين بـــالـــحـــرب فـــي جــمــيــع أنـــحـــاء إقــلــيــم دارفــــــور، مـبـيـنـة أنــهــا اتـــخـــذت قـــرارهـــا األخـــيـــر بسبب ما عدته «تطاول ألسنة املليشيا وتهديدها للحركات املسلحة بمنعها من التحرك». وقال البيان إنه «ال حياد بعد اآلن»، وتعهدت القوة «بالقتال مع حلفائها والوطنيني والجيش، ضـد مليشيات الـدعـم السريع وأعـوانـهـا من املأجورين». لكن حركتي تجمع قوى التحرير واملـجـلـس االنـتـقـالـي، وهـمـا جــزء مــن الـقـوات املشتركة، رفضتا الخطوة، وقالتا إنهما لن تقاتال مع الجيش، وحـذرتـا من حـرب أهلية شاملة عقب تلك الخطوة. ولـــــم تـــمـــض ســــاعــــات عـــلـــى تـــلـــك الـــتـــطـــورات، حتى اندلعت موجة من املعارك هي األعنف فـي مدينة الفاشر ومــا حولها، أسـفـرت أول مـــن أمـــس األحـــــد، عـــن مـقـتـل تـسـعـة مـدنـيـني، وإصـــــابـــــة عــــشــــرات آخـــــريـــــن، بـــحـــســـب لــجــان مقاومة الفاشر، كما شهدت القرى املحيطة باملدينة موجات نـزوح واسعة. من جهتها، أعلنت قــوات الـدعـم السريع سيطرتها على محلية مليط التابعة لوالية شمال دارفــور، والواقعة على بعد 65 كيلومترًا من الفاشر، وتـسـلـم 46 مـركـبـة عسكرية بـكـامـل عتادها تـتـبـع لـلـجـيـش والـــحـــركـــات املــتــحــالــفــة مـعـه، وأسر 70 منهم. ويؤكد شهود عيان تحدثوا هاتفيًا لـ «العربي الجديد» من مدينة الفاشر، أن قوات الدعم السريع واصلت أمس قصفها املــدفــعــي لـلـمـديـنـة، وأن األوضــــــاع فـــي تـوتـر مــســتــمــر، مــضــيــفــني أن الـــســـكـــان يــتــوقــعــون حدوث مواجهات في أي لحظة، وإن كان يوم أمــس شهد انخفاضًا فـي وتـيـرة املواجهات مــقــارنــة بــيــومــي األحــــد والــســبــت املــاضــيــني، مــؤكــديــن نــــزوح أســـر فــي األحـــيـــاء الشمالية الشرقية، حيث تتمركز قوات «الدعم». فــي املـقـابـل، كـتـب مصطفى تـنـمـبـور، رئيس حـــركـــة تــحــريــر الـــــســـــودان، إحـــــدى الــحــركــات املشاركة في القتال، في منشور على حسابه بموقع فيسبوك، أن الجيش وقـــوى الكفاح املسلح، «نظفت» مدينة الفاشر مما أسماها «مخلفات مليشيا الـدعـم السريع اإلرهابية وأبادتها إبادة تامة». من جهته، قال محمد زكريا، املتحدث باسم حركة العدل واملساواة، أبـــــــرز الــــحــــركــــات املــــشــــاركــــة فــــي الـــقـــتـــال فـي الفاشر، إن قـوات الدعم السريع شنت خالل اليومني املاضيني هجمات على القرى اآلمنة واملواطنني حـول الفاشر مرتكبة الكثير من االنتهاكات ضد األبرياء والعزل، كما حاولت شن هجوم على الفاشر، لكن الجيش وقوى الكفاح املسلح تـصـدت لـهـا. وبـــني زكـريـا في حديث لـ«العربي الجديد»، أن األوضـــاع في املدينة ومحيطها وفــي مدينة مليط، تحت سيطرة الجيش وحماية قوى الكفاح املسلح. ومع تلك األوضــاع، أبـدى األمـني العام لألمم املـتـحـدة، أنطونيو غـوتـيـريـس، يــوم السبت املاضي، قلقه لتصاعد التوترات في الفاشر، مــنــاشــدًا طـــرفـــي الــقــتــال وقــــف إطـــــالق الـــنـــار. إلــى ذلــك، رأى الخبير فـي الـشـأن الــدارفــوري واملــخــتــص بـــدراســـات الـــســـالم، عـبـد الــلــه آدم خــــاطــــر، أن مــــا يـــجـــري فــــي الـــفـــاشـــر وواليـــــة شــمــال دارفـــــور، يمكن أن يـتـحـول إلـــى حـرب أهـلـيـة شــامــلــة. ولــفــت فــي حــديــث لــ«الـعـربـي الجديد»، إلـى أن إقليم دارفــور بصفة عامة، ظل لعقود منطقة هشة أمنيًا، وبحاجة إلى تسوية سياسية اجتماعية، وليس إلى حسم عسكري، الفتًا إلـى أن املـؤشـرات بعد انـدالع الـقـتـال أكـــدت رغـبـة املجتمع الـــدارفـــوري في عدم تمدد الصراع اجتماعيًا. استضافت العاصمة الفرنسية باريس، أمــــــس االثـــــنـــــني، مــــؤتــــمــــرًا دولـــــيـــــًا حـــول الـسـودان، تزامنًا مع دخـول الحرب بني قــــوات الـجـيـش والـــدعـــم الــســريــع عامها الثاني، فيما تحذر دول كبرى، وكذلك األمــــم املــتــحــدة، مــن تــحــول هـــذه الـحـرب إلـــــــى «حـــــــــرب مــــنــــســــيــــة»، ذات عــــواقــــب إنسانية كارثية ومخاطر جيوسياسية كـــبـــيـــرة. وتـــعـــهـــد املـــؤتـــمـــر بـــمـــســـاعـــدات إنـــســـانـــيـــة بـــمـــلـــيـــاري يـــــــورو، كـــمـــا أعــلــن الـرئـيـس الـفـرنـسـي إيـمـانـويـل مــاكــرون. وطــــالــــب املـــجـــتـــمـــعـــون فــــي املـــؤتـــمـــر فـي إعــالن مشترك «كـل األطـــراف األجنبية» بـــوقـــف تـــقـــديـــم الــــدعــــم املـــســـلـــح لــطــرفــي الـــنـــزاع. ودعــــت 14 دولــــة بـيـنـهـا أملـانـيـا وفرنسا والواليات املتحدة والسعودية وجيبوتي وتشاد ومنظمات دولية مثل األمـم املتحدة وهيئة التنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) «كل األطراف اإلقليمية والدولية إلى تقديم الدعم بدون تحفظ ملبادرة سالم موحدة لصالح السودان». وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، خــالل املـؤتـمـر، إن الشعب السوداني «ملــدة عـام كـان ضحية حرب فظيعة، لكنه عانى أيضًا مـن النسيان والالمباالة». من جهتها، انتقدت وزيرة الــخــارجــيــة األملـــانـــيـــة، أنـالـيـنـا بـيـربـوك، إخفاق جهود الوساطة في وقف الحرب السودانية ودعت إلى «تنسيق أفضل». وتحتاج الحملة اإلنسانية األممية إلى نحو 2.7 مليار دوالر هذا العام لتوصيل الــغــذاء والـرعـايـة الصحية وغيرها من اإلمـــــــدادات إلـــى 24 مـلـيـون شـخـص في السودان، أي ما يقرب من نصف سكان هــــذا الــبــلــد الـــبـــالـــغ عـــددهـــم 51 مـلـيـون نسمة. وحتى ما قبل انعقاد املؤتمر، لم يقدم املانحون سوى 145 مليون دوالر فـقـط، أي حـوالــى 5 فــي املـائــة مــن املبلغ املطلوب، وفقًا ملكتب الشؤون اإلنسانية التابع لألمم املتحدة (أوتشا). في الوقت نــفــســه، تـــحـــذر مــنــظــمــات إنــســانــيــة من أن الــســودان يتجه نحو كــارثــة مجاعة واسعة النطاق، مع احتمال حدوث موت جماعي في األشهر املقبلة. فقد انهارت شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء، ولم تعد وكـــــاالت اإلغـــاثـــة قـــــادرة عــلــى الـــوصـــول إلـــى املـنـاطـق األكــثــر تــضــررًا. كـمـا اتسم الـــصـــراع بــتــقــاريــر واســـعـــة الــنــطــاق عن وقوع فظائع. وانتقد مدير منظمة «أنـقـذوا األطفال»، عــــارف نــــور، خـــالل املــؤتــمــر، شـــح الـدعـم الدولي للسودان، مقارنة بما تم جمعه قـبـل 5 ســنــوات كــاتــدرائــيــة نـــوتـــردام في باريس، بعد الحريق الذي طاولها. كما رأت مـــديـــرة بــرنــامــج األغـــذيـــة الــعــاملــي، سيندي ماكني، أن الوضع في السودان أصــــبــــح كــــارثــــيــــًا تـــقـــريـــبـــًا. فـــــي غـــضـــون ذلـــك، كـانـت لـقـيـادتـي طـرفـي الــحــرب في الــــــســــــودان، الـــجـــيـــش والـــــدعـــــم الـــســـريـــع، تـصـريـحـات جــديــدة يـــوم أمـــس. وهـاجـم قـــائـــد الـــجـــيـــش عـــبـــد الـــفـــتـــاح الـــبـــرهـــان، كتيبة البراء، قائال في حديث لصحيفة «الـــــســـــودانـــــي»، إن دوال كـــثـــيـــرة أدارت ظهرها لبالده بسببها، علمًا أن الكتيبة مــعــروفــة بــأنــهــا تــحــولــت إلـــى لــــواء بعد أســابــيــع قـلـيـلـة مـــن الـــحـــرب الــســودانــيــة العام املاضي، وذلــك إثـر انضمام أعـداد كــبــيــرة مـــن مـقـاتـلـيـهـا إلـــى الــجــيــش. من جــهــتــه، قـــال قــائــد قــــوات الـــدعـــم الـسـريـع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إن قواته ال تــــزال مـــع الـــســـالم والــحــكــم املـــدنـــي في البالد، مؤكدًا التزامها بالتفاوض ودعم عملية سياسية شاملة إلنـهـاء الحرب، مــتــهــمــًا الـــجـــيـــش الــــســــودانــــي «بــــإدخــــال البالد في املأزق الذي تعيش فيه اآلن».