مناورة قضائية لعدم اإلفراج عن معتقلي «قضية التآمر»
هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين: لم يتم إثبات أي تهمة
أثار قرار قاضي التحقيق بالقطب القضائي ملـكـافـحـة اإلرهــــــاب فـــي تـــونـــس، يــــوم االثــنــني املاضي، ختم األبحاث في ما يعرف بقضية «الــــتــــآمــــر عـــلـــى أمـــــن الـــــدولـــــة» والــــتــــي يـقـبـع بـسـبـبـهـا عــــدد مـــن أبــــرز مــعــارضــي الـرئـيـس الـتـونـسـي قـيـس سعيد فــي الـسـجـن وإحـالـة املعتقلني جميعًا إلــى دائـــرة االتــهــام، غضب هيئة الدفاع عن املعتقلني، ال سيما أن القرار أتــــى مـــع اقـــتـــراب انــتــهــاء مــهــلــة الـــــــ41 شــهــرًا، وهـي مـدة االحتفاظ القصوى املسموح بها وفــق الـقـانـون، مـا يـفـرض اإلفـــراج عـن جميع املعتقلني السياسيني تباعًا بحسب تواريخ اعتقالهم. كما أن القرار جاء في الوقت الذي يفترض أن تتولى محكمة التعقيب (محكمة الـــنـــقـــض) الــنــظــر فـــي الــقــضــيــة، إذ تـــم فـــي 5 إبريل/نيسان الحالي إعـــادة ملف القضية إلــــــى قــــاضــــي الـــتـــحـــقـــيـــق (خـــــــــارج الـــتـــوقـــيـــت الـرسـمـي اإلداري للعمل)، بـرغـم تـقـدم فريق الدفاع بطلب التعقيب، بسبب ‹›هضم حقوق الدفاع›› من جانب دائرة االتهام. واعـــــتـــــبـــــرت هـــيـــئـــة الـــــــدفـــــــاع عــــــن املـــعـــتـــقـــلـــني السياسيني أن السلطة التونسية تصر على اإلبــــقــــاء عــلــى املــعــتــقــلــني فـــي الــقــضــيــة داخـــل السجون، واضعة ما يجري في إطار االحتجاز الـــتـــعـــســـفـــي. وقــــالــــت الـــهـــيـــئـــة، خـــــالل مــؤتــمــر صحافي أمس الثالثاء، إنه بعد مضي فترة اإليقاف التحفظي املحددة بـ41 شهرًا، «لم يتم إثبات أي تهمة ضد السياسيني» املعتقلني، مضيفة أن قاضي التحقيق ختم البحث في الــقــضــيــة، وبــالــتــالــي مـــن املــفــتــرض أن يـكـون املعتقلون «الـخـمـيـس أو الجمعة (املقبلني) أحـــرارًا». وكانت الهيئة قد أشـــارت، في بيان مساء األحد املاضي، إلى أنها عاينت ما يؤكد مخاوفها من حصول تالعب باإلجراءات في القضية. كما صدر تحذير مشابه من جبهة الخالص الوطني املعارضة، والتي قالت في بيان مساء أول من أمس االثنني، إنها تسجل «إصرار السلطة على دوس القواعد اإلجرائية األساسية الضامنة للمحاكمة العادلة» في القضية. ومــن بـني املعتقلني بتهمة «التآمر على أمن الدولة» كل من األمني العام السابق
لحزب التيار الديمقراطي، غـازي الشواشي، والـنـاشـط السياسي خـيـام الـتـركـي، واألمــني الــعــام لـلـحـزب الــجــمــهــوري، عــصــام الـشـابـي، وعــضــو جبهة الــخــالص الـوطـنـي املـعـارضـة
جوهر بن مبارك، والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الـجـالصـي، والناشط السياسي رضا بالحاج. فـــي غــضــون ذلـــك قــالــت عــضــو هـيـئـة الــدفــاع عـــن املــعــتــقــلــني الــســيــاســيــني، إســـــالم حــمــزة، خــــالل املــؤتــمــر الــصــحــافــي أمــــس، إن «املــلــف ســيــاســي، وبــطــاقــات اإليــــــداع صــــدرت بــقــرار ســـيـــاســـي ولـــــن تـــرفـــع إال بــــقــــرار ســـيـــاســـي»، موضحة أن «الخميس أو الجمعة ستظهر األكـاذيـب ويتأكد أنـه ال وجــود لتآمر». وفي السياق أشارت حمزة، في تصريح لـ «العربي الجديد»، إلى أن «القانون ينص على اإلفراج الــوجــوبــي عــن املعتقلني الـسـيـاسـيـني بــدون انتظار طلب إفـراج»، لكن «في ظل السياقات الـحـالـيـة ستتقدم الـهـيـئـة، الخميس املقبل، بطلب جديد لإلفراج». من جهته، قال عضو هــيــئــة الــــدفــــاع عــــن املــعــتــقــلــني الــســيــاســيــني، املـــحـــامـــي ســمــيــر ديـــلـــو، خــــالل املـــؤتـــمـــر، إن» القضية سياسية، واإلجـــــراءات لـم تحترم»، فيما أوضح في تصريح لـ «العربي الجديد»، أن «السيناريو الوحيد املقبول هو اإلفراج عن املعتقلني السياسيني». لكنه استدرك بالقول إنــه «إذا أصـــرت السلطة على مـزيـد الـهـروب إلـى األمــام فعندها سيكون ألي خطوة رد». أمـــا بــشــأن قــــرار إحــالــة املـعـتـقـلـني إلـــى دائـــرة االتهام، االثنني املاضي، فقد أشارت املحامية دليلة مصدق، في حديث لـ «العربي الجديد»، إلـــى أن الـــدائـــرة عـيـنـت يـــوم الخميس املقبل تاريخًا للمحاكمة، وبالتالي لم تحترم مهلة األربعة أيام التي يجب أن تفصل بني اإلحالة وبدء املحاكمة، كما ينص عليه القانون، في
مــحــاولــة «لــاللــتــفــاف عــلــى املـــلـــف». وشــــددت على أن الهيئة ستحاسب «كــل مـسـؤول عن احتجاز املعتقلني بعد منتصف ليل الجمعة (املقبل)»، و«ستتوجه إلـى املحاكم الدولية، وجميع الهياكل القضائية والهيئات الدولية للمطالبة باإلفراج عنهم». كــذلــك اعـتـبـر املــحــامــي كــريــم املـــرزوقـــي، في حديث لـ«العربي الجديد»، أن» الهدف من توجيه امللف إلى دائرة االتهام هو االلتفاف على انتهاء آجال اإليقاف التحفظي»، مشددًا على أنها «محاولة للمرور بالقوة ألن امللف مــــن املــــفــــروض أنـــــه مــــوجــــود لـــــدى مـحـكـمـة الــتــعــقــيــب». وكــــان املـــرزوقـــي قــد قـــال خـالل املؤتمر الصحافي أمـس، إن هناك «إمعانا في خرق القانون وهضم حقوق املعتقلني، فقط ألنهم معارضون مارسوا حق التنظم (التنظيم)»، مضيفًا أن «رئيس الجمهورية تــحــدث االثــنــني فــي اجــتــمــاع ملـجـلـس األمــن القومي، عن محاكمة عادلة، لكنه أصدر في الحقيقة حكمه على املعتقلني ولـم يبق له سوى إصدار العقوبات». واعتبر أن «امللف سياسي»، ويدار «لدى سلطة أرادت تصفية مــــعــــارضــــيــــهــــا». وفــــــي ســــيــــاق مـــتـــصـــل ذكـــر ريـــاض الشعيبي، الـقـيـادي بحركة النهضة التونسية، ومستشار رئيسها املعتقل راشد الـغـنـوشـي، عـلـى منصة فـيـسـبـوك، أمـــس، أن مــنــزلــه يــخــضــع مــنــذ أول مـــن أمــــس االثــنــني «لـــرقـــابـــة أمـــنـــيـــة لــصــيــقــة ومـــتـــواصـــلـــة، بـمـا يـؤشـر عـلـى نــوايــا السلطة الـقـمـعـيـة». يذكر أن الـشـعـيـبـي مــالحــق هـــو اآلخــــر فـــي قضية «التآمر»، لكنه بحالة إطالق سراح.