عن حيرة المصريين مع قطع الكهرباء

مع إعالن الحكومة املصرية البدء في تطبيق خطة تخفيف األحمال مجددًا والتي تقضي بقطع الكهرباء عن املنازل ملدة ساعتني يوميا، انطلقت حملة على مواقع التواصل تهاجم القرار بشدة تحت وسم #ال_لقطع_الكهرباء. الحملة لها منطقها، فأصحابها يتساءلون، ملاذا تقطع الحكومة عنا الكهرباء ونحن ندفع ثمن الخدمة، في حني يستغرب آخرون من قرار القطع ألسباب أخرى منها مثال أنها تتناقض كلية مع تصريحات أطلقها كبار املسؤولني عن تحقيق البالد اكتفاء ذاتي من إنتاج الكهرباء، بل والبدء في تصدير الكهرباء الفائضة لدول مجاورة منها السودان وليبيا واألردن وفلسطني واألردن وسورية واليونان وقبرص. في حني يربط آخرون القرار بخطط الحكومة تصدير الغاز املصري أو املستورد من إسرائيل ألوروبا العطشى للوقود األزرق. والالفت أن أصحاب الحملة أعادوا نشر صور تحوي إسرافا شديدا في استهالك الكهرباء في أماكن أخرى تحظى بدعم أجهزة الدولة حينما راحوا يتحدثون عن اإلسراف في العاصمة اإلدارية ومسجد الفتاح العليم والبرج األيقوني، والساحل الشمالي، وكذا داخل املدن التي يقطنها األثرياء كالتجمع الخامس والرحاب ومديني، وهو ما اعتبروه استخفافا بعقول الناس ومطالبتهم بالترشيد في الوقت الذي تهدر فيه أجهزة الدولة الكهرباء في املناطق التي تنعم بدعمها. هبة املصريني هذه املرة ضد قطع الكهرباء لها أسباب منطقية، فباإلضافة الى املعاناة من الظالم الدامس وما يسببه من مشاكل اجتماعية وأمنية، وفساد األطعمة وتلف األجهزة الكهربائية واملنزلية، وحشر الناس في املصاعد ملدة تزيد عن الساعة، فإن األسرة باتت على مقربة من مواعيد االمتحانات التي تحل خالل مايو/ أيار ويونيو/حزيران، كما أنها على مقربة من أشهر الصيف، وإذا كان القطع بدأ اآلن للتيار، فما هو الحال عندما يحل الحر القائظ؟ قطع الكهرباء لن يؤثر فقط على معيشة املصريني ويؤرق حياتهم اليومية، بل قد يمتد لقطاعات مثل الصناعة والسياحة والزراعة والتجارة. وإذا كان أحد األسباب التي ساقتها الحكومة لقطع الكهرباء ومنذ 17 يوليو/ تموز تتعلق بعدم توافر الدوالر الالزم لتمويل باستيراد الوقود، فما هو املبرر وقد تدفقت عشرات املليارات من الدوالرات على الدولة سواء من صفقة رأس الحكمة أو قروض دولية وأموال ساخنة تجاوزت 17 مليار دوالر؟ املصريون يشعرون أن في املوضع «إن»، أي غموض وريبة، ألن تلك األسئلة وغيرها ال تجد إجابة شافية وأبرزها أن يضحي املصري من أجل رفاهية نظيره األوروبي الذي ينعم بكهرباء مستقرة وغاز بسعر مقبول وخدمات متميزة.