عودة قطع الكهرباء إلى مصر سخط بين المواطنين... ومتاعب إضافية لالقتصاد العليل
أعادت الحكومة المصرية العمل بخطة قطع التيار الكهربائي عن المنازل والمحال التجارية بعد انقضاء عطلة عيد الفطر، وسط سخط بين المواطنين وأصحاب الكثير من األنشطة االقتصادية
كــــانــــت األجـــــــــــواء مـــلـــيـــئـــة بـــالـــفـــرح وتـحـتـفـل األســـــرة بـتـقـالـيـد العيد الذي غادر للتو، حيث تمأ رائحة الـكـعـك والــحــلــويــات الـــهـــواء وتــتــزيــن األركــــان بألوان الديكور الزاهية في منزلهم الصغير بـــــإحـــــدى ضـــــواحـــــي اإلســــكــــنــــدريــــة الــــهــــادئــــة، إذ اجـــتـــمـــع األب واألم وابــنــتــهــمــا ملــشــاهــدة مـسـرحـيـة كــومــيــديــة كــعــادتــهــم فـــي كـــل عـيـد. ووســط مشاهد املسرحية، وتـبـادل النظرات املشوقة وتردد الضحكات العفوية والسعادة الغامرة، قطع تلك اللحظات خبر عاجل نشر أسـفـل الـشـاشـة عـن «إعــــادة تخفيف األحـمـال وقـــطـــع الـــكـــهـــربـــاء مــــن جـــديـــد ملـــــدة ســاعــتــني يوميا»، وعلى الـفـور تبدلت الضحكات إلى وجـــوه عابسة والـسـعـادة الـغـامـرة إلــى حنق وضـيـق وضــجــر». مـــاذا سنفعل فــي الصيف والحر آت؟».. قالها األب محمد عبد ربه دون أن يـلـف رأســـه بـاتـجـاه الـــزوجـــة، والــتــي ردت بدورها لتقول «ليس هذا كل شيء، فاألصعب من ذلك هو تزامنه مع فترة االمتحانات، وما يسببه ذلــك مـن عطلة وأزمــــات». لحظات من الــصــدمــة والـخـيـبـة مـــرت عـلـى األســـــرة كـانـت كفيلة بتحويل حالها من السعادة إلى التوتر والغضب خاصة بعد إعــان وزارة الكهرباء املصرية، االثنني املاضي، عودة العمل بخطة تخفيف األحمال ومواعيد قطع الكهرباء عن املنازل واملحال التجارية، التي كانت الحكومة قد أعلنت وقف تطبيقها خال شهر رمضان. األســـرة الصغيرة لـم تكن وحـدهـا التي مرت بتلك اللحظات، إذ يعاني املصريون تحديا جديدًا يثير قلقهم ويـؤرق حياتهم اليومية، وهـــــو إعــــــان الـــحـــكـــومـــة إعـــــــادة قـــطـــع الــتــيــار الـكـهـربـائـي ملـــدة سـاعـتـني يـومـيـا فـــي الـوقـت الذي يعود فيه الناس إلى روتينهم الحياتي بعد أيـام عيد الفطر. ومنذ 17 يوليو/ تموز مــن الــعــام املـــاضـــي، تنقطع الــكــهــربــاء بصفة منتظمة يــومــيــا، وحــــددت الـحـكـومـة جـــداول ثابتة ملواعيد تنفيذ خطة عرفت بـ«تخفيف األحمال» لفصل التيار الكهربائي عن جميع املــنــاطــق فـــي أرجـــــاء الــجــمــهــوريــة بـاسـتـثـنـاء 4 مـــحـــافـــظـــات، هـــي مـــطـــروح (شـــمـــال غــــرب)، وشــــمــــال ســـيـــنـــاء وجــــنــــوب ســـيـــنـــاء (شـــمـــال شرق)، والبحر األحمر (شرق)، باإلضافة إلى املناطق االستراتيجية التي يتم استثناؤها من أقسام شرطة ومستشفيات وغيرها. وأرجـــعـــت الـحـكـومـة أســبــاب الـقـطـع الـيـومـي لــلــتــيــار إلــــى نــقــص إمــــــــدادات الـــغـــاز املـــــوردة ملــحــطــات الـــكـــهـــربـــاء والــــازمــــة لـــدعـــم الـطـلـب املــتــزايــد عـلـى الــكــهــربــاء الــــذي يـضـع ضغطا كبيرًا على الشبكة الكهربائية، وهو ما دفع الحكومة إلى تنفيذ جدول متسلسل النقطاع
الحكومة أرجعت القطع اليومي للكهرباء إلى نقص إمدادات الغاز
التيار الكهربائي يشمل جميع مناطق الباد. وأكــد محمد الحمصاني، املتحدث الرسمي بــــاســــم مـــجـــلـــس الـــــــــــــوزراء، فـــــي تـــصـــريـــحـــات صـحـافـيـة، أن الـــعـــودة مـــرة أخــــرى لتخفيف األحمال تأتي بعد توقف الخطة خال شهر رمــضــان، مشيرًا إلــى أن أبـــرز األســبــاب التي دفعت الحكومة للعودة لتخفيف األحمال هي الضغط على شبكات الكهرباء الــذي يجعل تخفيف األحمال ضرورة في ضوء االستهاك املـــتـــزايـــد، عــــاوة عـلـى مـــا يـتـعـلـق بـاسـتـيـراد الـــوقـــود مـــن الــــخــــارج، وتــرشــيــد االســتــخــدام لتوفير متطلبات القطاعات املتعددة. وعبر املواطنون عن استيائهم واستنكارهم لهذا الــوضــع، حـيـث يـؤثـر االنــقــطــاع املـتـكـرر على حــيــاتــهــم الــيــومــيــة ويــعــرضــهــم لــلــعــديــد من املــشــاكــل والــتــحــديــات. ويــشــكــو األهـــالـــي من تـــوقـــف املـــصـــاعـــد وتـــلـــف األجــــهــــزة املــنــزلــيــة، مـثـل أجــهــزة الـتـلـفـاز والــثــاجــات واملـكـيـفـات واملـراوح، كما يتعذر على العديد من األفراد القيام بأعمالهم وواجباتهم بشكل طبيعي، ما يتسبب في تأخر املواعيد وتعطيل العمل. وال يـــقـــتـــصـــر تــــأثــــيــــر هـــــــذا االنـــــقـــــطـــــاع عــلــى الحياة الشخصية فحسب، بل يطاول أيضا القطاعات االقتصادية املختلفة فـي الباد، فـــالـــشـــركـــات واملــــصــــانــــع تـــعـــانـــي مــــن تــوقــف اإلنـتـاج والخسائر املالية الناجمة عن ذلك، بينما يعاني قطاع التجزئة والخدمات من تقليل ســاعــات العمل وتــأثــر حـركـة الزبائن والعماء، فيما يلجأ البعض إلـى استخدام مـولـدات الكهرباء االحتياطية، كحل مؤقت ومكلف للكثيرين في محاولة للتخفيف من تأثير هذا االنقطاع. «عودة انقطاع الكهرباء في هـذا التوقيت غير مقبولة على اإلطـاق، فنحن فــي فصل الصيف ودرجــــات الــحــرارة تكون مرتفعة جـدًا، وسنكون بحاجة ماسة للتكييف والتبريد، ولكن مع انقطاع الكهرباء املتكرر يصبح األمــر مستحيا، وهــذا يؤثر عــلــى صــحــتــنــا وراحـــتـــنـــا، ويــجــعــل حـيـاتـنـا
مــعــانــاة كـــبـــيـــرة»، وفــــق رمـــــزي ســـعـــدون 35( عـامـا)، الــذي يعمل محاسبا. وقــال سعدون: «يـــجـــب أن تـتـحـمـل الــحــكــومــة مـسـؤولـيـتـهـا وتجد حلوال فورية لهذه املشكلة املستمرة، ال يمكننا أن نستمر في العيش في ظل هذا االنقطاع املتكرر، نحن ندفع فواتير الكهرباء بأسعار مرتفعة، فلماذا ال نحصل على خدمة مــســتــقــرة ومـــنـــتـــظـــمـــة؟.. هـــــذا الـــوضـــع يجب أن يـتـغـيـر». وقــالــت ريـــم رمــــزي، الـطـالـبـة في الثانوية العامة 17( عاما)، لـ «العربي الجديد: «أنــا طالبة في الثانوية العامة، ونحن اآلن فـي مـوسـم االمـتـحـانـات، ويعتمد الكثيرون مـــنـــا عـــلـــى الـــكـــهـــربـــاء لـــلـــدراســـة واســـتـــخـــدام الــحــواســيــب واإلنـــتـــرنـــت، ولــكــن مـــع انـقـطـاع الـكـهـربـاء يتعطل كــل شـــيء، ويـتـعـذر علينا االستعداد لامتحانات بشكل مناسب، وهذا يشكل تهديدًا ملستقبلنا الدراسي». وطالبت بـاتـخـاذ إجــــراءات عاجلة لحل هــذه املشكلة املتفاقمة، وتحسني البنية التحتية للشبكة الكهربائية وتـحـسـني التخطيط والتنظيم لجدول انقطاع التيار الكهربائي، بحيث يتم توزيعه بشكل أكثر عـدال ويتم التنسيق مع املواعيد الحيوية للمواطنني. وأشــار تهامي أبـو املجد، وهـو تاجر حبوب فـــي وســــط اإلســـكـــنـــدريـــة، شـــمـــال مـــصـــر، إلــى أن االنــقــطــاع املـسـتـمـر لـلـكـهـربـاء يــؤثــر على