Al Araby Al Jadeed

عام على حرب السودان

100 مليار دوالر خسائر... مجاعة وماليين النازحين

- الخرطوم ـ هالة حمزة

الحرب تسببت في نزوح أكثر من 8.6 ماليين شخص

تهاوي الصادرات بنحو %60 وهروب واسع لرؤوس األموال

في عام واحد من الحرب أصبح السودان على أبواب مجاعة وشيكة وماليين النازحين وسط انهيار اقتصادي ربما يفوق ما حدث في سورية واليمن وفق تقديرات البنك الدولي، في وقت يقدر محللون الخسائر الناجمة عن الصراع بأكثر من 100 مليار دوالر

وضع كارثي على كافة املستويات بــعــد مـــــرور عــــام عــلــى الـــحـــر­ب في الـــســـو­دان.. هـكـذا املشهد فـي البلد الذي توارت أخباره وراء العدوان اإلسرائيلي عــلــى قـــطـــاع غــــزة الـــــذي دخــــل شـــهـــره الــســابـ­ـع وشغل املنطقة والعالم، بينما بـات السودان عــلــى شــفــا مــجــاعــ­ة حــقــيــق­ــيــة، حــيــث انـــهـــا­رت قـــطـــاع­ـــاتـــه االقـــتــ­ـصـــاديــ­ـة الـــحـــي­ـــويـــة، وقــــــدر­ت خـسـائـره بنحو 100 مـلـيـار دوالر. وتسببت الحرب في أكبر أزمة نزوح في العالم وهروب رؤوس األمـــــو­ال، مــا أدى إلـــى تجفيف الـبـاد تـقـريـبـا مــن الـنـقـد األجــنــب­ــي، وعــمــق األضــــرا­ر الداخلية بفعل شح السيولة األجنبية لتهوي الـعـمـلـة الـوطـنـيـ­ة وتـتـآكـل قـدرتـهـا الـشـرائـي­ـة، وتقفز البطالة إلى مستويات قياسية قدرها محللون بنحو ،%55 في وقت تغيب البيانات الرسمية بسبب االنهيار الـذي لحق بالكثير من املؤسسات الحكومية. وســـقـــط الــــســـ­ـودان فـــي أتـــــون الـــفـــو­ضـــى، عقب تصاعد التوترات بني الجيش وقــوات الدعم السريع وتحولها إلى اشتباكات في الشوارع في العاصمة الخرطوم في منتصف إبريل/ نيسان مـن الـعـام املـاضـي .2023 وسـرعـان ما امتد القتال إلى جميع مدن وبلدات الباد. وتسببت الحرب املحتدمة منذ عام في نزوح أكــثــر مـــن 8.5 مــايــني شــخــص مـــن مـنـازلـهـ­م، واضــطــرا­ر عـائـات للنزوح عــدة مـــرات بينما يـكـافـح الــنــاس لــلــهــر­وب إلـــى الــــدول املــجــاو­رة الــتــي تـعـانـي مــن مـشـاكـل اقـتـصـادي­ـة وأمـنـيـة خـــاصـــة بــهــا فـــي ظـــل انـــهـــي­ـــار شــبــكــا­ت إنــتــاج وتوزيع الغذاء وانعدام األمن. وأعادت الحرب السودان عشرات السنوات إلى الوراء وفق محللني. وأضرت املعارك بالنشاط االقتصادي، لينكمش االقتصاد بنسبة %12 في 2023 وفق تقديرات البنك الدولي، بينما يــؤكــد خــبــراء اقــتــصــ­اد تــحــدثــ­وا مــع «الـعـربـي الجديد» أن النسبة واقعيا تصل إلى %20 في ظـل األضــــرا­ر الـواسـعـة الـتـي لحقت بمختلف األنشطة االقتصادية. ومـن املتوقع أن يكون معدل االنكماش أكثر من مثلي ما حدث خال الحروب في اليمن وسورية. وتعرضت البنية الـتـحـتـي­ـة ألضـــــرا­ر بــالــغــ­ة، وانــــهــ­ــارت خـطـوط اإلمــدادا­ت، وأصيب النظام املصرفي الرسمي بــالــشــ­لــل، مـــا أدى إلــــى عــــدم دفــــع الــعــديـ­ـد من الـرواتـب، ووفقا لصندوق النقد الـدولـي، فإن ما يقرب من نصف السكان با عمل. وقفزت األسـعـار بشكل حــاد فـي العديد مـن املناطق، في حني أدى انقطاع التيار الكهربائي الذي ألــقــي بــالــلــ­وم فــيــه عــلــى الــطــرفـ­ـني املـتـحـار­بـني وتعطل شبكات املحمول إلـى إعاقة عمليات الدفع عبر الهاتف املحمول التي يعتمد عليها كــثــيــر­ون. وقــــال املـحـلـل االقــتــص­ــادي إبـراهـيـم أونــــور لــ«الـعـربـي الــجــديـ­ـد»: «بـعـد مـــرور عـام مـن الـحـرب املـدمـرة اختفت عـن الـوجـود دولـة املؤسسات، واآلن نحن تحت شبح الادولة». وأضاف: « ال مؤسسات اقتصادية وال صحة.. الواقع الـذي ساد طيلة عام من الحرب هو ال صوت يعلو فوق صوت الرصاص». ويـتـواجـه فـي هــذه الـحـرب قـائـد الجيش عبد الــفــتــ­اح الــبــرهـ­ـان، الــــذي يــعــد الــحــاكـ­ـم الفعلي لــلــســو­دان مــنــذ انـــقـــا­ب الـــعـــا­م ،2021 ونـائـبـه الـــســـا­بـــق قـــائـــد قـــــوات الـــدعـــ­م الـــســـر­يـــع محمد حمدان دقلو املعروف بـ «حميدتي». وفـــــــي ،2021 أطــــــــ­اح الـــحـــل­ـــيـــفــ­ـان الـــســـا­بـــقـــان بـاملـدنـي­ـني الــذيــن كــانــوا يـتـقـاسـم­ـون السلطة معهم منذ خلع الثورة الرئيس السابق عمر البشير في العام .2019 لكنهما اختلفا الحقا بــشــأن مـسـألـة دمـــج قــــوات الــدعــم الــســريـ­ـع في الـجـيـش. وكـــان الــســودا­ن يـــرزح بالفعل تحت وطـــأة ارتــفــاع مــعــدالت الــجــوع وتــداعــي نظام الرعاية الصحية وتفشي الفقر، قبل اشتعال الصراع بني الجيش وقوات الدعم السريع. وبعد عام من الحرب تنجرف أجزاء من الباد إلــى حـافـة املـجـاعـة، حيث تــرك الــصــراع قرابة 25 مليون شخص أو نصف عدد السكان في حاجة للمساعدات، وفق البيانات الدولية. ويواجه نحو 17.7 مليونا من سكان السودان الــبــالـ­ـغ عــددهــم 49 مـلـيـون نـسـمـة مــا يسميه الخبراء انعدام األمن الغذائي الحاد، في زيادة حادة عن العام املاضي، وفقا لتوقعات تغطي خمسة أشــهــر حـتـى فــبــرايـ­ـر/ شــبــاط املـاضـي أعـــدهـــ­ا الـتـصـنـي­ـف املــرحــل­ــي املــتــكـ­ـامــل لـأمـن الـــغـــذ­ائـــي «آي.بـــــي.ســـــي»، وهــــو أداة مـعـروفـة عامليا ملراقبة الجوع. وهذا يعني أن حياتهم أو ســبــل عـيـشـهـم مــعــرضــ­ة لـخـطـر داهــــم ألنــه ليس لديهم ما يكفي من الغذاء. مـن بـني هـــؤالء، يـقـدر أن 4.9 مـايـني شخص يـــواجـــ­هـــون مــســتــو­يــات شـــديـــد­ة مـــن الـــجـــو­ع، ويقفون على بعد خطوة واحدة من املجاعة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar