Al Araby Al Jadeed

شوكة في خاصرة «الرضى اإلسرائيلي»

- أنطوان شلحت

قبل أول هجوم صاروخي إيراني على مواقع إسرائيلية، أطلق محللون عديدون في إسرائيل العنان ألفكارهم وبدأوا يطرحون عدة أسئلة عن واقع دولتهم اليوم، وعن صورتها وصيرورتها، وعما يوصف بـ«اإلرث» الرئيسي الذي ستخلفه الحرب على

ّّ قطاع غزة إثر عملية طوفان األقصى، وما تسببت به من تطورات في جبهات أخرى تحولت إلى حربية ضد إسرائيل، سيما التطور الحاصل في الجبهة الشمالية مع لبنان. وآل بعض هذه األفكار إلى استنتاجات، بالرغم من أن الحرب على غزة لم تضع أوزارها بعد، وهي مستمرة مع تغير مرحلتها وأسلوبها. ويمكن القول إن االستنتاج األكثر ثبوتا أن الفكرة القائلة إن الحروب التي ستخوضها إسرائيل، سيما بعد حرب الخليج الثانية ‪،)1991/2/29 -1990/8/2(‬ ستكون متعلقة، أكثر من أي شيء آخر، بالجبهة الداخلية، والتي كانت بمثابة نبوءة عقب تلك الحرب، أصبحت واقعًا تجسد على نحو فعلي، مثال، في حرب 2006 على لبنان، وفي الحروب ضد قطاع غزة منذ ذلك العام أيضًا. وفي حني أن كل هذه الحروب حتى الحالية تأدى عنها ضرر جسيم لجبهة الطرف الثاني الداخلية، سواء اللبناني أو الفلسطيني، فإن الحرب الحالية ترتب عليها وألول مّرة ضرٌر ما زال مستمّرًا للجبهة الداخلية اإلسرائيلي­ة، وخصوصًا في منطقتي الحدود مع غزة ومع لبنان. ومـثــلــم­ــا كـــتـــب أحـــــد هــــــؤال­ء املــحــلـ­ـلــني فــــي صــحــيــف­ــة مـــعـــار­يـــف اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــة أمـــس :)2024/4/16( عايشت املستوطنات اإلسرائيلي­ة في منطقتي الحدود مع قطاع غزة ولبنان طوال الوقت واقعًا أمنيًا شديد الصعوبة والتعقيد، ولكن أيًا من سكان هذه املستوطنات لم يطرأ على باله يومًا أنه سيأتي وقت تكون فيه حاجة إلى إجالء مئات ألوف الناس من بيوتهم. وبرأيه، نجحت كل من إيران وحزب الله وحركة حماس في نقل الحرب إلى الجبهة اإلسرائيلي­ة الداخلية، على الرغم من الثمن الباهظ الذي تقوم إسرائيل بتدفيعهم إيــاه. وهو يشد ــا من سكان املستوطنات الشمالية الذين تم إجالؤهم لم يعد إلى منزله، وهم ال يعلمون متى سيعودون. وفي خضم ذلك كله يعرب الكاتب عن اعتقاده بأن من شأن هذه الحقيقة وحدها أن تسخف كل القادة السياسيني والعسكريني الذين يصورون الحرب الحالية انتصارًا إلسرائيل. ولعله ليس من قبيل املصادفة أن الكتابة في شأن الجبهة اإلسرائيلي­ة الداخلية تزامنت مع حالة الرضى عن الــذات إزاء نتائج الهجوم الصاروخي اإليـرانـي على األراضـي اإلسرائيلي­ة،فالتذكيربا­لوضعالقائم­فياملنطقةا­لشماليةهوّبمنزلةشوكٍةفي خاصرة هذا الرضى. هذه الشوكة هي التي سبق أن جعلت املحلل العسكري لقناة التلفزة اإلسرائيلي­ة 13 يعتمد عنوان «نضيع الشمال» لتعليقه املنشور قبل نحو شهر، واعتبر فيه أن الدولة أباحت الشمال. والعنوان نفسه: «نضيع الشمال» اعتمده ملحق يديعوت أحرونوت االقتصادي أمس، مشيرًا إلى أن سكان الشمال تلقوا أوامر إجالء من أماكن سكنهم قبل أكثر من نصف عام. ولم يكلف أحد من املسؤولني نفسه عناء تبليغهم متى يتوقع أن يعودوا. وأورد امللحق اإلحصائيات التالية: يبلغ عدد السكان الذين ما زالوا خاضعني ألوامر إجالئهم عن بيوتهم في الشمال منذ أكثر من نصف عام 63 ألفًا، وأعلن %40 منهم أنهم ال ينوون العودة إلى الشمال إطالقًا، وبدأوا ببناء حياة جديدة بعيدة عن مكان سكنهم األصلي. ووصل عدد البيوت واملباني في الشمال، التي لحقت بها أضراٌر من جّراء إصابتها على نحو مباشر بالصواريخ والقذائف التي جرى إطالقها من جنوب لبنان في اتجاه مستوطنات الشمال، إلى 400 وكذلك لحقت أضرار بمئات البيوت واملباني بسبب شظايا الصواريخ والقذائف التي جرى اعتراضها من أنظمة الدفاع الجوي اإلسرائيلي­ة وإسقاطها. فضال عن أن 15 ألف تلميذ وطفل تركوا املدارس واألطر التربوية األخرى، وانتقلوا إلى بدائل مؤقتة،

ا. وهذا كله من دون حساب الدمار الكبير الذي لحق بالشوارع واألرصفة والبنى التحتية... إلخ.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar