الالجئون السوريون في مرمى انفعاالت أحداث لبنان
في عاشلبنانالجئونفي خوف سوريون شديد إثر جريمة قتل منسق حزب «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل في 8 إبريل/ نيسان الجاري. وبينما تستمر التحقيقات يطرح السؤال حول أوضاع السوريين اليوم
عــــاد جـمـعـة لــهــيــب، وهــــو بـــاحـــث والجـــئ ســوري في لبنان منذ أكثر من 12 عامًا، إلى منزله في منطقة املنت، بعدما غادره ملـــدة ثــاثــة أيــــام إثـــر الــتــوتــر الــــذي أعـقـب مــقــتــل بـــاســـكـــال ســلــيــمــان، مــنــســق حــزب «الـــقـــوات الـلـبـنـانـيـة» فـــي مـنـطـقـة جبيل، والـــعـــثـــور عــلــى جــثــتــه فـــي ســـوريـــة فـــي 8 إبريل/ نيسان الجاري. لـم يتعرض جمعة إلــى أيــة اعـــتـــداءات أو تـــهـــديـــدات حـــضـــرت خــــال الـــتـــوتـــر الـــذي شـــهـــدتـــه مـــــدن وبــــلــــدات عـــــدة فــــي لــبــنــان، لـــكـــنـــه يـــــوضـــــح، فـــــي حـــديـــثـــه لــــ»الـــعـــربـــي الــجــديــد»، أنـــه غــــادر بـعـدمـا تـمـلـكـه، مثل باقي الاجئني السوريني الــذي يقطنون فـي مناطق املــنت وكــســروان وجبل لبنان التي شهدت توترًا، الخوف من تداعيات الجريمة عليهم. وفيما يتابع، من خال عمله باحثًا، أوضاع الاجئني السوريني فـــي لــبــنــان، يــشــرح جـمـعـة أن «الــاجــئــني الـــســـوريـــني فـــي مــنــاطــق املــــنت وكـــســـروان وجـــــبـــــل لــــبــــنــــان مــــــن مـــخـــتـــلـــف املـــــشـــــارب واملناطق السورية التي ال يمكن تحديد كـــونـــهـــا تـــقـــع تـــحـــت ســـيـــطـــرة الـــنـــظـــام أو املعارضة. وفي منطقة برج حمود بجبل لبنان املزدحمة بالدرجة األولــى بسكان من الطبقة الفقيرة، يوجد مثا سوريون مـــــن حـــمـــص وحــــلــــب والــــســــاحــــل وإدلــــــب وأكـــــــراد وغـــيـــرهـــم». وال يـــــزال الــغــمــوض يكتنف جريمة قتل سليمان، ومــن يقف وراء تنفيذها أو التخطيط لها أو حتى الــتــحــريــض عــلــيــهــا، لـــكـــن مـحـلـلـني يـــرون أن «انــتــمــاء الـضـحـيـة إلـــى حـــزب الــقــوات اللبنانية بـزعـامـة سمير جعجع املـؤيـد للثورة والحراك ضد النظام السوري، قد يضع الاجئني الذين يقيمون في املناطق الــتــي شــهــدت تــوتــرًا تـحـت آلـــة الــفــرز بني مؤيدي النظام السوري أو معارضيه». ويـشـيـر جمعة إلـــى أن «مـعـظـم الاجئني السوريني في املناطق التي شهدت التوتر األخير دخلوا لبنان من طرق التهريب، ما زاد الخوف لـدى كثير منهم إثـر الحادث األخير». ويقول لـ»العربي الجديد» حيان سالم (اسم مستعار لاجئ سوري) الذي يملك محا لبيع الدراجات وإصاحها في منطقة املنت التي اضطر إلى مغادرتها في انتظار استقرار األوضاع مجددًا في وقت قريب للعودة واستئناف الحياة بصورة طبيعية: «زاد االحتقان في املناطق تحرك أشــــخــــاص ذوي ســمــعــة ســيــئــة يـعـرفـهـم الـسـوريـون واللبنانيون مـعـًا، وينتمون إلى مجموعة جنود الــرب». يتابع: «بعد جريمة قتل سليمان هـدد شخص، وهو مـــتـــعـــاطـــي مـــــخـــــدرات وصــــاحــــب ســـوابـــق كــان أيـضـًا موظفًا فـي الـسـفـارة السورية بـلـبـنـان ويـــقـــود ســـيـــارة تــابـعــة لــهــا، عبر شريط فيديو نشر على منصات التواصل االجتماعي ومواقعه، السوريني، وأعطاهم مهلة ملغادرة منطقة برج حمود، ما يطرح تساؤالت عدة حول تصرفه». وفــــي مـنـطـقـة الـــدكـــوانـــة شــــرق الـعـاصـمـة
بــيــروت الـقـريـبـة مــن بـــرج حــمــود، اعـتـدى سكان على شاب سوري يعمل في ورشة خياطة حـني غــادر لتناول وجبة الـغـداء. ويـــقـــول قـــريـــب لـــهـــذا الـــشـــاب الـــــذي رفــض الـــتـــحـــدث لــــ»الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» حــــول ما تـــعـــرض لـــه، إن «صـــاحـــب الـــورشـــة، وهــو لـــبـــنـــانـــي، حـــــذر قـــريـــبـــي مــــن الــــخــــروج إال برفقته لتأمني حماية له. وبعد االعتداء عليه رفــض تقديم شـكـوى لجهاز األمــن اللبناني ألنــه ال يملك إقـامـة شرعية في الـــبـــلـــد». وبـــالـــعـــودة إلــــى الــبــاحــث جمعة يصف توتر مـا بعد قتل سليمان بأنها «فورة حصلت من دون تدخل حزب القوات الـلـبـنـانـيـة ضـــد الـــســـوريـــني. ونــفــذهــا قـلـة بدليل أنه عندما خرجنا من املنازل حزن جيراننا اللبنانيون، وطالبونا بالبقاء ووعدوا بحمايتنا، لكننا خرجنا ملحاولة درء الشر». ويذكر جمعة أن «عـددًا كبيرًا مــن الـاجـئـني الــســوريــني الــذيــن يقطنون فـــي املــنــاطــق الـــتـــي شـــهـــدت تـــوتـــرًا أخــيــرًا سـيـعـودون إلـيـهـا، خصوصًا أن األطـفـال يــنــتــظــمــون فــــي املــــــــــدارس. وقـــــد تــدخــلــت الــبــلــديــات وأصــــــدرت بــيــانــات اسـتـنـكـرت تهديد السوريني، كما جعلت أجهزة األمن اللبنانية مرتكبي االنـتـهـاكـات األخـيـرة يـتـعـهـدون كتابيًا بـعـدم تــكــرار أفعالهم، وبــــذلــــت قــــيــــادة الـــجـــيـــش والــبــطــريــركــيــة املارونية ومرجعيات من املشايخ جهودًا كبيرة لتهدئة األوضاع». وكـان حـزب «الـقـوات اللبنانية» استنكر، في بيان أصـــدره، التعدي على الاجئني الـــســـوريـــني، لـكـنـه أكــــد ضـــــرورة عـودتـهـم إلى بلدهم. وأورد البيان: «نـادت القوات اللبنانية منذ اللحظة األولـــى، وال تـزال، بــوجــوب عـــودة الـاجـئـني الـسـوريـني إلـى ديارهم بعدما استتب األمن فيها، سواء إلـى املناطق التي يسيطر عليها النظام أو املعارضة، ومـن ثم ال حجة الستمرار وجــــودهــــم فــــي لــــبــــنــــان». وشــــــدد الــبــيــان أيضًا «على أن املطالبة بعودة الاجئني السوريني إلـى ديـارهـم شــيء، والتصرف بـحـقـد وهـمـجـيـة ضــدهــم شـــيء مختلف. بـــعـــض الـــتـــصـــرفـــات الـــتـــي حــصــلــت عـلـى مواقع التواصل وأيضًا بعض املمارسات الـــتـــي نــشــهــدهــا عـــلـــى األرض مــرفــوضــة ومريبة شكا ومضمونًا وتوقيتًا، وبقدر مـا ندعو السلطات اللبنانية إلــى إعــادة الاجئني السوريني إلى ديارهم نستنكر الــتــعــديــات الـهـمـجـيـة الــتــي يـتـعـرض لها بــعــضــهــم». ويــعــلــق الــحــقــوقــي الـلـبـنـانـي نـــبـــيـــل الـــحـــلـــبـــي الـــــــــذي يـــهـــتـــم بـــقـــضـــايـــا الــاجــئــني الــســوريــني فــي لــبــنــان، بـالـقـول لـ»العربي الجديد»: «إثارة ملف الاجئني الــــســــوريــــني مــــجــــددًا أمـــــر مــفــتــعــل بــهــدف لفت االنتباه والتشويش على مجريات الــتــحــقــيــق وإحـــــــداث بـلـبـلـة أمــنــيــة تـفـوق حجم جريمة القتل». يتابع: «فـي مطلق األحـــــوال، تـقـع مـسـؤولـيـة الـتـصـدي لهذه املــحــاوالت وحماية املـواطـنـني واملقيمني على عاتق الحكومة اللبنانية وأجهزتها األمنية، لكننا اعتدنا قبل انعقاد مؤتمر بروكسيل السنوي ملانحي سورية املقرر في مايو/ أيار املقبل أن تخرج أصوات في لبنان تطالب بإعادة الاجئني السوريني إلى بلدهم، أو فتح منافذ بحرية أمامهم لـلـهـجـرة الــســريــة بــهــدف ابـــتـــزاز املجتمع الدولي ودول االتحاد األوروبي تحديدًا». ويرى الحلبي أن «حل اإلشكاالت الخاصة بالاجئني السوريني يتمثل في تشكيل الحكومة اللبنانية لجنة خاصة ملعالجة املــلــف تــضــم مــســؤولــني مـــن جــهــاز األمـــن العام وممثلني للمفوضية العليا لشؤون الـــاجـــئـــني ومــنــظــمــات املــجــتــمــع املـــدنـــي، وتكليفها تصنيف السوريني فـي لبنان بــني الجـئـني مـعـارضـني ومهجرين قسرًا يجب حمايتهم وإدراجـــهـــم ضمن قوائم املـفـوضـيـة، وبـــني مـهـاجـريـن اقتصاديني ال مـشـكـات لـديـهـم مــع الـنـظـام الــســوري، والـــذيـــن يــجــب أن تـشـطـب أســمــاؤهــم من قوائم مفوضية الاجئني، إذا كانت مدرجة فيها. أيضًا يجب أن تستوفي الحكومة الـلـبـنـانـيـة مــن املــوجــوديــن فــي أراضـيـهـا رســــوم إجـــــازات الــعــمــل وغــيــرهــا بحسب قانون العمل وشروط مكتب االستخدام، أو ترحيلهم في حال لم يمتثلوا لإلجراء ات الــقــانــونــيــة». ويــؤكــد الـحـلـبـي أن «غربلة الـوجـود الـسـوري في لبنان ستكشف أن عدد الاجئني السوريني ال يتجاوز 800 ألـف، في حني أن العدد األكبر هم دخلوا لبنان بسبب األزمة االقتصادية في بلدهم، وذلك بمساعدة عصابات تهريب ترتبط بحزب الله اللبناني والفرقة الرابعة في الجيش السوري، وكاهما يسيطران على املنافذ البرية غير الشرعية بني البلدين». ويعيش في لبنان نحو 1.5 مليون الجئ سوري، منهم نحو 950 ألفًا مسجلون لدى مفوضية األمم املتحدة لشؤون الاجئني. ويعاني الاجئون السوريون في لبنان أوضـاعـًا معيشية سيئة جــدًا، إذ يعيش 9 من كل 10 منهم في فقر مدقع. وتصل نسبة عـائـات الاجئني الـسـوريـني التي تعاني انعدام األمن الغذائي إلى نحو 49 في املائة، في حني تعيش 60 في املائة من العائات في مساكن مكتظة أو معرضة لخطر أو دون املـعـايـيـر املـطـلـوبـة، وذلــك بحسب ما تفيد وكاالت ومنظمات دولية.